تابع
اقتباس:
الأمر الرابع: طعنهم في القرآن الكريم، لما لم يجدوا فيه ما يؤيد مذهبهم فيالغلو في عليّ وابنيه وزوجته، اتهموا الصحابة أنهم أخفوه وحذفوا منه ما يتعلقبفضائل عليّ وذريته، وقد ألف شيخهم النوري الطبرسي كتابًا أسماه: ((فصل الخطاب فيإثبات تحريف كتاب رب الأرباب))، حشد فيه من النقول المكذوبة ما أمكنه، وهو مقدس علىزعمهم، ومؤلفه من أكابرهم.
"الرد"
رأي الشيخ النوري الطبرسي رحمه الله لا يمثل رأي الشيعة الإمامية لمخالفته لرأي جمهور العلماء، ورأيه كما نقله عنه تلميذه الشيخ آغا بزرك الطهراني: المراد بالتحريف الواقع في الكتاب غير ما حملت عليه ظاهراً للفظ أعني التغيير والتبديل والزيادة والتنقيص وغيرها المحقق والثابت جميعها في كتب اليهود وغيرهم، بل المراد من التحريف خصوص التنقيص فقط إجمالا في غير آيات الأحكام جزما، وأما الزيادة: فالاجماع المحقق الثابت من جميع فرق المسلمين والاتفاق العام من كل منتحل للإسلام على عدم زيادة كلام واحد في القرآن المجموع فيما بين هاتين الدفتين ولو بمقدار اقصر آية يصدق عليه كلام فصيح، بل الاجماع والاتفاق من جميع أهل القبلة على عدم زيادة كلمة واحدة في جميع القرآن بحيث لا نعرف مكانها.
الذريعة ج 10 ص 221
وقد اعتمد في رأيه على الروايات التي رواها الشيعة والسنة الدالة على وجود آيات غير الموجودة في القرآن الموجود بين أيدينا، وقد حمل أهل السنة تلك الروايات على نسخ التلاوة، وحملها الشيخ النوري على سقوطها عند جمع القرآن، فمن روايات أهل السنة:
1 – حدثني سويد بن سعيد حدثنا على بن مسهر عن داود عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن فقال أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة).
صحيح مسلم ج 3 ص 100
2 - حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة، وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، عن عائشة، قالت: لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها.
سنن ابن ماجة ج 1 ص 625
3 - حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا هشيم ثنا الزهري عن عبيد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس أن عمر يعني ابن الخطاب رضي الله عنه خطب فقال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده، وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل: ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنا إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف، وأيم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله عز وجل، لكتبتها.
سنن أبي داود ج 2 ص 343
4 - أخبرنا محمد بن الحسن بن مكرم بالبصرة قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا أبو حفص الأبار عن منصور عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: لقيت أبي بن كعب فقلت له إن بن مسعود كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه قال أبي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا فنحن نقول كم تعدون سورة الأحزاب من آية قال قلت ثلاثا وسبعين قال أبي والذي يحلف به إن كانت لتعدل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها آية الرجم (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم).
صحيح ابن حبان ج 10 ص 274
هذه نماذج من الآيات التي لا وجود لها في القرآن الكريم!
أما رأي الشيعة فهو كما قال السيد الإمام الخوئي قدس الله سره: المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأن الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الأعظم (ص) وقد صرح بذلك كثير من الأعلام، منهم رئيس المحدثين الصدوق محمد بن بابويه، وقد عد القول بعدم التحريف من معتقدات الامامية. ومنهم شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، وصرح بذلك في أول تفسيره "التبيان" ونقل القول بذلك أيضا عن شيخه علم الهدى السيد المرتضى، واستدلاله على ذلك بأتم دليل. ومنهم المفسر الشهير الطبرسي في مقدمة تفسيره "مجمع البيان" ومنهم شيخ الفقهاء الشيخ جعفر في بحث القرآن من كتابه "كشف الغطاء" وادعى الاجماع على ذلك. ومنهم العلامة الجليل الشهشهاني في بحث القرآن من كتابه "العروة الوثقى" ونسب القول بعدم التحريف إلى جمهور المجتهدين. ومنه المحدث الشهير المولى محسن القاساني في كتابيه. ومنهم بطل العلم المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي في مقدمة تفسيره "آلاء الرحمن". وقد نسب جماعة القول بعدم التحريف إلى كثير من الأعاظم. منهم شيخ المشايخ المفيد، والمتبحر الجامع الشيخ البهائي، والمحقق القاضي نور الله، وأضرابهم. وممن يظهر منه القول بعدم التحريف: كل من كتب في الإمامة من علماء الشيعة وذكر فيه المثالب، ولم يتعرض للتحريف، فلو كان هؤلاء قائلين بالتحريف لكان ذلك أولى بالذكر من إحراق المصحف وغيره. وجملة القول: أن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف. نعم ذهب جماعة من المحدثين من الشيعة، وجمع من علماء أهل السنة إلى وقوع التحريف.
قال الرافعي: فذهب جماعة من أهل الكلام ممن لا صناعة لهم إلا الظن والتأويل، واستخراج الأساليب الجدلية من كل حكم وكل قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيء، حملا على ما وصفوا من كيفية جمعه وقد نسب الطبرسي في "مجمع البيان" هذا القول إلى الحشوية من العامة.
أقول: سيظهر لك - بعيد هذا - أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف، وعليه فاشتهار القول بوقوع النسخ في التلاوة - عند علماء أهل السنة - يستلزم اشتهار القول بالتحريف.
البيان في تفسير القرآن ص 200
وبعد كل هذا، ما هي العلاقة بين القول بالتحريف أو نسخ التلاوة وبين الشرك؟!






رد مع اقتباس
المفضلات