بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وال بيته الطيبين الطاهرين



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الاعتراف الايجابي



قد يستسلم الانسان في حياته الى رغبة ملحة تضغط عليه , وتدفعه تحت عبء الضمير المثقل الى الاعتراف بنواياه السيئة , وافعاله الشريرة , وخططه الشيطانية تجاه نفسه وتجاه الاخرين كوسيلة من وسائل تجسيد الاحساس بالذنب في داخل النفس , ليتعاظم بذلك الشعور بالندم .



وهنا يقف الانسان بين الاعتراف للخالق , وبين الاعتراف للمخلوق

ويأتي دور الدعاء ليحقق للانسان اختيار الاعتراف لله لعدة اسباب :


1_ انه باعترافه لله لا يكشف سره لاحد , فهو مع الله مكشوف بكل اعماله ونواياه , فلا يزيده الاعتراف انكشافا امام من يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور , بينما يمثل الاعتراف للمخلوقين انسحاق شخصيته امام افتضاح سره


2_ ان الغاية من الاعتراف هي الوصول الى تصحيح الخطأ وفتح صفحة جديدة , وهذا ما يكفله الدعاء الذي يمثل الاعتراف لله الذي هو الملاذ والمرجع للمغفرة والعفو والرضوان . اما الانسان _ اي انسان كان _ فلا يملك اي شي من هذا , حتى الانبياء والاوصياء الذين لا يملكون الشفاعة الا لمن ارتضى الله , ولهذا فلا يحقق الاعتراف للانسان اي هدف .


3_ انه باعترافه لله اقدر على تحليل ذاته , ودوافعه , وتفصيل اعماله واحواله , بكل جوانبها ومظاهرها , لانه يشعر بحرية الاعتراف بعيدا عن الملابسات الذاتية والاجتماعية , بينما يشعر الانسان امام الانسان الاخر بكثير من الملابسات التي تحول بينه وبين الافاضة بكل شي , مما قد لا يتحمل الاخر سماعه او لا يرضى المعترف باظهاره لاحد.


4_ تحقيق عملية النقد الذاتي بشكل افضل , فالانسان يشعر مع الدعاء بان ارادة التغيير نابعة من داخل الذات , لا من ضغوطات خارجية تمارس المواعظ والنصائح والتهديدات .



ان الدعاء يوحي للانسان انه هو وحده يريد ان ينقد ذاته ليغيرها الى الافضل . وهذا ما يجعل المهمة اكثر انسجاما مع النفس واكثر التقاء بالاهداف .


وقد حفلت الادعية الماثورة عن ائمة المسلمين بالكثير من اساليب الاعتراف التي يبرز فيها الانسان بكل جرائمه وشروره وخطاياه امام الله , في محاولة للانطلاق منها الى عالم من الفضيلة جديد .




فلنتجه جميعا الى خالقنا ونفتح قلوبنا ونسلم امرنا ولنستمتع بالحاله الروحانية التي تنبع من التوجه والتوكل على الله



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تحياتي للجميع


اختكم ام محمد