بسمه تعالى
هل كان الإمام علي (ع) يتختم بخاتم ثمين؟
نقرأ في الآية 55 من سورة المائدة
(إنماء وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)
فحسب ما ورد من الروايات المتواترة عن الفريقين, أن الآية المذكورة نزلت في شأن أمير
المؤمنين (ع) وكدليل على ولاية وقيادة الإمام (ع) للأمة بعد رسول الله (ص).
عندما كان الإمام(ع) يصلي في المسجد وفي حال الركوع, قدم فقير إلى المسجد وأخذ يسأل,
فلم يقدم أليه أحد من الجالسين شيئا, فأشار الإمام (ع) وهو في ركوعه إلى خاتمه في يده
اليمنى فاقترب منه السائل وأخرج الخاتم من إصبعه الشريف , فنزلت الآية في مدحه.
((انظر للمشككين والمتأثرين بثقافة الأمويين ))
المشكك: لقد سمعت أن الخاتم الذي تصدق به الإمام (ع) كان ثمينا للغاية, وفي بعض الكتب كتفسير البرهان: (ج1ً485 ) إن فص هذا الخاتم يعادل 5 مثاقيل من الياقوت الأحمر, أي بقدر ماليات الشام.
فمن أين جاء الإمام علي (ع) بهذا الخاتم؟ وهل كان يسعى في طلب زخارف الدنيا؟أوليس التختم بمثل هذا الخاتم يعد إسرافا؟من ناحية أخرى, لا نصدق هذه التهم في شأن أمير المؤمنين(ع), لأن أكله وملبسه ومسكنه وسائر شؤون حياته من البساطة بحيث كان يقول:
((فوالله ماكنزت من دنياكم تبرا ولا ادخرت من غنائمها وفرا والخ ..))
إذن أليس هذا تناقض بين الأمرين؟
عالم الدين: هذه الاتهامات حول الثمن الباهظ لخاتم علي (ع) ليس لها أساس من الصحة , ووردة روايات كثيرة في شأن نزول الآية 55 من سورة المائدة وكلها تشير إلى عدم وجود هذا النوع من الخاتم, سوى في تفسير البرهان فقد ذكر هذه الرواية وأن ثمنه بقدر خراج الشام,وهذه الرواية مرسلة (أي لم يذكر فيها جميع الرواة) – فيظهر ضعفها وعدم اعتبارها, ويوجد احتمال كبير أن هناك أيدي مرموزة وخائنة في عصر معاوية , اختلقت تلك الأحاديث من أجل الخدش والتقليل من شأن الإمام علي (ع).
المشكك: بصورة عامة لأبد أن ذلك الخاتم كان له ثمن باهظ بحيث يكفي لإشباع فقير, وإذا لم يكن له قيمة مالية, فهو لا يكفي لتأمين وإشباع فقير ليوم واحد!
عالم الدين: على فرض أن للخاتم ثمنا باهظا, فقد جاء في التاريخ أن هذا الخاتم كان لأحد المشركين يدعى ((مروان بن طوق )) وفي أثناء الحرب غنمه الإمام (ع) منه بعد قتله, بعتباره من الغنائم الحربية حتى أمر النبي (ص) عليا(ع) أن يختاره من تلك الغنائم مع علم النبي(ص) بأمانة علي (ع) في حفظه, حتى تأتي الفرصة المناسبة للتصدق به إلى الضعفاء والفقراء فالإمام (ع) لم يشتري ذلك الخاتم, ولم يبق عنده كثيرا إذ سرعان ما تصدق به عند سماعه صوت المسكين.
المشكك: نقل أن الإمام علي (ع) كان له حضور قلب في الصلاة بحيث يذوب فيها, فعندما أصاب السهم قدمه الشريف في معركة من المعارك الإسلام مع الكفر, ولم يمكن إخراجه, قالت فاطمة(ع) أخرجوه في حال صلاته فإنه لا يحس بما يجري عليه حينئذ .... فكيف يتوجه أو ينشغل بصوت الفقير حين ركوعه للصلاة ومن ثم يتصدق بخاتمه؟!!
عالم الدين: الذين يوردون هذه الإشكالات, قد غفلوا عن هذه المسألة, وهي أن سماع صوت المسكين, ومساعدته ليس انشغالا بنفسه, بل توجه محض إلى الله. فعلي(ع) كان يتجرد في الصلاة عن ذاته, ويذوب في ذات الله سبحانه وتعالى وأن الغفلة عن خلق الله في الواقع غفلة عن الله سبحانه وتعالى.
وبعبارة أخرى إن عطاء الزكاة أثناء الصلاة,عبادة في ضمن عبادة , فالذي لا ينسجم مع روح العبادة هو الانشغال بالمسائل المادية والشخصية, أما الالتفات إلى رضا الله,فينسجم تماما مع روح العبادة ويؤكدها, فالانشغال التام في الله, ليس معناه أن الإنسان يفقد إحساسه,بل يصرف النظر عن جميع الأمور الدنيوية التي تصرف اهتمامه عن رضا الله سبحانه وتعالى.