السلام عليكم أحببت أن أروي لكم ما جال في خاطري في يوم من أيام الخريف..
كنت في طريق السفر في رحلة عائلية مع عائلتي فإذا بأخي ينتبه"حان وقت الصلاة" فصرنا ننظر
حولنا فإذا بطريق ترابي فرعي عبر الغابة ، دخلنا فيه و جلسنا تحت الأشجار .. يا سبحان الله !
لم تكن معنا سوى سجادة واحدة للصلاة .. إذاً نصلي بالتناوب .. و من ثم نكمل طريقنا ..
بينما أنتظر تأملت المكان حيث جلست ووالدتي بين الحشائش .. قرب الأشواك .. راقبت الغيوم ..
سمعت صوت الطبيعة .. و الشمس تلعب معي ، فإذا بي آخد كيس الموالح لاقتراب موعد
الغداء و لم نكن قد قررنا بعد ماذا سنطبخ .. و بعد أخذي نجموعة من الفستق .. وقعت إحدى حبات الفستق على التراب ..
مازلت أتأمل المكان فإذا بنملة صغيرة أمامي أخذني الفضول لمتابعتها .. أخذت تصارع للإمساك بالحبة ..
لقد دققت فيها .. بحثَتْ عن طرف سهل لتمسك بها و تجرها .. وجدت المكان الملائم و قد أحكمت القبض عليها بكلابيها .. سبحان من هداها!
و مما شد انتباهي أن هذه النملة جرّت الحبة عدة سنتيمترات و تركتها .. فقلت في نفسي "أفقدت الأمل لوعورة المكان بالنسبة لها!؟"
تابعتها عيناي حتى حامت حول منطقة محددة و دارت حتى اختارت المكان الأسهل للمرور و عادت
إلى الحبة و أحكمت مسكها و مشت في آخر طريق سلكتها من تلك المنطقة .. و أسهل طريق!!
كررت هذا الأسلوب عدة مرات .. حازت على إعجابي .. سبحان الخلاق !
من أصغر مخلوقات الله و تتصرف بحكمة أكثر من الإنسان .. ترسم الطريق .. خطوةً خطوة .. هناك هدف ..
أين نحن من غريزة هذه الحشرة !! هل نطبق هكذا قوانين للنجاح؟!
شباب هذه الأيام متسرعون.. يعتقدون الحياة سهلة أو أنها دون عقبات .. لا تخطيط .. لا تنظيم .. المهم حالياً التسلية.. إضاعة الوقت ..
لا .. للدراسة !
لا .. للفائدة الدينية و الأخلاقية !
هذا وقت الخروج مع الأصدقاء .. هذا الوقت لسماع ما يصم القلب عن سماع الحق .. هذا الوقت
لمخالفة آراء الأهل و لو كنا نعلم أنها صائبة بحجة اخترعها الغرب و صورها في عقولنا بأسوأ ما يمكن (المراهقة) ..
و النتيجة لا .. للهدف !
حقاً .. من أشد ما يثير الحزن عدم وجود هدف في حياة شبابنا .. كيف يعيشون؟! .. لماذا يعيشون ؟!
الجواب: ليس الآن.. فيما بعد سأقرر .. ما زلت طفلاً .. "تركوني عيش"..!!!!!!
لنتعلم من نملة .. طريق نملة .. طريق حياتنا .. خطة حياتنا .. الهدف ..
إخوتي .. هذه مجرد نملة .. كيف بنا نحن البناة الحقيقيون لهذه الحياة!! نحن من خلق الله تعالى الحياة لنا .. و لا فائدة لوجودنا دون هدف ..
هذه رسالتي لكل من لم يجد هدفاً يعيش لأجله .. نظاماً .. مبدأً ينطلق منه أسلوب حياته العام ..
كتبت هذه الرسالة فإذا بي و قد حان دوري .. فانتبهت من سكرة التأمل .. و عدت إلى حيني .. و انطلقت لخطاب ربي و حمده على ما سخر لنا..
المفضلات