السلام عليكم
نواصل الموضوع والحوار مفتوح.

رؤيـة
قال المولى عز وجل في كتابه العزيز: ﴿ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ... [7] وهذا -حسب اعتقادي- كما يصدق على التغيير من الإيجاب إلى السلب يصدق كذلك على التغيير من السلب إلى الإيجاب، وحيث إن فكرة التفاهم والحوار بين مختلف الفرق والمذاهب قد بدأت فإن هذا يعتبر تغييراً إيجابياً في العقلية السعودية بصفة عامة، ومفتاحاً للتغير الإيجابي في جميع مناحي الحياة. وهذا بدوره يُعدُّ تطويقاً للشر ومحاولة لنهج الوسطية والبعد عن التطرف والغلو. وإذا ما انحسر التطرف والغلو فإن العدل والإحسان سيأخذان مكانهما الطبيعي على السطح، وحينها سيتحقق مبدأ التعايش السلمي الذي يُعدُّ في مقدمات الأهداف التي يُرجى تحقيقها في الحوارات الدينية.
بالطبع ليس المطلوب تبني الفكر الآخر دون فحص وتمييز ودراسة، بل المطلوب هو الاحترام للفكر الآخر. وإذا تحقق تبادل الاحترام تحقق تبعاً لذلك مبدأ التعايش السلمي، والذي تنعم به الكثير من بلدان العالم اليوم رغم ما فيها من اختلافات في الأديان والمذاهب والتوجهات الفكرية. ولعلي لا أجانب الصواب إن قلت: إن السر في ذلك هو منح الحريات العامة وإطلاقها بالذات في الجانب الديني. وتقنين ذلك بحيث لا يتعدى على حرية الغير.
إن للحرية قيمة عالية فإذا ما أُحسن استخدامها من الجميع عادت على البلاد والعباد بالنفع والخير الكثير، وأصبحت مفتاحاً للأبداع، وحصانة من كثير من الشرور والمواقف غير المسؤولة.
إن مجتمعنا سيتغير للأفضل لا محالة إن تم عقد الحوار المذهبي في الأجواء المناسبة، وخرج بتوصيات تهتم بكل أطياف المواطنين وتمنحهم حرياتهم وخصوصاً في المجال العبادي، كي تجعل منهم لاحقاً أنموذجاً للتعايش السلمي. ومن هذا المنطلق فإن على المسؤولين الإعداد بعناية فائقة لمثل هذا المؤتمر، وأخذ أدق التفاصيل بعين الاعتبار، وتحديد الأهداف والموافقة عليها من الجميع مسبقاً، وتخليصها من الشوائب والغموض سلفاً. وكذلك صياغة التوصيات والنتائج بلغة واضحة خالية من الغموض ليتسنى للجميع فهمها والعمل على تطبيقها والإفادة منها.
وفي الوقت الذي أدعو فيه الجميع للتفاؤل أُنَبِّه إلى أن ذلك التفاؤل يجب ألَّا يكون مفرطاً؛ لأن هناك فئات لا يرضيها شيء، وستبقى تحاول الأذى ونشر الشر «إن للخير أهلاً وللشر أهلاً فما تركتموه منهما كفاكموه غيركم». وعلينا في النهاية تعرية مثل هؤلاء ليراهم الناس في النور فلا ينخدعون بهم بل ويعملون على خنق شرورهم والتضييق عليها إلى أن تزول بحول الله وقوته.