الجزء الثالث :
ــ أنا آسفة ريم لم أستطع الانتظار أكثر ، فعلينا أن نذهب في غضون ساعات .
ــ نذهب....؟؟ إلى أين ؟
ــ صغيرتي..... بعض الظروف تجبرك لفعل مالا تريدين .
ــ أمي ماذا تعنين ؟
ــ والدك مصاب إصابة ً بالغة و علينا أن نذهب إلى المدينة الكبيرة !!
ــ المدينة الكبيرة !!!!!
ــ نعم .. سنذهب إليها ... فهناك طبيب ربما سيساعد والدك .
لم أستطع أن أخفى علامات الحزن التي اعترت و جهي و دموعي التي شارفت على الانجراف .
ــ ريم أعرف أنك حزينة و لكن ........
ــ أفهم يا أمي سأفعل كل ما بوسعه أن يساعد أبي في الشفاء .
ــ حسنا ً حلوتي ... سأبدأ في حزم أمتعتنا .... لا تتأخري ريم .
بدأت بترتيب ملابسي ... مممم ترى ماذا أضع في الحقيبة ، لم يكن لي ثياباً كثيرة و لكن لصغر حقيبتي اضررت لأخذ ثياب تكفي لخمسة أيام فقط .... لم أنسى شيئا ً حتى جوربي أخذته معي ..... و ما إن بدأت في قفل الحقيبة حتى ... استوقفني نظري ... و جعلت أنظر إلى ذلك الشيء الصغير الموجود على تلك المنضدة إنها دميتي العزيزة ، بالمناسبة لقد أطلقت عليها اسم ( ناني ) توجهت إليها في بطء شديد و تأملتما جيدا ً .. بقيت كما هي منذ أن تركتها ، دميتي وداعا ً ... ضممتها إلى صدري بقوة ، و أحسست بشيء ما ... لا أدري ما هو فقد كان شيئا ً غريبا ً شيئا ً لم أشعر به أبدا ً ، كأنني لن أعود إلى هنا إلا بعد وقت طويل .
و لكن .. لا بد أن أطرد هذه الأفكار عن رأسي الصغير فأنا سأعود يوما ً ما .
ــ أمي لقد انتهيت من ترتيب ملابسي .
ــ و أنا انتهيت الآن من الترتيب .
ــ سعاد هل انتهيتي ؟؟؟؟
ــ تقريبا ً .
توجهت للصالة فورا ً ........ أبي هل عدت ؟؟
ــ نعم هاأنا ذا .
ــ أبي .................. لم لم تخبرني بأننا سوف نذهب للمدينة الكبيرة ؟
صمت أبي لبرهة ...... ومن ثم تنهد قائلا ....
ــ حلوتي .... لم أشأ أن أزعجك بهذا الخبر السيئ .
سكت ابضع ثوان .... و قلت فورا
ــ على كل ٍ سأفعل كل ما بوسعي ..... يساعد في شفائك .
فتح أبي ذراعيه قائلا ً ....... ريم اقتربي .
اندفعت نحوه لأنضم في حضنه الدافئ ...... أبي .
ــ ريم أنت فتاة رائعة .
ــ ألا يكفي مشاهد مؤثرة إلى الآن ؟؟ هيا فلنسرع فقد تأخرنا .
لم ذلك الصوت سوى .... صوت والدتي !!
ــ والدتك على حق هيا فلنذهب .
ــ ولكـ............ن .....
ــ ماذا يا صغيرتي ؟؟
ــ ولكن ........... ألا يجب أن أودع جدتي و صديقتي مها ؟؟؟
ــ بلا ..... سوف نذهب للجدة الآن ..... ثم نتجه إلى منزل مها .
وضعنا حقائبنا في العربة ، و أخذت أتأمل كل زاوية ٍ في المنزل .... لأستمتع و أنا أتذكره بين حين و آخر .
ــ ريم ...... هيا .
ارتدت أمي حجابها .. و بدوري ارتديت حجابي .
و ركبنا العربة و اتجهنا إلى منزل جدتي .
كان الطريق طويلا ً .... لم يكن كذلك و لكنه ..... أصبح !! ، لا أدري كيف ؟ أو متى ؟ ، أو ما السبب ؟؟
ولكن على الأرجح أنه بسبب الصمت و دموع أمي التي انهارت معها دموعي أيضاً
ــ هيا قد وصلنا.
نزلت من العربة ..... مشيت فوق الأحجار المؤدية إلى منزل جدتي ، فقد وضعتها حديثا ً لتمنع دخول بعض الكلاب المتطفلة .
طق ... طق ... مرحبا ً جدتي أنا ريم .
لم تمض سوى لحظات حتى فتحت الخادمة الباب .
ـ أهلا ً بالمدللة ِ ريم .
ــ مرحبا ً .... " أ جدتي بالداخل " ؟؟
ــ نعم .. تفضلوا بالدخول .
ــ أهلا ً سيدة سعاد ، كيف حالك ؟
ــ بخير و الحمد لله .
أعطت أمي الحجاب للخادمة و ركضت أنا إلى غرفة جدتي .
ــ صباح الخير جدتي ، في ذلك الوقت فقط بدأت دموعي تتساقط كقطرات الندى على أوراق الأزهار .
ــ أهلا ً بصغيرتي المدللة .
ــ اشتقت لك ِ جدتي .. و اندفعت نحوها لأرتمي بين ذراعيها.
ــ و أنا كذلك صغيرتي .
ــ مرحبا ً أماه .
ــ أهلا ً سعاد ، كيف حالك .
ــ بخير ماذا عنكِ .
ــ أنا في أتم صحتي و فرحتي أيضا ً ...... أين أحمد ؟؟
ــ أنا آسفة .. يا أمي .. فأحمد مصاب في قدمه ، و لذلك تعذر عليه الوصول إلى هنا ....على كل ٍ إنه يبلغك ِ سلامي .
ــ مصاب !!!!!
ــ لا تقلقي ، إنه كسر بسيط .
ــ أ حقا ً إنه بسيط ؟؟ ، بلغيه تحياتي ، ولا بأس طهور إن شاء الله .
ــ أماه .... في الحقيقة لقد جئنا كي نودعك .
ــ تودّعونني ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!
ــ في الواقع نحن سنذهب للمدينة الكبيرة ، سنقيم هناك لبعض الوقت ، حيث يقبع فيها طبيب ماهر سيشرف على حالة زوجي ، و سنعود في أقرب فرصة ممكنة .
اعترى الشحوب وجه جدتي ، و بادرت بالسؤال .. هل ستطول مدة غيابكما ؟؟
ــ لا لا سنعود في وقت قريب جداً .
أمسكت جدتي بطرف الحجاب الذي يغطي معظم شعرها و غطت به عينيها بينما تمسك بي بقوة و أنا بجوارها ، تأملت ذلك الشيء ، فإذا بي أرى دموعا ً تتلألأ
ــ جدتي .............................. سنعــــــــــــــــود !!
على كل ٍ لا أريد أن أصف لكم المشهد فأنتم حتما ً تتخيّلونه الآن في رأسكم الصغير
اتكأت جدتي على عصاها و أصرت على أن تودّعنا أمام باب المنزل ....
وأنا بطبيعة الحال و دّعتها و طبعة قبلة ً على خدها ....... إلى اللقاء جدتي .
لم تزل ترفض أن تدير وجهها و أكتفي أنا بالنظر إلى ظهرها ، مازلت أسمع أنينها و حزنها الشديد على فراقنا ،
ريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــم !!!!!!!!!
انتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـظـــــــــــــري !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
تسمّرت في مكاني رافضة ً أن ألتفت إليها فلا أريد أن أبكي أكثر .
ــ صغيرتي خذي هذه !!
التفت إليها ...... واقتربت منها ببطء شديد و رفعت عيني نحو عينيها اللتان مغروفتان بالدموع ،،،،،،،،،،،،،
ــ ماذا يا جدتي ؟؟
ــ اقتربي .....
ــ خلعت جدتي ما كان في عنقها ... خذي هذه .
ــ ما هذه ؟؟
ــ انظري إليها جيدا ً .
ــ إنها ..... إنها صورتي معك ِ و مع أبواي !!!!
ــ أجل يا صغيرتي ، هي لك ِ الآن ، لم أشأ أن أعطيك إياها إلا عندما تكبرين ، ريم .. في الحقيقة لدي إحساس بأنني لن أراك إلا بعد وقت ٍ طويل .
ــ.... جدتي لا تقولي هذه سوف أراك حتما ً ، و بلا شعور ارتميت في حضنها ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
إنني أحــــــــــــــبك كثيرا ً .
ــ و أنا كذلك ..... ريم .. أرجوك ِ حافظي عليها كما تحافظين على حياتك .
ــ أعدك جدتي .
أمسكت جدتي بيدي وقالت : انتبهي لنفسك !
أومأت برأسي موافقة ً ، و من ثم ركبت العربة .
إلى اللــــــــــــــقاء جدتـــــــــــــــــــــي ......
ـــ إلى اللــــــــــــقاء صغـــــــــــــــــــيرتي ......
اتجهنا حيث أطراف المدينة ، ساد الصمت بيننا .. يا الهي .... أمي !!!!!






رد مع اقتباس
المفضلات