أينَ النديم السمح أينَ الصبوح
فقد أمضَّ الهمّ قلبي الجريح
ثلاثةٌ هنّ أحبُّ المُنى
كأسٌ وأنغامٌ ووجهٌ صبيح
***
نفُوسنا ترضى احتِكام الشراب
أرواحنا تفدى الثنايا العِذاب
وروح هذا الدنَّ نستّلهُ
ونستقيهِ سائِغاً مُستطَاب
***
يا نفسَ ماهذا الأسى والكدر
قَد وقعَ الإثم وضاع الحذر
هَل ذاقَ حلو العفوَ إلاّ الَّذي
أذنبَ والله عفَا واغتفر
***
نلبسُ بينَ الناس ثوب الرياء
ونحنُ في قبضةِ كفّ القضاء
وكم سعينا نرتجي مهرباً
فكانَ مسعَانَا جميعاً هباء
***
لم تَفتَحَ الأنفسَ باب الغيوب
حتى تَرى كيفَ تسأم القلوب
ما أتعس القلبَ الَّذي لم يَكد
يلتأم حتى أنكأتهُ الخطوب
***
عامل كاهليك الغريب الوفي
واقطع مِن الأهلِ الَّذي لا يفي
وعِف زلالاً ليسَ فيه الشفا
واشرب زعافَ السمّ لو تشتفي
***
أحسن إلى الأعداء والأصدقاء
فإنَّما أُنس القلوب الصفَاء
واغفر لأصحابكَ زلاّتهم
وسامح الأعداء تَمْحُ العِداء
***
عاشر مِن الناسِ كبار العقول
وجانب الجهّال أهل الفضول
واشرب نقيعَ السمّ مِن عاقلٍ
واسكب علَى الأرضِ دواء الجهول
***
يا تارك الخمرَ لماذا تلوم
دعني إلى ربي الغفور الرحيم
ولا تُفاخرني بهجرِ الطلى
فأنتَ جانِ في سوِاها أثيم
***
أطفىء لظَى القلب ببرد الشراب
فإنَّما الأيام مثلَ السحَاب
وعيشُنا طيف خيالٍ ، فَنل
حظّكَ منهُ قبلَ فوَت الشباب