بكم تشتري وقتاً ؟
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله و من والاه، أما بعد.. ،
مجرّد قصة
يُروى أنه كان هناك رجل أمّيٌ يعمل سباكاً ، يساعده صبيٌ ، في أحد أيام العمل المزدحمة بالمشاغل دخل رجلٌ محل السباكة
و طلب من السباك (المعلّم) أن يأتي إلى شقته الجديدة لإجراء أعمال السباكة ، و أعطى الرجلُ السباكَ عنوان الشقة و مفتاحها
و كانت الشقة في الدور الخامس عشر في إحدى البنايات ، في اليوم التالي و أثناء تنقل السباك في المدينة وجد نفسه قريبا من عنوان الشقة
فقرر أن يذهب فيؤدي ما عليه من عمل فيها و كان الصبي برفقته ، فلما وصلا البناية وجدا أن مصعدها الكهربي مُعطّل !!
فقررا الصعود على السلّم ، و بدأت الرحلة الشاقة إلى الأعلى برفقه العدّة الثقيلة ، و عندما وصلا للدور الرابع عشر
قرأ الصبي لوحة كتب عليها رقم الدور لكنه تذكّر شيئاً ، فقال لمعلّمه أنّ لديه خبرين أولهما سارٌ و الآخر سيّء ،
فطلب منه المعلّم أن يعجّل له بالسار و يؤجل السيئ ، فأخبره الصبي أنه لم يتبقَّ لهم إلا دورٌ واحد قبل الوصول إلى الشقة ، فسُرَّ السباك للخبر ،
فلما وصلا قال المعلّم للصبي افتح الباب، فقال الصبي: إن الخبر السيئ الذي أجلناه .. هو أننا لم نحضر معنا مفتاح الشقة !!.
الوقت ضيق
إننا كثيرا ما نتأفف من ضيق الوقت و نشكو سرعة انقضائه و من زيادة الأعمال على الأوقات ، و قد يكون هذا صحيحاً ، لكن لحظة من فضلك ..!!
فالأمر نسبيٌ و لا شك ، فأن يضيق وقتك عليك بخمس دقائق مختلفٌ تماما عن كونه يضيق بخمس ساعات أو خمس أيام ،
و أن تؤدي 90% مما عليك من أعمال يختلف تماما عن كونك لم تؤدّ إلى 50 أو 40% منها ، ألا تشاركني الرأي؟.
وقتٌ للبيع
أحبابنا : لطالما حلمنا و تمنينا أن نجد من يبيعنا شيئا من وقت ، و حينها سنكون على أتم الاستعداد للشراء بأغلى ثمن ..
سواء أكان البيع بالجملة – بالدقائق- أو حتى بالمفرّق - بالثواني- ، أليس كذلك ؟ .
إن الخبر السار الذي أحب أن أخبركم به الآن و أنتم تقرءون هذه السطور أنه أصبح بإمكانك منذ اليوم أن تشتري من الوقت ما تشاء ..!! ،
فبكم تشتري الدقيقة ؟.
ادفع تخطيطا .. تقبض وقتا
يقولون أن كل دقيقة نقضيها في التخطيط تقلل الوقت المطلوب للعمل بمعدل 4:1 ، ماذا يعني هذا ؟
هذا يعني أنه إذا قضيت عشر دقائق في التخطيط للقيام بعمل ما فإنك ستوفر من الوقت أربع أضعافه
أي -40 دقيقة- إضافية كنت ستستهلكها للقيام بنفس العمل لو لم تخطط له ، و بالتالي فإن15 دقيقة تقضيها يوميا للتخطيط لأعمال يومك
ستؤثر بقوة على عدد المهام التي تنجزها يوميا.
و كثيرا ما يقول الناس أن التخطيط مضيعة للوقت لكن هل هذه الحقيقة ؟ ، برأي أن الحقيقة مخالفة لذلك و هذا لأن التخطيط يمنحك مزيداً من الوقت..!
فلو خطط صاحبنا – السباك- لأعمال يومه لما تحمل عبء صعود السلّم و حمل العدة دون جدوى و لما اضطر للعودة مرة أخرى في وقت لاحق
لأداء نفس العمل الذي كان من الممكن أن يؤديه من أول مرة ، لذلك يقولون "إذا فشلت في أن تخطط فقد خططت للفشل" ،
فإن عدم مقدرتك على التخطيط أو عدم رغبتك فيه لهو أول خطوة نحو الهاوية و ليس نحو القمة ، نحو الفشل و ليس نحو النجاح ،
نحو إضاعة الوقت و ليس نحو كسبه ، و هذا مالا تريده أنت و لا أنا و لا يريده أي عاقل في هذا الكون الجميل .
درسٌ نبوي في التخطيط
و قد أراد الله و رسوله (ص) أن يعلمونا درساً من الهجرة إلى المدينة المنورة فلم يعتمد (ص) على تأييد الله له و نصرته -
وهو القادر أن يُسري به ليلاً أو نهاراً إلى المدينة كما أسرى به من قبل إلى المسجد الأقصى- ،
لكنه (ص) أراد أن يعلمنا كيف نشتري وقتاً؟ كيف نحقق نجاحاً؟ ، إنه التخطيط ، فقد أعد النبي (ص) ناقتين من قبل أشهر للسفر ، و خرج في وقت الهاجرة
وقت غفلة قريش و خرج من باب خلفي في بيت أبو بكر ، و أجلس مكانه عليّ و كلف من يجمع له المعلومات و من يأتي له بالطعام
و من يسقيه الحليب و من يخفي أثر الأقدام ، و خطط للطريق الذي سيسلكه في السفر و اختار دليلا ثقةً لألا يحيد به الطريق إلى غير هدفه .. إلخ ،
إنها سنة مباركة تعلمنا التخطيط و شراء الوقت و حسن استغلاله ثم التوكّل على الله .. فهل نتأفف و نشكو قلة الوقت و ضيقه بعد ذلك؟ .
ماذا نفعل؟؟
إن سعينا وراء مزيد من الوقت و من إنجاز الأعمال و من النجاح سرعان ما يتحقق إن وضعنا جدولاً لأعمال عامنا و شهرنا و أسبوعنا، و جدولا زمنيا
لأعمال يومنا نكتبه في ورقة مكتب صغيرة آخر كل ليلة لليوم التالي ، ثم نضعها في جيبنا أو على مكتبنا ، حينها تكون قد دفعنا الثمن و في الغد نستلم البضاعة و قد ربح البيع !! .
أتمنى أن ينال على أستحسانكم ،،،
منــــــــــــــــــــــــــقــــــــــــــــــول.
المفضلات