كلام جميل منك أختي شمعة تحترق ووصف رائع لتلك التربية الولائية التي يجب أن نربي فيها جندى من جنود قائم آل محمد ص ولكن لو تأملنا في لب الموضوع كأن أختنا أمل الظهور تبحث عن طريقة لتربية الابناء وتكون هذه التربية ولائية 100% فصاغت السؤال بطريقة توجهنا إلى ما أرادته ... إن شاء الله كلنا جنود لصاحب الطلعة الرشيدة ولكن في إعتقادي أنه حتى ولو لم يقدر لابني أن يكون ذلك الجندي فإننا لا يجب أن نترك تلك التربية الولائية لابنائنا ... ماهي التربية؟ هل هي نوع من نكران الذات لاجل أبنائنا فإن كانت كذلك هل نحن مستعدون لمثل هذه التضحية ... بمعنى هل بإمكاننا أن ننسى كياننا لاجل أبنائنا ؟! هذا سؤال قائم ... أمر آخر أليس فاقد الشيء لا يعطيه بمعنى هل نحن على درجة عالية من الولاء بحيث بإمكاننا أن نخرج تلك الجنود التي نفتخر بها وبمعنى آخر لا أعتقد الجاهل بإمكانه إعداد أبناء ذوي ثقافة عالية لان قدوتهم جاهل ... يجب أولا على الجاهل أن يتعلم وينمي نفسه حتى يكون بإمكانه توجيه أبنائه ذلك التوجيه الذي يستطيع معه الابن أن يكمل مشوار والده . خلاصة الكلام تربية الابناء تعتمد أولا على أن يقوم الوالدان بتقويم ذواتهم وتثقيف أنفسهم ثقافة عالية بحيث يصبح الوالد قدوة لابنه عندها بإمكانه أن يبدأ في تربية الابن...ومن هنا أحب أن أسرد أجزاء من حياة أحد أعظم مراجع الدين في زمانه إنه الشيخ الانصاري رحمه (وذلك لتلطيف النقاش ونقل الفكرة المقصودة) ....
1- أم صالحة لولد صالح :
رأت في المنام والدة الشيخ مرتضى الأنصاري - وهو من مراجع القرن الثاني عشر الهجري - أن الإمام الصادق .. عليه السلام .. أهدى لها قرآنا مذهبا ! وكان تفسير هذه الرؤيا أن الله سيرزقها ولداً عالماً يروج لأحكام الله ويبلغ لفقه أهل البيت عليهم السلام .. الذي أحياه الإمام الصادق عليه السلام .. وهكذا أصبح ولدها الشيخ الأنصاري المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم .
2- أثر الرضاعة بطهارة
قيل لوالدة الشيخ الأنصاري رحمه الله : إن ولدك بلغ درجة عالية من العلم والتقوى , ونال رتبة الزعامة الدينية العليا للشيعة في العالم . فقالت : لا عجب فقد كنت أتمنى له درجة أعلى من ذلك , لأني ما رضعته مرة إلا وأنا على وضوء .. حتى في تلك الليالي والأيام البارده القارسة أقوم أسبغ الوضوء ثم أرضعه وانا على الطهارة . فلماذا لا يصبح اليوم (الشيخ الأنصاري)؟!
3- ورد أنه بعد عودته من كل درس كان يمر على منزل والدته الصالحة ليلقي عليها السلام والتحية .. يجلس عندها ويتحدث لها عن التاريخ الإسلامي والدين .. ويلاطفها بالقصص الفكاهية ذات المعاني الهادفة . حتى يدخل السرور على قلب أمه التي عانت في حياتها كثيرا .
ذات يوم خاطبها مازحا وهو يذكرها أيام زمان : هل تذكرين يا أماه يوم كنت ادرس المقدمات (العلوم الابتدائية الدينية) كنت ترسليني لشراء حاجيات للطبخ وأنا أؤجل ذلك إلى انتهائي من دروسي , وأنتِ تغضبين علي وتقولين : أنا بلا خلف (يعني بلا ولد يعينها) فهل لا تزالين بلا خلف يا أماه ؟ فترد عليه أمه العجوز وهي مازحة أيضا: أجل .. اليوم كذلك ,أنا بلا معين ! لأنك في تلك الأيام كنت تحضر حاجيات البيت , واليوم صرت شيئا في هذه الدنيا , تحتاط في إعطائنا من بيت مال المسلمين , فلا زلت تجعلنا في ضيق !
وهذه الأم تحملت طول عمرها صعوبات الفقر .. ذات مرة فتحت لسان عتابها على ولدها المرجع الكبير قائلة :كم هي الأموال التي تبعثها إليك الشيعة من أطراف البلاد الإسلامية ؟ فلماذا لا تساعد بها أخاك منصور .. إنه محتاج ولا يكفيه ما بيده , اعطه قدر حاجته !
فنهض الشيخ مرتضى الأنصاري وقدم إليها مفتاح الغرفة التي كان يحفظ فيها أموال المسلمين .. وهو يقول لها : أي مقدار تريدين خذيه لأبنك , ولكنك مسؤولة أمام الله يوم القيامة !
كان الشيخ يعرف كيف يعالج عاطفة أمه المؤمنة التي كانت تتألم من الفقر وتفكر عاطفيا لولدها منصور , ولقد استفاد الشيخ من شعورها الديني من دون أن يجرح قلبها الحنون .. لذلك حصل الشيخ على الموقف الذي كان يتوقعه من أمه التقية النقية والتي قالت له : أبدا لن أرمي بنفسي في مهالك يوم القيامة من أجل رفاه لولدي , هيهات ذلك.
4- ولقد بكى الشيخ الأنصاري كثيرا عند وفاة امه الصالحة حتى جاء بعض أصحابه يحاولون منعه من البكاء الشديد . بل ربما لامه بعض منهم . فقال له الشيخ : إن بكائي وأسفي ليس لأني فقدت أمي , إنما لافتقادي نعمة عظيمة مثل هذه المخدرة الصالحة . إذ بوجودها المبارك كان الله يدفع به البلاء عنا .
وقد كان يأتي كل أسبوع إلى قبر أمه المؤمنة .. رحمة الله عليها .. فيجهش بالبكاء فيقول له مرافقوه : أيها المرجع , لا يجدر بك البكاء هكذا على أمك , وأنت صاحب مقام كبير عند الناس؟!
فيقول لهم : إن كان لي مكان كبير كما تقولون . فإنني حصلت عليه بفضل تربية امي .. هذه المؤمنة بالله , الصابرة التي سهرت الليالي من أجلي ومستقبلي ..
وهنا أحب أن أختم بما إفتتحت به موضوعك خية..
(اللهم أرنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه )
المفضلات