قال الله تعالى:
((وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))
اتفق المفسرون بشتى طوائفهم على أن هذه الآية نزلت على الرسول الكريم تمدحه على خلقه وآدابه مع كل الخلق :
في هذه الآية نرى أن الله سبحانه وتعالى خاطب رسول الله بقوله { وَإِنَّكَ }أي بمعنى إن خلق رسول الله هو اكتسابي لهذا خصه الله هو لوحده ولم يخص معه أحدا من البشر في الآية وكلمة { خُلُقٍ} هي الكلمة النفسانية التي تصدر عنها الأفعال لهذا نجد أن الرسول الكريم امتدح نفسه أكثر من مرة وفي الرواية الواردة عنه { إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق} ولو تأملنا في القرآن الكريم لوجدنا أن الرسول محمد هو الوحيد من بين كل الرسول والأنبياء الذي جمع كل العلوم وجمع كل الصفات وجمع كل الثناء من قبل الساحة القدسية وهو إنما مدح لأنه تخلق بأخلاق القران الكريم وتأدب بآدابه فما أحسنه وأحلاه أن يكون خلق الرسول محمد عظيما عند الله ولا عظيم فيمن سواه تعالى ألا وهو صغير بجنب الله ما احراه (ص) أن يستعظمه به إلى ما أراد بقوله له { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }إذا فخلق الرسول هو منتهى ما أراد الله سبحانه وتعالى ولو كان هناك كلمة أجلى وارفع من هذه لقالها الله سبحانه وتعالى في حق الرسول وهو معنى الرحمة الإلهية والآية انك بمعنى أنت ولا سواك وهي تعلوه على كل الخلق في هذه الصفة علوا مؤكدا فلقد كان رسول الله قلبه والقرآن كالمزيج الواحد حيث تتجلى كل صفات الخير والصلاح والصبر والتقوى من القران إلى قلبه ومن قلبه إلى كل البشر فهو القائل عن نفسه أنا القرآن والسبع المثاني وروح الروح لا روح الأواني فكيف لا يكون عظيما وقد تجلى القرآن في قلبه وتتردد هذه الشهادة الإلهية والوسام في الملا الأعلى بين النبيين والملائكة في كلمة لا يعرف مداها ولا صداها إلا قائلها وهو الله سبحانه وتعالى ثم نجد الرسول هو المخلوق الوحيد القادر على تحمل هذه الصفة والوسام الإلهي إنما الرسالة المحمدية قامت على هذه الصفة والميزة وهي الأخلاق وليست هذه مبالغة لأنه طالما كانت الأخلاق تشمل الفضائل العقائدية والفضائل السلوكية ولطالما اختصت لغة الأخلاق بزاوية خاصة وهي السجايا الفاضلة المدركة بالبصيرة ومن ثم الظاهرة بالبصر فالأخلاق معنى عام وآخر خاص والأول هو المني من غاية البعثة المحمدية تكميلا والثاني هو المعنى الخاص وهكذا كان الرسول الذي تتحرك أخلاقه في عمق رسالته وتنطلق إنسانيته في ساحة مسؤوليته وتلتقي بكل الآفاق الروحية في أبعاد حركته وبهذا كان التجسيد الحي لكل أخلاقية الرسالة حتى تحول إلى قران يتحرك بين الناس ليقدم الفكرة بالكلمة الطيبة ويعمق الكلمة بالقدوة فكانت كلماته رسالة وكانت أفعاله شريعة وكان خلقه الرسالي الروحي في خشوعه لربه في كل ابتهال في سبحات الصلاة والدعاء من ابتهال وجدانه وأما ما وصفه به الخالق سبحانه وتعالى بخاتم النبيين فمعناه أن محمدا بلغ من صفات الكمال ما لم يصل إليه إنسان بل وحتى يوازيه فيها بشر أو مخلوق وكما في الرواية
الواردة عن أهل بين العصمة (( أن الله خلق الخلق أصنافا وجعل من كل صنف أخيارا ومن لأخيار الصفوة وهم الأنبياء ومن الأنبياء الخلاصة وهم أولو العزم ومن الخلاصة خلاصتهم وهو محمد الذي لا يتكاثر ولا يقاوم )) وفي الختام نسأل الله أن يمن علينا ببعض صفات الرسول العظيمة لكي تضيء لنا طريق حياتنا .
ودمتم بألف خير
المفضلات