وهذي تكملة المواقف والعبر
سياسة الزهراء (عليها السلام)
ويتبين مما سبق أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) أصبحت مصدر إلهام وطموح للمرأة المسلمة المعاصرة ، إن دور فاطمة الزهراء (عليها السلام) في خدمة أبيها النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بعد وفاة أمها خديجة وقد استحقت لقبها (أم أبيها).
وعندما تزوجت علياً (عليه السلام) وأصبحت أماً للحسن والحسين وزينب وأم كلثوم فإن دورها السياسي تركّز في تربية أولادها ليقوموا بأدوار قيادية فيما بعد. ولاشك أنه دور مهم في التأهيل السياسي فقد أصبح ولداها فيما بعد إمامين يدافعان عن حق الخلافة في بيت النبوة.
لقد كانت العائلة وحدة اجتماعية أساسية في المجتمع القبلي ولذا فإن النشاط في داخلها يجب أن يعتبر سياسياً كما هو اجتماعي. وحتى حين كانت الزهراء (عليها السلام) ترعى شؤون بيتها شاركت في الأحداث الجارية آنذاك.
وبعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) ساندت الزهراء علياً (عليه السلام) في ما اعتبرته حقه في الخلافة وأعلنت موقفها وكان لها حوار مشهور مع اثنين من أصحاب النبي: الخليفة الأول والثاني. ولم يكن ذلك موقفاً شخصياً لامرأة تساند زوجها بل كان موقفاً سياسياً لم تقم بإخفائه أو الاحتفاظ به لنفسها.
وقصتها مع أبي بكر حول إرثها في (فدك) مؤشر آخر على موقفها القوي في السياسة العامة. فقد رفضت قرار أبي بكر وطالبت بما هو حق لها. ومع أن ذلك لم يغير من موقف أبي بكر فقد كان مؤشراً على شجاعتها وإصرارها على الدفاع عن وجهة نظرها.
ثم استخدمت الجهاد السلبي مع أعدائها حيث أوصت بإخفاء قبرها بعد موتها، وبقي قبرها مخفياً إلى هذا اليوم، حتى ظهور حفيدها (عجل الله تعالى فرجه) ويكشف عن هذه الحقيقة(9).
وهي كعضو في العائلة والأمة على علم بمسؤوليتها وواجباتها وحقوقها، لم تكن ابنة محبة أو زوجة وأماً بل كانت كذلك مواطنة شجاعة ونشيطة. إن قصة حياة فاطمة (عليها السلام) يجب أن تُصبح نموذجاً للمرأة المسلمة في عصرنا هذا لتتعلم منها الدرس فتصبح زوجة صالحة، وأماً مُحبّة، وعضواً ناشطاً في المجتمع.
شهادتها (عليها السلام)
وبعد أيام كمد مدتها خمس وسبعون يوماً، لاقت فيها (عليها السلام) شتى صنوف الألم النفسي والجسدي، حيث رأت ظلم القوم لزوجها وقلة ناصريه وحيث الهم الأكبر الذي تجسد في فقدان الأمة لأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبداية محاولات تضييع تعاليمه السامية فكانت تنتظر هذا اليوم الذي بشرها به أبوها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وكانت بحق رسول الوصي إلى النبي لتخبره بما جرى من ظلم القوم عليها وعلى زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام).
وكانت ليلة الشهادة كما أوصت (عليها السلام) بعلها أمير المؤمنين أن يغسلها ويكفنها ويصلي عليها وحده مع من أوصت بالصلاة عليها من خلص أتباع أمير المؤمنين كسلمان والمقداد وعمار، وأن يدفنها ليلاً سراً دون علم بقية الصحابة، لئلا ينالوا شرف الصلاة عليها وتشييعها ودفنها. فهذه الفضيلة لا ينالها إلا من خلص إيمانه كأمثال سلمان والمقداد.
وفي صباح اليوم التالي جاء القوم، ينادون يا علي أين أصبحت فاطمة فأخبرهم أنه دفنها ليلاً، فاستنكروا عليه هذا الفعل الذي حرمهم شرف هذه الفضيلة، وهددوا بنبش القبر، وأرادوا فعل ذلك ولكن أمير المؤمنين (عليه السلام) ضيّع أثر القبر، وضيّع عليهم انتهاك حرمة رسول الله. وهكذا انتهكوا حرمة فاطمة قبل وفاتها، وأرادوا انتهاك حرمتها بعد وفاتها
اللهم صلي على محمد وآل محمد
المفضلات