أغوص في نفسي فأفكر فيما رأيت.. وأنا أمسك على قلبي أن يطير. وعلى روحي أن تزهق.. واذا بسحاب يمطر علي بالخواطر والكلمات. تتلاحق طرفا بعد طرف. وتقبل جماعات جماعات.. بعد أن أنهت فرض الطواف في جنبات الروح. كأنما متكلم يقذف بها في نفسي.. أو كأنها وحي يوحى من ملك الجمال.. فأسرعت انقشها على صفحات جسدي وأحصيها تحت عيني. حتى امتلأ البياض سوادا. واستفاضت روح الحبر الأسود بالهم على صدوع القلب وعلى شعابه.
روح وجسد
وجاءت بعد ذلك ليال كان فيها السحاب الابيض يعرض لي صورا أعرفها. وعندما أتم تمثيلها استوحيتها بنتا عذراء من بنات أفكاري. لتكبر في أحضان الروح وتغدوا خاطرة فتية. تقبل متمايلة كالمطر يفرغ افراغا دفعة من غير تلبث.. فحينا تكون لها خفة العصفور وحينا كبرياء الطاووس ودائما وداعة الحمامة المستأنسة.. وكأن من قال بأن للمعاني روحا نثر هذه المقولة في اديم الارض وهواء السماء.. فكانت تلك المعاني أنا وكنت أنا هي.. أتمايل معها حيثما مالت الرياح.. وأسجن نفسي بين ماحواها من وريقات ومداد.. ألبسها مافاض به صدري من حنان الأمومة.. وأمسح على نقشها كما يمسح على رؤوس الأيتام.. أدغدغها شجنا فتقطر لي عطرا أخاذا وشذا فواحا.. يسكن مابقي لي من أنين..
عندما أنقش خواطري.. تتقاطر أدمعي على وجنتي وكأنهن حبات من اللؤلؤ.. فتنشق لها زفرة من صدري كلما عرضت في مخيلتي.. أما قلبي فقلب كريم.. والقلب الكريم لا ينسى شيئا أحبه ولا شيئا ألفه. اذ الحياة فيه انما هي الشعور.. والشعور يتصل بالمعدوم اتصاله بالموجود على قياس واحد كأن الدنيا محتواة في جحر سحيق خلف أضلع.. فليس بيننا وبين أبعد ما مر من حياتنا الا خطوة من الفكر.. هي للماضي اقصر من التفاتة العين للحاضر..
ولكن عندما تستقر نفسي وتهدأ روحي التواقة للتحليق.. أجد الزمن يتراخى لي على صفحات المحيط وأبث القلم مدادا لأخط تلك الخواطر هواءا محررا.. يسافر بين القلوب الحزينة ليطرق أبوابها. يداعب وجدانها ويكنس ما تناثر في جنباتها من غبار الهموم وركام الاحزان..
لتعود اشراقة البسمة وكأنها أعجوبة من اعجاز الباري الذي لون السماء والوجوه الجميلة.. بل لا أدري كيف أفهمها. فمن حيثما نظرت اليها لا أراها تبتديء الا من فوق العقل فأنظر اليها بصمت على أنها هي لا تنظر في الا متكلمة..
لأقول بعدها.. سبحان من صور الروعة والجمال.. وسبحان من بدع المعاني الظاهرة ابداعا جعلها لدقتها كأنها لم تظهر.. وسبحان من أودع الجسد روحا تلبسه بعض سويعات وتضعه بعض اخر.. فمن الروح ما اذا رامقت فيها الطرف جال.. فهي ذات شعاع من جمالها.. ومنها ماكانت روحا صدئة لطالما أورثت جسدها قيحا يزيد طينتها سمكا الى سمكها.. وخلصت بعد كل هذا الى أن الروح سامية.. شفافة.. هي اللابس وأجسادنا هي الملبوس.. يطيب مذاقها حين يكون ذكر الإله سقاءها.. وذكر الآل زادها..
و تسمو في عوالي الأمكنة بنور الولاية.. وخلصت الى انني انا الروح ولست الجسد.. نعم أنا الروح التي طالما حلقت في سماء العشق الالهي.. أنا الروح التي انتقل خارج انطقة الازمنة والامكنة.. أنا الروح البيضاء التي طالما بايعت سيد الاوصياء هناك حيث كنا ذررا.. أنا الروح التي صافحت اربعة عشر كوكبا هناك.. أنا الروح التي تحررت من جسدها الكثيف وأصبحت كالماء الرقراق.. فأنا هنا روح وجسد راكب ومركوب..
أمسك بلجام جسدي فقط لأتحرك في جنبات عالم صغير قيدته سلاسل الزمان والمكان.. فأي فائدة لمركوب بلا راكب.. وأي غاية لملبوس بلا لابس؟ عندها استيقنت نفسي بأني روح أكثر من كوني جسد.. أنا الراكب وأنا اللابس.. وسأختار في هذه الدنيا مركوبي وملابسي.. وأغلسها بدموع التوبة كلما اتسخت.. لتعود أنقى مما كانت وأطهر.. ثم أرتحل بعدها روحا وجسدا... طاهرا ومطهرا..
حرر بتاريخ: 7/11/2006م - شذى أحمد النهاش
مشرفنا العزيز / عماد علي
لفنون الكلمات رموز..
لحروف الابداع ملوك...
لصناع الفخر والجمال ايضا ملوك...
عبارات كانت كليل حمل بين نسماته الحنين للماااااضي..
فالسنين كفيلة بحفظ الذكريات والعودة لتقليب الصفحااااااااااات...
خاطرة تستحق بجدااااره التميز
عشت لحروف الكلمة النابضة
مع خالص تحياتي
أهلا بك أختي ألم الفراق .... ولحضورك الرائع تألقت مشاركتي.....
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألم الفراق
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
ضوابط المشاركة
رد مع اقتباس
المفضلات