بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين سيما أم أبيها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين فاطمة الزهراء الطاهرة المطهرة من الأرجاس00رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي،وبعد00
أيها المؤمنون الصابرون في هذا العصر العصيب00مما لا شك فيه ولا ريب أني لست أهلا لبيان مقام سيدتنا الزهراء-عليها الصلاة والسلام-عن طريق الدليل،ولكني أنقل لكم ما ذكره آية الله شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم- قدس الله نفسه الزكية – في كتابه(الإمامة وأهل البيت عليهم السلام00النظرية والاستدلال)من فصله الثاني:[الإمامة في أهل البيت عليهم السلام]تحت عنوان:
{المرأة والإمامة}00
فإنه -أعلى الله مقامه- يقول بعد أن ذكر رواية أو أكثر في فضل الصديقة الزهراء عليها الصلاة والسلام وصرح بأسماء بعض المصادر في ذلك- وكلها من طرق جمهور عامة المسلمين – ومنها ما في كتاب(صحيح البخاري)ج4ص248وما في (المستدرك على الصحيحين)ج3ص156:
ورد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال - وهو في مرضه الذي توفي فيه-:
{يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ،وسيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء المؤمنين؟}0وقبل هذا سرد- رضوان الله عليه- أبعاد الإمامة التي توفر عليها الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام ودونك نص كلامه – زيد في الخلد مقامه- ص24-25-26:
[000يمكن أن نلخص أبعاد الإمامة في نظر أهل البيت عليهم السلام ،بحيث تمثل نظرية الإمامة في مدرسة أهل البيت :
الأول:
بعد الاصطفاء والاجتباء والاختيار من قبل الله تعالى للإمام ،كما هو الحال في النبوة – أيضا – وذلك من أجل القيام بالمهمات الخاصة التي اصطفى الله سبحانه وتعالى من أجلها الأنبياء والأولياء ،والتي أشار إليها القرآن الكريم في مواضع عديدة مثل الشهادة والهداية وإبلاغ الرسالات والبشارة والإنذار والتزكية والتعليم وإقامة القسط والعدل بين الناس0
ولكن الإمامة في هذه الحالات التي تنفصل فيها عن النبوة قد تكون أدنى من النبوة في بعض هذه المجالات ،كمجال إبلاغ أصل الرسالة الإلهية عن الله تعالى ،ولأنها ميزة النبوة ،وهي أرقى من النبوة في بعض المجالات الأخرى كالتزكية والتعليم وإقامة القسط والعدل بين الناس 0
وهذا البعد يمكن أن نفهمه من الجعل والاصطفاء للأنبياء ،كما ذكرنا سابقا0
الثاني:
الاستمرار والامتداد لمهمات الرسالة الإلهية،عندما لا يتسع زمان الرسول صاحب الشريعة للوفاء بالقيام بمهماته كاملة،لأن عمر الرسول عادة يكون أقصر من عمر الرسالة ،وبذلك قد تستمر الرسالة من خلال الأنبياء التابعين للأنبياء أولي العزم ،أو من خلال الأئمة عندما تنقطع النبوة ،كما في الرسالة الخاتمة،أو عدم الحاجة إليها في بعد الإبلاغ0
ويمكن معرفة هذا البعد من آية (إمامة إبراهيم عليه السلام)،فيما تبادر إلى ذهن إبراهيم عليه السلام من بقاء الإمامة واستمرارها ،مما أثار السؤال عن استمرارها في ذريته،حيث جاء الجواب الإلهي مؤكدا لذلك،كما سوف نشرحه في توضيح النظرية0
الثالث:
الامتياز بالعلم والأخلاق والصفات الروحية المكتسبة – عادة- من خلال الممارسة والتجربة والامتحان والابتلاء،بحيث يكون المتقدم في ذلك على أهل زمانه فهو أعلمهم وأفضلهم في صفات الكمال0
وليس من الضروري أن تكون هذه الصفات مكتسبة،بل قد تكون منحة إلهية – كما سوف نشير- ولكن من الضروري أن تكون ثابتة فيه ،ليكون مؤهلا لهذه الإمامة 0
وهذا البعد يمكن أن نستفيده مما أشارت إليه الآية وغيرها ،من أن هذا الاستحقاق بسبب هذا التأهيل:(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما 000)،إذ يفهم منه أن الابتلاء بالكلمات كان السبب في هذا الجعل والتأهيل له0
وكذلك ما ورد من قوله تعالى :(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا000)،حيث يفهم منه أن الصبر كان وراء هذا الاستحقاق0
ويؤكد ذلك – ما يفهم من الآية – ورود التصريح به في روايات أهل البيت عليهم السلام،من أن الإمامة أعلى درجة من النبوة0
الرابع:
الولاية والحكم والإدارة لشؤون الناس ،لإقامة الحق والعدل والقسط بينهم ،لأن من يتقدم الناس في هذا الأمر ،ويتصدى له منهم ويتحمل مسؤوليته بالاصطفاء الإلهي له،لا بد أن يكون مستحقا لهذه الولاية والإدارة والحاكمية0
وهو بعد يمكن أن نستنبطه من الآية الكريمة،ومن الآيات الأخرى التي أكدت وجوب الطاعة للرسول ولأولي الأمر،وذكرت قيام الناس بالقسط والحكم فيما يختلفون هدفا لإرسال الرسل وبعثة الأنبياء ،قال تعالى:(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط00)0
وقال تعالى:(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه000)0
الخامس:
وجوب الحب والولاء والمودة الخاصة والتقديس والتعظيم للإمام بما يتناسب مع مواصفاته الإيمانية الممتازة ومسؤوليته الإلهية الخطيرة،كما تشير إلى ذلك الآيات الكثيرة التي دلت على حب الرسول ،وأنه حب لله تعالى وولائه وتقديسه وتعظيمه000
السادس:
أن الإمامة والإمام يمثل التكامل الإنساني في مسيرة البشرية، والهدف الذي خلق الله الإنسان على الأرض من أجل تحقيقه والدرجة العليا في المصير الأخروي ،وهو ما تشير إليه الآية الكريمة وتذكره بصورة أوضح آية جعل الخلافة على الأرض،في قوله تعالى:(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة000)،وكذلك الآيات التي تتحدث عن السبب في خلق الإنسان والجن،قوله تعالى:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)0
وذلك لأن الإمام هو الذي يتقدم مسير الإنسانية كلها ليهديها إلى هذه الأهداف،فلا بد أن يكون المثال الكامل الذي نقتدي به في هذا الطريق0
إن هذه الأبعاد التي يمكن أن نستنبطها من القرآن الكريم تمثل أبعاد نظرية أهل البيت عليهم السلام]0
هذا00ثم يفيض علينا سماحته في(ص238(:
[الملاحظة الثالثة:إن الشيء المهم الذي لا بد أن يتابع في هذه الروايات هو :أن موقع الصديقة فاطمة الزهراء من الإمامة هل هو مجرد أنها امرأة مقدسة طاهرة ذات مواصفات عالية،في الوقت نفسه هي بنت النبوة وزوجة الولي وأم الأئمة الأطهار أو أن للصديقة موقعا أعظم وأعمق من ذلك؟
وفي مقام الجواب نلاحظ أن هذه الروايات بمجموعها تشير في مضمونها إلى وجود أبعاد الإمامة في الصديقة فاطمة عليها السلام وهي الأبعاد الستة التي تحدثنا عنها في نظرية الإمامة0]0
أقول:-أيها الأحبة -أكتفي بذكر ما يرويه البخاري في صحيحه- وسيأتي في حلقاتنا(ذكرى00أعتز بها)مزيد توضيح لذلك- في الجزء الخامس ص210:
عن رسول الله صلى الله عليه وآ له وسلم أنه قال:{فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني}وفي الجزء السادس ص158قوله صلى الله عليه وآله وسلم{فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها}0
أفترون – يا أعزائي – أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو(ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى)أفترونه يغضب لغير الله تعالى ؟!أو يتأذى لشيء في غير معصيته سبحانه؟!
فما دام لا يفعل ذلك إلا لله – بمقتضى هذين الحديثين – فلن يغضب إذا غضبت فاطمة إلا إذا كان غضبها لله أيضا،ولن يتأذى إلا إذا كان تأذيها في الله تعالى،و لعمري إن هذا لهو غاية العصمة والطهارة الروحية والقرب من الله تعالى 00أن يكون الإنسان في كل حركاته وسكناته مستسلما للباري عز وجل 00يرضى لرضاه ويسخط لسخطه،وهذا ما اكتنزت عليه شخصية مولاتنا فاطمة الزهراء صلى الله عليها ورزقنا شفاعتها وبقية المعصومين الطاهرين0
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا00
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما إمام الزمان0
نسألكم الدعاء بعافية الدين والدنيا0
المفضلات