مع مواعظ لقمان عليه السلام نتابع
صلوا على محمد وآل محمد .
اليقظة بعث
قصص الأنبياء 190، ح239: أخبرنا جماعة منهم الأخوان الشيخ محمد وعلي ابنا علي بن عبد الصمد، عن أبيهما، عن السيد أبي البركات علي بن الحسين الحسيني، عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه، عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد عيسى، عن الحسين بن سيف بن عمير، النخعي، عن أخيه علي، عن أبيهما، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن جعفر (عليه السلام ) قال: كان فيما وعظ به لقمان (عليه السلام ) ابنه أنه قال:
يا بني إن تك في شك من الموت فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك، وإن كنت في شك من البعث فادفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك، فإنك إذا فكرت علمت أن نفسك بيد غيرك، وإنما النوم بمنزلة الموت، وإنما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت.
خذ من الدنيا بلاغاً
تفسير القمي 2/ 163، 165: قال أبو عبد الله (عليه السلام ) في قول الله:
قال أبو عبد الله (عليه السلام ) في قول الله: {وإذ قال لقمان..لظلم عظيم}. قال: فوعظ لقمان لاينه بآثار حتى تفطر وانشق، وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال:
يا بني انك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة، فدار انت اليها تسير أقرب من دار أنت عنها متباعد.
يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، ولا تجادلهم فيمنعوك وخذ من الدنيا بلاغاً، ولا ترفضها فتكون عيالاً على الناس، ولا تدخل فيها دخولاً يضر بآخرتك، وصم صوماً يقطع شهوتك، ولا تصم صوماً يمنعك من الصلاة فإن الصلاة أحب الى الله من الصيام.
يا بني أن الدنيا بحر عميق، قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فها الإيمان، واجعل شراعها التوكل، واجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، وان هلكت فبذنوبك.
يا بني أن تأدبت صغيراً انتفعت به كبيراً، ومن عنى بالادب اهتم به، ومن اهتم به تكلف علمه، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة، فإنك تخلف في سلفك، وتنفع به من خلفك، ويرتجيك فيه راغب، ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه والطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة، فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيباً في طلب العلم، فإنك لم تجد له تضييعاً أشد من تركه، ولا تمارين فيه لجوجاً، ولا تجادلن فقيهاً، ولا تعادين سلطاناً، ولا تماشين ظلوماً، ولا تصادقنه، ولا تصاحبن فاسقاً نطفاً، ولا تصاحبن متهماً، واخزن علمك كما تخزن ورقك.
يا بني خف الله خوفاً لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك، وارج الله رجاءً لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.
فقال له ابنه: يا أبة وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟
فقال له لقمان: يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نورين: نور للخوف، ونور للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه الأخلاق تشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله إيماناً صادقاً يعمل لله خالصاً ناصحاً، ومن يعمل لله خالصاً ناصحاً فقد آمن بالله صادقاً، ومن أطاع الله خافه، ومن خافه فقد أحبه، ومن أحبه اتبع أمره، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه، نعوذ بالله من سخط الله.
يا بني لا تركن إلى الدنيا، ولا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا ًهو أهون عليه منها، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثواباً للمطيعين ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
الدنيا بحر عميق
بحار الأنوار 13/ 416، ح10، عن قصص الأنبياء: عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد،
عن أبي الحسن (عليه السلام ) قال: كان لقمان (عليه السلام ) يقول لابنه:
يا بني إن الدنيا بحر وقد غرق فيها جيل كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله تعالى، وليكن جسرك إيماناً بالله، وليكن شراعها التوكل، لعلك يا بني تنجو وما أظنك ناجياً! يا بني كيف لا يخاف الناس ما يوعدون وهم ينتقصون في كل يوم، وكيف لا يعد لما يوعد من كان له أجل ينعذ.
يا بني خذ من الدنيا بلغة، ولا تدخل فيها دخولاً تضر فيها بآخرتك، ولا ترفضها فتكون عيالاً على الناس، وصم صياما ًيقطع شهوتك، ولا تصم صياماً يمنعك من الصلاة، فإن الصلاة أعظم عند الله من الصوم.
يا بني لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء، أو تماري به السفهاء، أو ترائي به في المجالس، ولا تترك العلم زهادة فيه ورغبة في الجهالة.
يا بني اختر المجالس على عينيك، فإن رأيت قوماً يذكرون الله فاجلس إليهم، فإنك إن تكن عالماً ينفعك علمك ويزيدوك علماً، وإن تكن جاهلاً يعلموك، ولعل الله تعالى أن يظلهم برحمة فيعمك معهم.
وقال: قيل للقمان: ما يجمع من حكمتك؟
قال: لا أسال عما كفيته، ولا أتكلف ما لا يعنيني.
كما تنام تموت
تنبيه الخاطر 1/ 88: قال لقمان:
يا بني كما تنام كذلك تموت، وكما تستيقظ كذلك تبعث.
كيف تربح الدارين
تنبيه الخواطر 1/ 145: قال لقمان لابنه:
يا بني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعاً.
أطيب شيء وأخبثه
مجمع البيان 8/ 495:
ذكر أن مولى لقمان دعاه فقال: اذبح شاة فأتني بأطيب مضغتين منها. فذبح شاة وأتاه بالقلب واللسان، فسأله عن ذلك فقال: إنهما أطيب شيء إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا.
الدنيا قنطرة
أصول الكافي 2/ 134 ـ 135، ح20: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي،
عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه:
يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجراً، فأوف عملك واستوف أجرك، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع اليها آخر الدهر، أخربها ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها، واعلم أنك ستسأل غداً إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته، ومالك مما اكتسبته، وفيما أنفقته فتأهب لذلك، وأعد له جواباً، ولا تأس على ما فاتك من الدنيا فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه، وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في أمرك واكشف الغطاء عن وجهك وتعرض لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك، واكمش في فراغك قبل أن يقصد قصدك ويقضي قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد.
ولمواعظ لقمان عليه السلام بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .
المفضلات