الإمام الصادق ( ع ) مفخرة الاسلام

[نور الهدى]

علم الهيئة والنجوم :

كان الإمام الصادق ( ع ) من علماء الفلك والنجوم 0 وله آراء ونظريات في دوران الكرة الأرضية وحركتها , وفي مقدار أشعة النجوم وحركة الضوء . وكان يلقي دروسه وإفاداته على تلاميذه وطلاب العلم , ويناقش محترفي علم النجوم , ويصحح آراءهم , ويوضح لهم أخطائهم .

نظرته الاقتصادية للحياة :

كان الإمام الصادق ( ع ) مهوى الأفئدة ومرجعا لكل طالب علم ومحب وموال هذا من شيعته بخراسان يهديه الملابس البيضاء وهذا من محبيه من أمراء الصين يرسل إليه بجارية وهذا من شيعته بالعراق يرسل إليه بما فرضه الله عليه 0 ولكن هذا كله ما كان يمنعه من طلب الرزق والكسب الحلال بجهده وعرقه ليستغني عما في أيدي الناس 0 جاء في الكافي " عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : استقبلت أبا عبدالله ( ع ) في يوم صائف شديد الحر فقلت : جعلت فداك حالك عند الله عز وجل وقرابتك من رسول الله ( ص ) وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم ؟ فقال يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك " أما العمل الشاق الذي كان يضطلع به في أحوال جوية عاتية وظروف شديدة الوطأة أحيانا , فهو العمل في التجارة حينا وفي المضاربة أو الزراعة حينا , يقوم به إما بنفسه وإما بالاستعانة بغيرة 0 وكان ( ع ) يباشر بنفسه جميع أعمال الزراعة وجمع الثمار وكيلها وبيعها . وجاء في الكافي أيضا : عن اسماعيل بن جابر قال

: أتيت ابا عبدالله ( ع ) وإذا هو في حائط له ( أي مزرعة مسورة ) بيده مسحاة وهو يفتح بها الماء ( أي يسقي الزرع ) وعليه قميص شبه الكرابيس كأنه مخيط عليه من ضيقه 0 وفي حديث آخر : بيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له والعرق يتصبب عن ظهره فقلت جعلت فداك اعطني أكفك فقال لي : إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة 0

[نور الهدى]

دراسته

درس الإمام الصادق ( ع ) في مدرسة أبيه الإمام الباقر ( ع ) وبدأ دراسته وهو في سن العاشرة 0 وكانت دروس الإمام الباقر ( ع 9 تعتبر آخر مرحله من مراحل الدراسة , وكان معظم طلابه من الفقهاء والعلماء والباحثين 0 وعندما حضر الإمام الصادق ( ع ) درس والده لأول مرة , بدأ الإمام الباقر ( ع ) يدرس جغرافية بطليموس , وسمع لأول مرة عن رأي هذا العملاق الجغرافي في شأن كروية الأرض 0 وفي سن الحادية عشرة استطاع الامام الصادق ( ع ) من تخطئة نظرية بطليموس ونقده علميا دقيقا 0 فقد كان يعتقد بطليموس بأن الشمس تدور حول الأرض وكان مر على وفاة بطليموس 560 عاما ولم تتعرض نظريته للنقد إلا على يد الإمام الصادق ( ع ) فكان أول من التفت إلى الخطأ والفساد في هذه النظرية وهو آنذاك في سن مبكرة يدرس في مدرسة والده الإمام الباقر ( ع ) 0 وكان الإمام الباقر ( ع ) يدرس علوم الجغرافيا والهندسة والهيئة والفيزياء وعلم الحيوان وعلم النبات والجيولوجيا إلى جانب الفقه والتفسير

وقد بدأ الإمام الصادق ( ع ) في تدريس الطب في مدرسته وكانت أول مدرسة تؤسس في الإسلام في شبه الجزيرة العربية ولم تكن للعرب يومذاك عناية بالعلاج أو الوقاية 0 والقواعد العامة لعلم الطب التي كانت تتداول وتدرس في مختلف المدارس هي قواعد متشابهة غير أننا نرى في مدرسة الإمام جعفر الصادق ( ع ) ما لا نراه في مدرسة قبلها , مما يدل على أنه هو المستنبط لهذه القواعد والواضع لهذه النظريات 0

وفي درس الفيزياء انتقد الإمام الصادق ( ع ) نظرية أرسطو في أصل الكون حيث كان يعتقد أرسطو بأن الكون يتألف من عناصر أربعة : التراب والماء والهواء والنار , فأبدى الإمام جعفر الصادق ( ع ) استغرابه لأن أرسطو لم ينتبه إلى أن العناصر الأربعة ومنها التراب ليست عناصر بسيطة غير قابلة للتجزئة , وقال إن التراب مركب من أجزاء وعناصر كثيرة منها الحديد

وهو بدوره مركب من أجزاء كل جزء منها يعتبر عنصرا مستقلا 0 ولم يكن أحد قد شكك في هذه النظرية ولكن ظهر بعد ألف سنة من قال بعدم صحة هذه النظرية , وكان صاحب هذا الرأي هو أصغر الطلبة سنا وأعمقهم تفكيرا في مدرسة الإمام الباقر ( ع ) ثم فند رأيا آخر لأرسطو بخصوص الهواء , وقال أن الهواء بدوره ليس عنصرا بسيطا بل هو مركب من أجزاء وعناصر شتى

وتشير الدلائل التاريخية إلى أن الإمام الصادق ( ع ) كان أول من اكتشف الاوكسجين , عندما اكتشف بأن الهواء ليس عنصرا بسيطا بل هو مركب من عناصر مختلفة , وسبق الاشارة الى غيره الى ان الهواء هو مزيج من عناصر شتى يساعد بعضها علة تنفس الكائنات الحية كما يساعد على الاحتراق 0

[نور الهدى]

علم التاريخ عند الإمام الصادق ( ع )

يقول ابن أبي الحديد المعتزلي شارح نهج البلاغة أن الإمام جعفر الصادق ( ع ) كان أول ناقد للتاريخ , وأول من وضع هذا الاسم لهذا العلم , فلم تكن للعرب كتب منثورة تحمل اسم التاريخ , وكانت الأحداث التاريخية تسجل في قصائد الشعراء المنظومة لأغراض شتى وليس من أهدافها المتوخاة تسجيل أحداث التاريخ 0 وكان من رأي الإمام الصادق ( ع ) أن اختلاط التاريخ بالخرافة والاسطورة يفقده أثره من حيث استمداد العبر واستخلاص الموعظة والدرس بغية اجتناب أخطاء السلف . وهكذا أكسب التاريخ فائدة اجتماعية أخلاقية تنأى به عن مقاصد التسلية وإزجاء الوقت

رأي الإمام الصادق ( ع ) في خلق الإنسان

يقول الإمام الصادق ( ع ) أن جسم الإنسان يتألف من نفس العناصر الموجودة في الأرض ولكن بنسب متفاوتة , فهناك عناصر توجد في جسم الإنسان . والعلم الحديث في عصرنا اليوم يثبت ما قاله الإمام الصادق ( ع )

نظرية الضوء عند الإمام الصادق ( ع )

من رأيه ( ع ) أن الضوء ينعكس من الأجسام على صفحة العين البشرية , أما الأجسام البعيدة فلا ينعكس منها إلا جزء صغير من الضوء , ولهذا تتعذر رؤيتها بالوضوح الكافي 0 ونتيجة للاتصال الذي تحقق بين أوربا والشرق في أثناء الحروب الصليبية انتقلت هذه النظرية من الشرق إلى أوروبا ودرست في المعاهد العلمية والجامعات الأوروبية وكان من جملة المهتمين بها روجر بيكون الأستاذ بجامعة أكسفورد0

[نور الهدى]

نسبية الزمن عند الإمام جعفر الصادق ( ع )

من القضايا الهامة التي نوقشت في مدرسة الإمام جعفر الصادق ( ع ) قضية الزمن التي تناولها الإمام ( ع ) ضمن ما تناول من مسائل فلسفية مختلفة , وأبدى ما أرتآه من آراء 0 لقد ساق الإمام ( ع ) نظريات حول الزمان والمكان تتفق مع نظريات العلماء المعاصرين 0 ناهيك عن أن تعريف الزمان والمكان عند الإمام ( ع ) كان خلوا من المصطلحات والمعادلات العلمية الحديثة , وكان مصوغا في قالب سهل المأتى واضح المعنى 0 ففي رأي الإمام الصادق ( ع ) أن الزمان غير موجود بذاته ولكنه يكتسب واقعيته من شعورنا وإحساسنا كما أن الزمان هو حد فاصل بين واقعتين أوحدتين 0 وفي رأي الإمام الصادق ( ع ) أن للمكان وجودا تبعيا لا ذاتيا وهو يتراءى لنا بالطول والعرض والارتفاع 0 ولكن وجوده التبعي يختلف باختلاف مراحل العمر , ومن ذلك مثلا أن الطفل الذي يعيش في بيت صغير يرى بخياله وأحلامه أن فضاء البيت ساحة كبرى 0 ومتى بلغ هذا الطفل العشرين من عمره رأي هذه الدار مكانا صغيرا جدا , وادهشه أنه كان يراها واسعة رحيبة في طفولته 0

[نور الهدى]

نظرية الإمام الصادق ( ع ) حول أسباب بعض الأمراض

ومن النظريات التي قال بها الإمام الصادق ( ع ) وكشفت عن نبوغه العلمي وإحاطته الواسعة بدقائق العلوم نظريته المتعلقة بانتقال بعض الأمراض عن طريق الضوء من المريض إلى السليم 0 ومؤدي هذه النظرية أن هناك أمراضا ينبعث منها الضوء , فإذا أصاب الضوء أحدا انتابته العلة 0 وظلت هذه النظرية معدودة من الخرافات في رأي العلماء والباحثين إلى أن جاءت التجارب العلمية الحديثة المعاصرة معززة لها ومثبته لصدق آراء الإمام الصادق ( ع ) فقد استطاع مركز علمي في مدينة سيبرك السوفياتية أن يثبت للمرة الأولى بأن هناك من الأمراض ما يشع ضوء وأن هذا الضوء قادر في حد ذاته على أصابة الخلايا السليمة وايقاع المرض بها

[نور الهدى]

نظرية الإمام الصادق ( ع ) بشأن أشعة النجوم

للأمام الصادق ( ع ) نظرية تتعلق بضوء النجوم من مؤداها أن بين النجوم التي نراها في الليل ما هو أضخم من الشمس وأن شمسنا تعتبر بالقياس إليها صغيرة الحجم ضئيلة الضياء 0 واليوم وبعد مضي أثنى عشر ونصف القرن أثبت العلم صحة هذه النظرية إذ تبين للعلماء بأن هناك مجموعات من النجوم السواطع تتضاءل تلقاء حجمها وضيائها الشمس نفسها 0

وللإمام الصادق ( ع ) نظرية علمية هامة أخرى هي نظرية انقباض العالم وامتداده فهو يقول إن العوالم الموجودة لا تبقى على حال دائم من الاحوال , فهي تتسع تارة وتنقبض تارة اخرى 0 وقد اعتبر أيضا علماء الفلك هذه النظرية ضربا من الخيال حتى القرن االثامن عشر الميلادي حيث أقيمت المراصد ونصبت المراقب الفلكية الضخمة وشاهد العلماء أجرام المنظومة الشمسية بل وسواها من الاجرام خارج المنظومة الشمسية 0 وتوالت الاكتشافات بعد ذلك لتثبت صحة نظرية الامام الصادق عليه السلام 0

[نور الهدى]

رأي الامام الصادق ( ع ) في حركة الموجودات

للإمام الصادق ( ع ) نظرية باهرة أخرى تتعلق بحركة الأجسام مؤداها أن لكل شي حركة وإن كان الجماد ولكن أعيننا لا ترى هذه الحركة وإذا كان هذا الرأي قد بدا غير معقول في أيام الصادق ( ع ) فهو قد أصبح اليوم حقيقة علمية مقررة لا سبيل إلى الشك فيها , إذ قد ثبت علميا بأنه لا يوجد جسم أو عنصر في العالم إلا وله حركة وأن من المستحيل تصور جسم معدوم الحركة

وهذا الرأي ساقه الإمام الصادق ( ع ) قبل اثنى عشر قرنا ونصف القرن هو من مبتدعاته التي سبق بها عصره , وقد أضاف إليه قوله إن توقف الحركة معناه موت بني البشر وقال أيضا إن الحركة تستمر حتى بعد الموت ولكنها تتخذ شكلا آخر 0 ولولا الحركة لما بليت الاجسام وصارت رميما 0