السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من العوامل التي تجعل التربية عملية صعبة يتمثل في إعتماد الأباء و الأمهات و المربين والموجهين على الدعوة إلى ما يرونه صائباً بالأقوال و الكلمات عوضاً من الأفعال والأعمال لأنه الطريق الأقصروالأكثر سهولة لكنه لا يؤثر كثيراً. وإذا كان له أثراً فلا يستمر طويلاً, لأنه وببساطة الأفعال أعلى صوتاً من الكلمات المجردة عن التطبيق والتجسيد في السلوك و الواقع القائم المعاش المتكرر. لابد للاباء والأمهات أن يتذكروا دائماً بأنهم يمثلون لأطفالهم و مراهيقهم قدوة على مدار أربع و عشرين ساعة في اليوم و سبعة أيام في الأسبوع.
فيراقب الأولاد كيف تعامل أنت الأخرين من : زملاء ومرؤوسين ورؤساء في العمل و الأقرباء, و الجيران إلى ساعي البريد, وعامل محطة الوقود والبقال , والعطار والخادم و ... الخ.
الأولاد يرون الأباء و الأمهات و هم يتعاملون وهم يتناقشون و يتحاورون مع الأخرين ألاف المرات عبر السنوات و يعرفون أسلوبهم و أنماط سلوكهم , و ربما يبحثون عن ذلك و يتحررونه , و يتأثرون بكل ذلك تلقائياً و اتوماتيكياً وإحياناً بصورة لا شعورية. فلذلك مهما قلنا لمراهقينا مثلاً عن إحترام الاخرين و كنا لا نعامل الناس باحترام , فمن غير المحتمل أن يحترم مراهقونا الأخرين. لأنه لا يمكن لمراهقينا أن يمنعوا أنفسهم من التعلّم منا حتى عندما يمقتون سلوكنا فلو كنا نريد من مراهقينا أن يصبحوا مهذبين و يرعوا مشاعرالأخرين في تعاملاتهم اليومية مع من يقابلونهم, فعلينا أن نتذكر دائماً القدوة التي نعطيها لهم. ولكن أن نخبرهم ببساطة أن يحترموا الأخرين خاصة عندما لا نفعل نفس الشيئ – و كيف يمكن لدعوتنا لمراهقينا بإحترام الأخرين أن تنجح - وهم يرون و يتلمسون و يتألمون من عدم إحترامنا لهم كآباء وأمهات و يشهدون عدم إحترام الأب للأم أوعدم إحترام الأم للأب ولا سيما في المشاجرات التي تنفجر أمامهم و التي تصل إحياناً إلى الصراخ و التنابذ بالألقاب و ربما إلى العنف الأسري الذي إنتشر في الغرب و الشرق بمعدلات خطيرة. فلابد للأباء والأمهات أن يتذكروا دائماً بأن سلوكهم تحت مهجر ذكي بصورة متواصلة والجالسون خلف المهجر أولادهم أطفالاً كانوا أم مراهقين وسلوك الأباء و الأمهات هو الذي يؤثر إلى جانب العوامل و المؤشرات الأخرى في رسم و تحديد سلوك الأولاد. و ما قيل يصدق أيضاً على المربي و المعلم و الموجه والقائد و أمثالهم.
و الخطوة الأساسية الأولى تتجسد في إحترامنا للأطفال والمراهقين إحتراماً كاملاً عند التعامل معهم إذا كنا نطمح أن يحترمنا ألأولاد و يحترموا الأخرين أيضاً دون نفاق أورياء أو خوف أو تخوف أو مدارة ظاهرية قشرية.
و أقصد بالإحترام الكامل إحترامنا لحقهم في تحديد مصيرهم بأنفسهم عند إختيار التخصص والإختصاص ونوع العمل و إختيار الملابس و إختيار الزوج و الزوجة في سن الزواج و ما نحو ذلك . طبعاً من الصعب علينا أن نحترم عملياً حق مراهقينا في تحديد مصيرهم بأنفسهم لأسباب عديدة منها شعورنا المترسخ بأننا لدينا الخبرة الكاملة بالحياة و إيماننا بأننا نريد فقط أفضل شيئ لهم و ...الخ, وكل ذلك و إنْ صح فهو نسبي و ليس بالمطلق فهو بحاجة إلى مراجعة ومحاولة حماية المراهقين من كل الأخطاء التي ارتكبناها في شبابنا بالإضافة إلى حمايتهم من الأخطاء التي قد يرتكبونها بأنفسهم و بالإكراه غير مجدية.
إن إحترام مراهقينا يعني تفهم أنهم يحتاجون الفرصة للتجربة فالإختبار أحياناً, وإرتكاب أخطائهم الخاصة و التعلم منها مثلنا تماماً عند ما كنا صغاراً.
و هذا لا يعني أن نتقبل كل ما يفعلونه , أونتخلى عن مسؤولياتنا الأبوية في وضع المعايير, بل إن هذا يعني أننا نحتاج أن ندرك أن مراهقينا لديهم عصرهم وطرقهم الخاصة بهم و التي يتبعونها خلال المراهقة , وأن مهمتنا هي مراقبتهم و أن نكون متواجدين على الفور لهم بالمساندة والمناقشة والإرشاد المدعوم بالأفعال والقدوة والقدوات والقصص والتجارب لا بالأقوال التي ننقضها كل يوم بأفعالنا.
إذا نشأ وكبرمراهقونا في منزل يسوده إحترام حقيقي عملي لذواتهم الداخلية و طريقتهم في التعبير عن حياتهم الداخلية فسوف يطورون نفس القدرة على إحترام الأخرين وإحترام حقوقهم بطريقة طبيعية للغاية, وفي النهاية سوف يستخدم المراهقون هذا الإحترام معنا كأبائهم أو كأمهاتهم. فلو أنهم نشاؤوا و ترعرعوا مع الإحترام فغالباً ما سوف يحترموننا حتى عندما يتعرفوا على نواقصنا و نقاط ضعفنا و سوف يدركون أننا بشراً أيضاً و لسنا كاملين ولكنا لدينا حسن النية تجاههم و نفعل ما في وسعنا تجاههم, و هذا ما يخفف و طأة الضغوط المترتبة على شعور الوالدين بأن سلوكهما دائماً تحت مجهر الأولاد لكن صدور الأخطاء من الوالدين يبقى محتملاً و لاسيما في تعاملها اليومي ومشاكل الحياة و ضغوط العمل والأهم في ذلك :
1- إكتشاف أليات ووسائل عملية مناسبة للحوار بين الزوج والزوجة تقوم على أساس الإحترام المتبادل والنقد البناء والهدوء والحل الوسط والعفو و التسامح لأن ذلك هو الذي يحل المشاكل ويمنح الأبناء قدوة عملية ويحول دون تحول الحوار إلى شجار وهناك كتب و مصادر كثيرة متخصصة في هذا المجال.
2- و أحياناً لسبب أو لأخر يقع الشجار بين الزوجين وعندها يجب أن يتذكرا القواعد الأساسية التي تمنع من وصل الشجار إلى ذروته والتي يجب البحث عنها قبل وقوع الشجار لإستحضارها و تجربتها عند الحاجة و من هذه القواعد:
- عليك أن تحدد انت وزوجتك اللغة التي ترى أنها غير ملائمة للحديث بينكما تلك التي تساعد في تفجير الموقف وأن تتفقا على تجنب إستعمالها.
- على كل منكما أن يأخذ حقه كاملاً في الحديث و الإستماع إلى الأخر.
- اطلبْ تأجيل المناقشة مؤقتاً إذا بدأ أي منكما في فقد أعصابه أمام الأبناء و الأطفال.
- تجنبْ أن تنبش في الماضي و تذكر المواقف المثيرة للغضب.
- حاولْ أن تجد طريقة – كان تكون إشارة غير لفظية – تتفق عليها انت و زوجك لتذكركما بالإلتزام بهذه القواعد الأساسية.
3- ورغم كل ما تقدم احياناً تقع المشاجرة بين الزوج و الزوجة وأمام الأبناء من أطفال ومراهقين و يتجاوز الخطوط الحمراء لتصل أحياناً إلى الصراخ والتنابذ بالألقاب و ربما إلى ما هو أسوأ مما يبعث على القلق من جوانب عديدة منها ما لذلك الشجار من أثار سلبية على الأطفال و المراهقين...لكن القلق لا يحل شيئاً بل يعقد الأمور اكثر مما هي فلا بد من التفكير الإيجابي لمعالجة الموقف و من ذلك التفكير أن العلاقة التي تقوم بين أي زوجين و لا يحدث فيها أي نوع من الخلاف هي العلاقة التي لا يتحقق فيها اي نوع من التواصل بين الطرفين, لأن الطبيعة البشرية ببساطة لابد وأن يتم فيها تقلب الحالة المزاجية للإنسان, وان تختلف وجهات النظر, و ان تنصب مشاعر الغضب التي تقع في غير محلها الصحيح على كيان الأسر بأكملها. و أهم شيئ ينبغي عليكما فعله بعد أن تتشاجرا أمام الأبناء هو ان يبادر كل منكما بالإعتذار للاخر أمامهم أيضاً حتى تقدما القدوة الحسنة التي ينبغي الإقتداء بها لتسوية الخلافات التي نشبت ( و أحياناً يكون التحدث بهذا الأمر أسهل من القيام به!!). طبعاًليست الخلافات الصغيرة التي تحدث من حين لأخر هي التي يكون لها تأثير على الأبناء ولكنها تلك الخلافات التي تتحول إلى مشاجرات و تصبح السلوك السائد في العلاقة الزوجية. فإذا كانت مثل هذه المشاجرات تتكرر بصفة يومية , فعليك أن تلجأ إلى الإستعانة بمشورة الأمين المجرب من الأخرين.
المفضلات