الوجه السعيد
هناك معمر في مصر عمره إلى حد الساعة 147 سنة ويعتبر بذلك شيخ المعمرين على الإطلاق، وجه هذا الرجل الكبير في السن سعيد إلى حد لا تستطيع أن تقول أن عمره يتجاوز 80 سنة ،فما هي حكاية هذا المحيا السعيد؟
يقول المثل (لا تخف من الرجل الدائم الابتسامة) ، ويقال أيضا (كثرة الهم تضحك)، الوجه الذي لا يبالي بما فاته من حطام الدنيا ومتاع الدنيا ومسرات الدنيا ،هو وجه سعيد ووجه يتطلع إلى تلك الحياة الباقية حيث الحياة الإلهية والسرمدية للإنسان المؤمن.
الإنسان التي تغمره الثقة بالله والرغبة في الله يكون سعيدا راضيا بما هو فيه حتى وإن كان ظاهره يبدو وكأنه شر.
الإنسان التي تجده يبحث عن عيوب الناس وعن أسرارهم ويحاول الإيقاع بهم واتهامهم بما ليس فيهم هو إنسان لا يستريح وجهه من رسومات القلق وعدم الرضا.
الإنسان الذي يغمره حب الله والكون والإنسان يتحول هو بذاته إلى محبة ، فهل يستطيع هذا الإنسان أن يكره أو يحقد أو يسوء الظن بأحد؟ لا يستطيع طبعا، لأنه أصبح يحيا الحياة السعيدة والتي تجعل الإنسان المحب يفنى عن الطباع الزائفة ليتصل بأخلاق أسمى وأبقى لما هو أبقى وهو الله تعالى.
من دون المحبة الإنسان لا يساوي شيئا حتى وإن كان مؤمنا، كل المؤمنين الملتزمين بكل تعاليم الشريعة ظاهرها وباطنها إذا ما سألت واحد منهم كيف تنظر إلى وجودك في ظل تعاليم الدين سوف يجيبك بدون تردد: النجاة من النار والدخول إلى الجنة، ولربما يريد الدخول إليها وحده هو ومن يحب هو، ومن في مذهبه هو، من أحبائه وأقاربه وقومه فهل يا ترى هذا هو الإيمان؟
إن الذي يحب، ويحيا في جوهر الحب، لا يعرف للحب حدودا ولا رسوما ولا اتجاها بل لا يجد له معنى سوى الاحتراق في ذات المحبوب.
همت بالحب يوما في الصحاري وهمت به وجدا عندما قلت :ذاب الذكر في عيون الأنثى، وذابت الأنثى في عيون الذكر، فاشتعلت نار المحبة الإلهية، فعانقت روح الذكر روح أنثاه فاشتعلت نار العشق الإلهي فاحترق الكل في الكل بنار الوجد الفاني في دروب الغيب المتعالي، فرجع الكل في الكل إلى الوطن الأم، وطن الحب الإلهي.
يقول زين العابدين عليه السلام في دعاء له : (يا مؤمن بلا نهاية) كل الإيمان ينتهي ليبقى إيمانه هو سبحانه وتعالى، فإيمانه هو ليس له صيغة تركيبية أو كلامية حتى نعبر عنه، إنه فوق التصورات وفوق كل الخيالات.
إلهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا، وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا أنت كما أحب فاجعلني كما تحب.
هي إرادتك ومشيئتك والعبد عبدك والحب حبك، والوجه السعيد وجهك.
المفضلات