فكانت الولاية من بعد النبوة وكان وليد الكعبة من بعدالحبيب المصطفى يحفظ الرسالة المحمدية المقدسة وقد ورد في الحديث عن رسول الله : { إن هذا أخي ووصي وخليفتي من بعدي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا } ( فهل تجد عبارة أصرح من هذه العبارة للنص على الخلافة والإمامة) ؟ فتهافت عليه الناس يُسَلِّمون عليه بإمرة المؤمنين...
وقبيل انتهاء السلام على أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه ‘ تصل البشارة الإلهية بيد الأمين جبرائيل إلى الحبيب المصطفى
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا )
و مرت الأيام ورحل الرسول الكريم
والتحق بالرفيق الأعلى مخلفا ً فيهم الثقلين كتاب الله وعترته ...
ياترى ماذا صنعوا بعد رسول الله
نحو عليا عن منصبه الإلهي ' وغصبوا حقه وحاربوه فصبر على كل هذه الأمور أشدَّ الصبر ‘ حتى قضى نحبه شهيدا في محرابه ‘ وهو يشكوا إلى الله والى رسوله ‘ من هذه الأمة الجافية الظالمة مما صنعوا به .
فصبر على ما كان يراه من أعداء الدين إذ راموا أن يُطفئوا نوره أو يشوهوا صورته النقية الطاهرة .. هيهات هيهات لأن الله تعالى يأبى له ذلك ورسوله والمؤمنون ..
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }
وبعدأن نُهِبَ حقه ‘ قتلت زوجته وجنينه ‘ و أُخذ عُنوة من الدار حتى المسجد للبيعة أمام الملأ وهو قد صبر على كل هذه المصائب ‘ لأنه كان مقَيَّدا بوصيةٍ من رسول الله حتى لا تستغل مثل هذه النزاعات بينه وبين اعدائه من قبل اولائك الذين كانوا يتربصون بالإسلام وأهـله . وأنعم بمن قال قسما ما قيدوا ذاك الأبي إنِّما قيَّده أمرُ النبي
فهو لا يؤسرُ بل لَم يُقرَبِ حينما في ساحةِ الحربِ يصول
حتى انقضت الخمسة والعشرون عاما ً وعلي جليس الدار فكان أول مظلوم من العترة الطاهرة التي خلّفها الرسول الكريم من الثقلين الذي قال ما إن تمسكتم بهما لن تظــلّوا بعدي أبدا ..... وفي تلك الفترة جمع علي القرآن الكريم ووضع أُسس العلوم للتفسير والفقه والأصول والفلك والفيزياء والكيمياء
وبان فظله في المواقف والعجائب في سائر العلوم والأحكام حتى عرف الناس أن لاسبيل إلاّ لمن قال (سلوني قبل أن تفقدوني) فأقتربت الساعة وكأنها رجعت الى الوراء وكأن عهد رسول الله قد عاد فانْثَالُوا عَلَى نفس الرسول وزوج الزهراء البتول مِنْ كُلِّ جَانِب، حَتَّى وُطِىءَ الحَسَنَانِ، يطالبونه بالقيام بأمر الخلافة
فلما نهض بأتعابها نهضت الجاهلية الجهلاء بمواجهته
فأشعلوا نار الحرب بمقاتلته فقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على التأويل كما قاتل بين يدي رسول الله على التنزيل
فلا مساومة عند وليد الكعبة على حساب كتاب الله وسنة نبيه
فتآمروا باغتياله مرات عديدة أهل الترف وعشاق الدنيا وعبدة المال
فكان القدر المشؤم مقدَّرا أن ينزل عليه في الشهر الفضيل وفي ليلة القدر
من مؤامرة اشترك فيها الخوارج ‘ وبالتنسيق مع رأس الكفر والنفاق
معاوية ابن أبي سفيان ‘
فكمُنَ له أشقى الأولين والآخرين ابن ملجم ‘ وهو مشغول بذكر الله
في قلب المحراب ‘ وفي بيت من بيوت الله ‘
فضربه على رأسه الشريف وهو بين يدي الله عز وجل فوقع وليد الكعبة
في المحراب يخور بدمه الطاهر وهو يقول فزت ورب الكعبة فكانت الولادة
من الكعبة وكان الخلود الأبدي لوليد الكعبة وشهيد المحراب بعطائه الفكري وخدماته الجليلة وتواضعه الكبير وسيرته العطرة التي انطلقت من بيت الله ولتنتهي في المحراب في قلب بيت ٍ من بيوت الله عز وجل .
ونعم القائل
عندَ خيطِ الفَجرِ ‘ والفجْرُ بيوم الحشر يشهَدْ
خُضِّبَ المحرابُ ظُــلماً ‘ فغدا الإصباح أسو دْ
سَيقولُ الفجرُ : يا من في السما ‘ والأرضِ يُعبَدْ
صُرِعَ المولى عليٌ ‘ ساجداً هــاجـــئتُ أشهَدْ
******
ضجَّتِ الكوفةُ ذاك اليوم َ ‘ واسوَدَّت سماها
حينَ ناح المسجدُ الكُوفيُّ ‘ مِن خطبٍ دَهاها
فالذي طاحَ ‘ وهَزَّ الأرضَ ‘ فيهِ ‘ نفسُ طه
والذي راح َ بهذا الفجر ِ ‘ للناس حماها
المفضلات