{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}
تلبية لطلب أختنا العزيزة أمل الظهور بالكتابة في هذا الموضوع
في البداية دعونا نحلق قليلا في أجواء الآية الكريمة في بداية الآية نجد أن الله سبحانه وتعالى وجه الخطاب للمؤمنين{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} طبعا يفهم من الآية الحصر لقسم معين من البشر بسبب أن الخطاب أفاد التخصيص لأنه غير المؤمن غير معني بهذا الخطاب بدليل مقدمة الآية
وأما بالنسبة لقوله تعالى{ اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}هذا يفهم منه أنه ليس كل الظن حرام وإنما بعض أنواع الظن هو حرام بدليل أن الله سبحانه وتعالى لم يقل اجتنبوا كل الظن وإنما قال{ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ}
وهذا دليل على أن بعض الظن المستثنى من الآية هو ليس بحرام وهو الذي لا يكون فيه ذم للآخرين أو هتك لحرماتهم ولكي نتعرف على معنى الظن نقول الظن هو بعض الأفكار التي يكونها العقل وتكون عادة بدون الاستناد إلى دليل وأن كثيرا من هذا الظن هو حرام وهل معنى هذا أن قليلة حلال المقصود من الآية أن الظن عادة يكون من أطياف أو أفكار أو أوهام ثم يزداد إلى أن يتكون بعد ذلك إلى فكرة يصدقها الضان لهذا قالت الآية{ اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} وهذه من وساوس الشيطان فالمؤمن قد تأتيه هذه الوساوس ولكنه لا يستند عليها ويقول علماء الاخلاق سبب ذلك إن قلب الإنسان يتعرض لأمواج مختلفة من الهواجس والتصورات وأن بعضها يكون هو الحق والتي تكون من مصادر المعارف الخارجية التي ابتنت على البينة والحق بينما البقية هي قياسات باطلة
تعريف الغيبة:
لغة الكلمة مأخوذة من الغيبوبة ومن الاغتياب وهي من الآفات التي تحرق الحسنات وتضر بالمجتمع وتقلل الثقة بين الناس
وأما اصطلاحا هي ذكر الشخص لشخص آخر بما يكره وسواء كان ذلك بقول أو بفعل بأن يقلده أو يستهزئ به .
أسباب الغيبة:
للغيبة اسباب كثيرة ولكن من اهمها
شفاء الغيظ / الحسد / الحقد
اللعب والهزل / السخرية والاستهزاء / بهدف الترفع على الغير
بعض ما قيل عن الغيبة :
في الرواية عن الإمام الصادق أنه قال { يأتي زمان على أمة جدي رسول الله يكون فيه الغيبة فاكه المجالس } نسأل الله أن لا نكون نحن أصحاب هذا الزمان
ففي الرواية عن الرسول الأكرم لما عرج به إلى السماء انه رئا قوما يشمخون وجوههم فقال يا جبرائيل من هؤلاء قال له هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم فلما هبط النبي إلى الأرض خطب في الناس وقال يا معشر من امن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فان من تتبع عورة أخيه يتتبع الله عورته حتى يفضحه في جوف بيته.
كلام حول الغيبة :
يقول العارف الكبير الشيخ النراقي (( صاحب كتاب جامع السعادات ))
يقول أن كثيرا من الناس وبالذات المؤمن منهم يغتاب غيره وحتى يبرر غيبته بمسوغ شرعي وحتى لا يلام فإنه يفسق الطرف الآخر حتى يقول بعد ذلك أنه فاسق ولا غيبة لفاسق وهو يقول في كتابه أنا أسامح كل الذين اغتابوني عدا المؤمنون المتعلمون (( ما نسميهم أو نعرفهم نحن المتدينون )) فإني لا أسامحهم لما سؤال عن ذلك قال لأن المؤمن المتعلم قبل أن يستغيبني يفسقني .
متى يجوز الغيبة :
يقول علماء الاخلاق هناك موارد يجوز للشخص أن يذكر شخصا آخر فيها بما يكره وطبعا عبارة جواز الغيبة قيلت لضيق التعبير وهي مثال كلمة الكذب كما أن الكذب ليس فيه أبض وأسود كذلك الغيبة كلها حرام وإنما قيلت فقط من باب ضيق التعبير وعلى كل حال نتكلم حول الآية
{ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
يقول العلماء من هذه الموارد هي :
التظلم وهو بمعنى أني أخبر شخصا آخر بشيء قد جرى علي من شخص آخر بهدف إرجاع الحق منه .
التحذير بكل أنواعه بمعنى سواء كان للنصيحة في الزواج أو كان لغيره
بمعنى أنه يجوز لك أن تقول أو تحذر شخصا من شخص آخر أو أن يستنصحك فيجوز لك أن تتناول الطرف الآخر ولكن في حدود ما طلب منك مثال على ذلك الزواج أو الشراكة في التجارة يعني لو سألك شخص عن شخص آخر كيف هو فلان بالنسبة للحفاظ على الأمانة فيجوز لك أن تنصحه في هذا الموضوع فقط لا أن تذكر كل ما عندك عنه .
المتجاهر بالفسق يجوز أن نذكره ليس في المجالس ولكي نضحك أو نضيع الوقت وليس أما الملء وإنما فقط أمام من بيده حل تلك المشكلة مثلا لو كان شخص مبتلا من جاره لفسق جاره فذهب للحاكم الشرعي ليشتكي عليه فهل يقول للحاكم لا أريد أن أستغيب جاري ؟؟؟ الحكم الشرعي يجوز له أن يخبر الحاكم الشرعي فقط لا أن يجعله عرضة في المجالس .
كيف يبتعد الإنسان عن الغيبة :
في الرواية عن الإمام علي (ع) لولده الحسن (ع) يقول { يا بني اتخذ لك صديقا إذا نظرت في وجهه ذكرت الله } فعلا المرء أن يختار له من يقربه لله لا من يقربه من الشيطان
علاج الغيبة :
يقول علماء الأخلاق أن الذي يريد ترك الغيبة عليه أن يتذكر أنها تحرق كل حسناته ففي الرواية أن الله سبحانه وتعالى قد يغفر للعبد المذنب إذا كان ذنبه بينه وبين ربه أي بينه وبين الله أي أنه عصى الله سبحانه وتعالى في ذنوب خاصة مثلا ترك صلاة أو غير ذلك ولكن الله لا يغفر الذنوب التي تكون فيها حقا للغير مثلا الغيبة هي حق للغير فلا يسامحه الله ولا يغفر له حتى يسامحه المغتاب ويغفر له
ومن العلاجات للغيبة الاستغفار .
وفي الختام نسأل الله أن يتقبله منا
وأنا أهدي ثوابه للأخت الفاضلة
أمل الظهور
المفضلات