سلوني قبل أن تفقدوني
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
سلوني قبل أن تفقدوني فوا لله الذي فلق الحبة وبرا النسمة لو سألتموني عن أية في ليل أنزلت ,
أو في نهار أنزلت ,مكيها ,ومدنيها ,سفريها وحضريها ,ناسخها ,ومنسوخها,محكمها,ومتشابهها,تأويلها وتنزيلها لأخبرتكم
فقام إليه رجل يقال له :ذعلب وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب شجاع القلب فقال :
لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبه لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه فقال :يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك ؟
قال :ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي اعبد ربا لم أره
قال :فكيف رايته صفه لنا؟
قال :ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد,ولا بالحركة ,ولا بالسكون ولا بالقيام قيام انتصاب,
ولا بمجي ولا ذهاب ,لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ,عظيم العظمة ,لايوصف بالعظم ,كبير الكبرياء لايوصف بالكبر ,جليل الجلالة لايوصف بالغلظ
,رءوف الرحمة لايوصف بالرقة,مؤمن لا بعبادة مدرك لابمجسة ,قائل لا باللفظ,هو في الأشياء على غير ممازجة ,خارج منها على غير مبائنه ,فوق كل شي فلا يقال شي فوقه ,وأمام كل شي ولا يقال له أمام,داخل في الأشياء لا كشي في شي داخل ,وخارج منها لا كشي من شي خارج.
فخر ذعلب مغشيا ثم قال :تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت إلى مثلها.


المصدر: كتاب سلوني قبل أن تفقدوني