ففي الوقت الذي كانت تحافط على ديانتها و صلاتها و حجابها مع كبر سنها
فانها كانت تخيط لي ملابس بدون أكمام و تحاول ان تكون ملابسي قصيرة ضيقة جدا
وخاصة حينما ظهرت آثار الانوثة و انتقلت الى مرحلة المراهقة.

كانت تداوم على تجميل شعري و ترجيله فكأنني عروس في ليلة زفافها
واعتادت على ذلك في صبيحة كل يوم قبل مغادرتي البيت الى المدرسة.

ما أمرتني بالصلاة وما علمتني الصلاة
كنت أراها تقف عند المغسلة تغسل وجهها و يديها
وما كنت اعلم انها تتوضأ للصلاة

كنت أحب الصلاة..
أحب ربي...
أحب العبادة...
ولكني ما كنت اعرف كيفيتها
ومن اين اتعلم؟؟؟!
ومن يعلمني؟!!!

والمعلمات في معزل عن هذا ولا يرغبن في التحدث عن هذه المواضيع

قل لي يا استاذ ما ذنبي اذا كنت لا اعرف الصلاة؟!
..اليس الذنب ذنب والدتي؟!!!
وهل يغفر الله لوالدتي هذا التقصير او هذه الجريمة في حقي؟!!

وهنا رفعت طرفها نحو السماء وقالت:
معذرة اليك يا ربي
يا الهي
يا سيدي

ثم تغيرت نبرات صوتها و انفجرت بالبكاء
وغطت وجهها بيديها
وارتفع نحيبها
وكان جسمها يهتز من البكاء

تركتها تبكي لتغسل ذنوبها بالدموع
انها دموع الندم و الاستغفار
دموع التوبة و الانابة
حالة الخضوع و التوجه الى الله
حالة يحبها الله من عبده

واستمرت بالبكاء و كانت تردد:
(ربي ربي)بين شهيقها و انينها

وانكسر لها قلبي و توترت اعصابي
وقمت الى حقيبتي و اخرجت منها علبة كلينكس
و وضعتها بالقرب منها كي تسمح دموعها
وتلوت عليها الاية:اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى

طلبت مني ان اعيد الاية فتلوتها مرارا
فرفعت عينيها التي اغرورقت بالدموع نحو السماء فكأنها تستعطف ربها و تسترحمه

استوفت نصيبها من البكاء فارتاح ضميرها من العذاب النفسي
ثم فتحت حقيبتها اليدوية و اخرجت منها مفتاحا صغيرا
ثم فتحت حقيبتها الاخرى فأخرجت منها معطفا فضفاضا فستقي اللون و بنطلونا أسودا
ولبستها و أخرجت قطعة من الحرير الابيض و قنعت بها رأسها و رقبتها
فازدادت فتنة و جمالا و عظمت في عيني و كبرت في نفسي
فكأنها ارتدت جلباب الشرف ولبست تاج العز و الفضيلة

فقلت في نفسي:
لقد صدق من قال:الحجاب للمرأة حشمة ووقار و عز و كرامة

وصلنا الى محطة يمكث فيها القطار حوالي نصف ساعة
انتهزت هذه الفرصة لاداء صلاة المغرب و العشاء في المحطة
فاخبرتها بذلك و رافقتني حتى انتهينا من الفريضة
فسألتها :
هل ترغبين بتناول شيء من المرطبات او العشاء؟

فشكرتني على ذلك و أظهرت عدم رغبتها ولكني اشتريت مقدارا من الساندويج
حتى وافقت على مشاركتي في تناول العشاء

عدنا الى القطار واتخذ كل مكانه وبعد لحظات سمعنا صفير القطار
وانطلق بنا..
وكانت الفتاة تتنهد و تصفق بيد على اخرى أسفا على ما مضى

ثم التفتت الي و قالت:
اخي الكريم!
لا اعرف كيف اشكر الله على هذه الصدفة الطيبة في هذه الليلة السعيدة
في حياتي التي لعلها اسعد ليلة عشتها

انها ليلة ثمينة و لقاء لا يوصف ...
انني اعتبرك ملاكا سماويا من ملائكة الرحمة

أنك غيرت مجرى حياتي و اسلوب تفكيري
انك اوجدت في نفسي الوعي و الادراك بالمسؤولية

ما عرفت الحياة الا في هذه الليلة
ما عرفت نفسي الا في هذه الساعة

قطعت عليها كلامها و قلت:
لا ياختاه انا لا استحق منك هذا الثناء
ولا ادري كم أخطأت في التعبير؟
وكم أسأت اليك في الكلام؟
وكم ازعجتك بحديثي الصريح معك؟!!

لم تمهلني الفتاة و قطعت علي و قالت:
عفوا يا اخي لا ارضى لك هذا التنازل!
لقد احسنت و اجدت
وقد اتعبتك هذه الليلة و سلبت عنك الراحة
انا مدينة لك ما دمت في الحياة لا انسى احسانك و فضلك


فهل تسمح لي بسؤال؟!
ارجو ان لا يكون محرجا !!

قلت :تفضلي يا عفاف اسالي عما بدا لك بكل حرية ...

تلعثمت و ابتلعت ريقها و اطرقت برأسها
كأنها تخجل من السؤال و احمر و جهها...
و اخيرا قالت:
.
.هل انت متزوج؟!
....
...
..
.