( 3 )
أنين
كُسرتْ مرآتي كيف أرى حسناً فتانْ
ما عادَ المشطُ يدغدغُ شلالَ الشعرِ
الذهبيّ وزال الكحلُ بدمع اليأسِ
ولا أملٌ وغدوت الآنْ
حسناءَ بلا عاشقْ
رسماً بالأبيضِ و الأسودْ
وبلا ألوانْ
كمْ كنتُ النّار بأفئدةٍ , تهواني ليس لها
نبضٌ إلا حبّي , فإذا خَمدتْ نيرانُ
العشقِ بتلكَ الأفئدةِ الثّكلى حركتُ
الجمرَ بلا اسْتئذانْ
قد كنتُ أنا في كلِّ بيوتِ العُرْبِ أنا
كنزاً بل تاجاً أُحملُ فوق رؤوسٍ
تزخرُ بالإيمان ْ
واليومَ أنا يطردُني قومي من أرضي
من كلِّ لسان ْ
لا بيتٌ يحفظُ لي شرفي إلا القرآنْ .
***
( 4 )
مأساة العاصي
العاصي نهرٌ يشطر مدينة حماة إلى نصفين تاركاً فيها ما ترك من جنان ، ينبع من الجنوب متجهاً إلى الشمال ليصب بالبحر الأبيض المتوسط وبهذا يكون قد عصى طبيعة أنهار بلاد الشام من حيث المسير ولذلك سمي بالعاصي .
أينَ الربيعُ وأيـنَ الزَّهـرُ والحُلَـلُ
يا عاصيَ الكونِ أينَ الأنْسُ و الغَزَلُ
قد كنتَ أحجيةً للنّـاسِ غامضـة ً
تعلو المياهُ ونـارُ العشـقِ تشتعِـلُ
واليومَ ألثمُ جُرحَ الأرضِ في شفتي
أذري الدُّموعَ لَعَلَّ الجـرحَ يندمـلُ
ناعورةٌ لبستْ ثوبَ الخريفِ أسـىً
واصْفرَّ مكحَلُها مـا عـادَ يُكتحـلُ
هل جفَّ ماؤكَ مـن هجـرٍ تكابـدُهُ
أم ترتجي توبة ً أفصحْ فمـا العِلَـلُ
أجابَ يرمي سهامَ الحرفِ في كبدي
تِبْرُ التُرابِ حكى ما أخفـتِ الجُمَـلُ
........
هلْ جئتَ مشتكياً هجرَ الحبيبِ لنـا
أم جئتَ تُصلحُ ما أزرى بكَ المَلَـلُ
هذي الدموعُ خَلتْ مِن سحرِ رونَقِها
لا الشّوقُ فيها ولا بالحـبِّ تتَّصـلُ
جفَّتْ مياهي فلا عشـقٌ يجسِّدُهـا
فالماءُ من مقـلِ العشّـاقِ والطَّلَـلُ
ماتَ الغـرامُ بِكـمْ يا جيـلَ أغنيـةٍ
اللحن فيهـا بِسُـمِّ العُـرْيِ يُقتتـلُ
تَكْتَظُّ أجنحتـي بالنَّـاسِ وا أسفـي
مِن خمرِ شَهْوتِهمْ للجِنسِ قد ثَمِلـوا
ذاكَ الـذي يدَّعـي حبـاً بِمُهجَتِـهِ
في واحـةٍ للهوى بالعهـرِ يَغتسِـلُ
وذا يغازلُهـا والنَّفـسُ تسألُـهـا
هل جَيْبُهُ لِشـراءِ الطُّهْـرِ يَحْتَمِـلُ
يا صاحبي يَبستْ أرضُ الغرامِ بِنـا
حزناً على أهلِها مِن بعدِ ما رَحَلـوا
كان الغَرامُ بِنا مثـلَ الزُّهـورِ بهـا
ذاكَ الرحيقُ إليـهِ النَّحـلُ يَرتحِـلُ
فَصْلُ الخريفِ جَثَا فوقَ الرُّبا أبـداً
لا زهرَ في شجرٍ,هل يُقطَفُ العسلُ ؟
لا لن تعودَ لنا روحُ الغـرامِ صبـاً
ما عادتِ الرّوح إن قُـدِّرتَ يا أجـلُ
إرجعْ كما جئتَ ليس الأمر في يدنا
يمضي الزَّمانُ وشيبُ الرأسِ يشتعلُ
يكفي فقد يبستْ أوتـارُ حَنجرتـي
جاءتْ كلابُكُمُ , عُـدْ أيّهـا الرّجُـلُ
فَقُلتُ في غُصَّـةٍ تـغتـالُ أحْـرفَها
والـيـأسُ عاصفةٌ يفنى بها الأمـلُ
عينايَ جـاءتْ وروحُ الحبِّ تسبقُني
الـرّوحُ فاضت أسىً و ابْيضّتِ المُقلُ





رد مع اقتباس
المفضلات