* الجزء الثاني *
ــ ريم ... هيّا ... نحن ننتظرك .
ــ حسنا ً ها أنا ذا قادمة .
وضعت دميتي فوق المنضدة التي بجانب السرير ، بدلت ثياب بسرعة
وداعبت بيدي خصلات شعري الناعمة ، و اتجهت إلى حيث المائدة
اتخذت مقعدي الصغير من على الطاولة ، و بدأت بالأكل ... حقا ً إن الحساء شهيا ً ......
ــ الحمد لله لقد انتهيت ... سلمت يداك أمي .
ــ هنيئا ً يا ابنتي .
ــ هل أساعدك في حمل هذه الأطباق ؟؟
ــ نعم إذا لم يكن لديك ِ مانع .
ــ هذا من دواعي سروري أمي .
قمت بجمع الأطباق لأمي و هي بدورها قامت بتنظيفها ، ثم رتبت المائدة جيدا ً و ذهبت للمطبخ ، أمي لقد انتهيت من ترتيب المائدة .. هل تريدين مني مساعتدك ِ هنا ؟؟؟
ــ لا يا ريم شكرا ً لك ِ .
ــ لا داعي للشكر هذا من واجبي .
ــ تصبحين على خير لأمي ... و أنت كذلك أبي .
ــ طابت ليلتك ِ .. ريم .
ذهبت لغرفتي و رميت بجسدي الصغير فوق السرير ، يآآآآآآآآآآآه كم أنا متعبة فالعمل الذي قمت به كان شاقا ً عليّ ، و مع ذلك فقد كنت سعيدة لأني ساعدت أمي في المطبخ ، أخذت دميتي و ضممتها إلى صدري و أغمضت عيني و استسلمت لساب عميق .
استيقظت على خيوط الشمس تداعب أجفاني و تغريد العصافير التي تملأ المكان و عبير الزهور الذي يفوح في كل الأرجاء ، اقتربت أكثر من النافذة وتأملته أكثر شاهدت أبي و هو منهمك في تقطيع الأخشاب سماء زرقاء صافية ، و خضرة تملئ الكان ، ذلك المنظر الأخّاذ الذي قلما يراه إنسان ......
ــ ريم هل استيقظت صغيرتي ؟؟؟
ــ نعم يا أمي ها أنا قادمة .
ذهبت للحمام و غسلت و جهي و يدي و لبست ثوب المدرسة و اتجهت للمائدة
ــ صباح الخير يا ريم .
ــ هل نمت جيدا ً ليلة البارحة ؟؟
ــ نعم يا أمي .
هيّا صغيرتي تناولي كأس الحليب و بعض الخبز ، تناولت ذلك بسرعة ، أسرعي ريم فقد تأخرت كثيرا ً عن المدرسة ، أوه ... المدرسة نعم لقد تأخرت فعلا ً ، هيّا إلى اللقاء أمي ، ركضت نحو الباب و أدرت المقبض و فتحته لأنطلق نحو مدرستي ، توقفت قليلا ً
و تذكرت أنني لم ألق التحية على أبي فأنا على الأقل لم أشاهده ، تلفت يمنى و يسرى لعلي ألمح بعضا ً من جسمه العملاق ، نعم إنه هو ، شاهدت أبي من مكان بعيد ٍ نوعا ً ما ، و لكني قد لا أخطئ شكله لوحت له بيدي ... إلى اللقاء أبي .
ــ إلى اللقاء يا ريم حظا ً سعيدا ً .
ركضت بأقصى سرعتي فالمدرسة لا تبعد عن منزلنا سوى بضع دقائق فقط ، أخيرا ً و صلت إلى المدرسة و أنا ألهث من شدة التعب ، حمدا ً لله لم يدخلن الصفوف بعد ، لمحت صديقتي مها من على بعد
ــ مرحبا ً مها .
ــ أهلا ً ريم كيف حالك ِ .
ــ بخـيـ......
لم أكاد أنتهي من إكمال الجملة حتى رن جرس المدرسة معلناً بدء يوم دراسي جديد ، اتجهنا للصفوف و اتخذت مقعدي و أخرجت دفتري و قلمي ، لقد كان يوما ً متعبا ً و طويلا ً جدا ً ، ومع ذلك فقد كنت سعيدة ً بما أنجزته في اليوم .

*******************************************
* صغيرتي تكبر *



غدا ًً ريم ستكمل الثالثة عشر من عمرها ، لقد كبرت حقا ً أليس كذلك يا زوجي العزيز ؟؟؟
ــ نعم .. فريم أصبحت الآن كبيره ، ما زلت أتذكر ذلك اليوم في الظلام الدامس و تحت المطر ، حيث جاءت فيه و صوت بكاءها الذي أنعش بيتنا من جديد ..... ترى ماذا سنجلب لها ؟؟؟
ــ أممممممممممممم ...... أنا سأهديها ثوب لدميتها الصغيرة
ـــ أما أنا فسأصنع لها منضدة جميلة تضع عليها الدمية .
ـــ حقا ً ذلك رائع ..... لا شك أن ريم سوف تفرح كثيرا ً .

*************************************

نعم غدا ً هو اليوم الذي سأكمل فيه الثالثة عشر من عمري ، مها ستأتي لزيارتي غدا ً و سأفاجئها بهذا الخبر ، أنجزت كل شئ استعدادا ً لاستقبال مها ، طق ..... طق ..........طق........
إنه صوت الباب لا بد أنها صديقتي مها فقد قطعت عهدا ً بأنها ستأتي
في الموعد المحدد .
ذهبت فعلا ً لأفتح الباب ، أدرت المقبض و فتحته لأفاجئ !!!!!!!!!
ــ مها !!!
ــ لقد أتيتي في وقتك تماما ً ..... تفضلي .
******************
لا يمكنني أن أصف لكم مدى سعادة ابنتي ريم لقد كانت سعيدة ً جدا ً بقدوم صديقتها مها ... و لكنني قلقة ً جدا ً فيجب علينا أن نرحل من هنا في أقرب فرصة ممكنة و أنا إلى الآن لم أناقش ريم في هذا الموضوع أخشى أنها لن توافق و لكن لا يوجد حل ٌ غيره فزوجي أصيب في قدمه اليمنى هذا الصباح جرّاء عمله في قطع الأشجار إصابة ً بالغة ً و لأجل ذلك يجب أن يتوقف عن العمل و لكن الطبيب أخبرنا بأن هناك في المدينة الكبيرة طبيب آخر ربما سيساعدنا و علينا أ نذهب إليه قبل أن يصبح الأمر في منتهى الخطورة ، لم أشأ أن أخبر ريم أخشى أنها لن توافق أنا متوترة و قلقة جدا ً من هذا الأمر ......
ــ أمي لماذا أنت ِ شاردة الذهن هكذا ..؟؟
ــ لا شئ عزيزتي لا تشغلي بالك .
ــ هيّا إذن هل أحضر الكعك و العصير ؟؟
ــ و ماذا بشأن والدك يا ريم ألن تنتظرينه ؟؟
ــ والدي ... بالطبع و لكنه تأخر كثيرا ً .
ــ لا تقلقي سيعود حالا ً .
ــ أمي، أنا قلقة نوعا ً ما فمنذ الصباح لم أر والدي هل حدث مكروه له؟
ــ أوه .. لا تكترثي لذلك هيّا عزيزتي استمتعي بوقتك صغيرتي .
لم أشأ أن اخبر ريم بأمر إصابة والدها فأنا لا أريد أن أعكّر صفو هذا اليوم بمثل هذا النبأ .

**************************
ذهبت إلى حيث مها تجلس ، فمها كانت كثيرا ً ما تذهب إلى المدينة الكبيرة فكانت تحكي لنا عن الأبنية العملاقة و عن أجهزة الألعاب الترفيهية ، فجعلت أتخيل شكل كلا ً منها ، فأنا على الأقل ما زلت أتذكر سيارة الأجرة التي استقليناها العام الماضي ...
ريم ......
ذلك صوت أمي .... التفت لأبحث عن مصدر ذلك الصوت فإذا بها خلفي ، لقد تأخر والدك كثيرا ً .... لا بأس يمكنك إحضار الكعك و العصير الآن .

**************************
لقد كان يوما ً رائعا ً ريم أحضرت الكعك و استمتعت بوقتها مع مها ، بينما أن أكاد أموت من القلق بسبب تأخر زوجي .
أمي ... لقد ودّعت مها للتوّ لقد كان يوما ً جميلا ً و شاقا ً أيضا ً ...
هيّا حلوتي لنبدأ بتنظيف المنزل .... شمّرت عن ساعدي ّ و بدأت بالتنظيف لقد كان الوقت يمر بطيئا ً جدا ً ، و ما ‘ن انتهينا من العمل حتى ارتميت فوق الأريكة ..... لأسمع من جديد وقع خطوات على الممر ..
لا بد انه والدي ... لم أكن مخطئة فهذا هو والدي حقا ً ....
يا إلهي ماذا حدث لك يا أبي .... لقد كانت هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها أبي متكئا ً على عصا ... و قدمه اليمني محاطة بما أشبه الضماد .
ــ مرحبا ً سعاد ... مرحبا ً ريم ...
ــ أبي ما الذي أراه ، ماذا حدث لك ؟؟
ــ لا تقلقوا كُسر ٌ بسيط في قدمي .. ريم هيّا تعالي، انظري ما جلبت لك

***************************************
حقا ً لقد كانت منضدة والدي جميلة جدا ً و ثوب دميتي كان رائعا ً ... استلقيت على السرير لأستعيد اللحظات الرائعة التي قضيتها مع صديقتي مها ، و تلك اللحظة التي شاهدت فيها أبي ....... أبي كم أنا متألمة من أجلك ، أغمضت عيني و استسلمت لسبات عميق .
ــ ريم ... ريم ... استيقظي !!
ــ أمي ماذا حدث ... أ أبي بخير ؟؟
ــ أنا آسفة ..يا ريم لم أستطع الانتظار .
في تلك اللحظة نظرت أمي إلى الأرض و الدموع تتساقط من عينيها
اعتدلت في جلستي .... أمي تكلمي هل حدث مكروه لأبي ؟؟
ــ ريم ....