فقامت زينب وألقت بنفسها على صدر أبيها ..
وقالت: يا أبه حدثتني أم أيمن بحديث كربلاء ...
وقد أحببت أن أسمعه منك،‘ فقال: يا بنية، الحديث كما حدثتك، أم أيمن، وكأني بك وبنساء أهلك لسبايا بهذا البلد ، خاشعين تخافون أن يتخطفكم الناس فصبراً صبراً
ثم التفت الإمام إلى ولديه الحسن والحسين ..
وقال: يا أبا محمد ويا أبا عبد الله كأني بكما وقد خرجت عليكما الفتن من بعدي من هنا وهناك ...
فاصبرا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين
يا أبا عبد الله أنت شهيد هذه الأمة، فعليك بتقوى الله والصبر على بلائه
ثم أغمي عليه ساعة وأفاق صلوات الله عليه
وقال: هذا رسولُ الله، وعمي حمزة وأخي جعفر ، وفاطمة الزهراء
كلُّهم يقولون: عجِّل قدومك علينا فإنا إليك مشتاقون ،
ثم أدار عينيه في أهل بيته كلهم وقال: أستودعكم الله جميعاً، سددكم الله جميعاً، الله خليفتي عليكم ، وكفى بالله خليفة،
ثم قال: وعليكم السلام يا رسلُ ربي،
(إن اللهَ مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)
ثم استقبل القبلة، وغمض عينيه... ومدد رجليه ويديه
وتشهد الشهادتين .. وفاضت روحه الطاهرة !! الى ربِّها راضيةً مرضية
رحم الله من نادى وا إماماه وا علياه
اليوم مات الهدى والدِّين منهدِمُ
وفي ثياب الأسى قد بات مدَّرعا
اليوم في قتله الهادي وفاطمةُ
ماتا وعليا نزارٍ سورُها انصدعا
اليوم فالتسكب الأيتام عبرتها
ولتترك الصبر لكن تصحب الجزعا
فعند ذلك صرخت زينب بنت علي والنساء وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود، وارتفعت الصيحة ،
فعلم أهل الكوفة أن أمير المؤمنين قد فارق الحياة، فأقبلوا يهرعون أفواجاً
وصاحوا صيحة عظيمة فارتجت الكوفة بأهلها وكثر البكاء والنحيب والضجيج بالكوفة فكان ذلك اليوم كاليوم الذي مات فيه رسولُ الله![]()
وتغير أفق السماء، وسمع الناس أصواتاً وتسبيحاً في الهواء،
عن محمد بن الحنفية انه قال ..أخذنا بتجهيز أمير المؤمنينليلاً وكان الحسن يغسله والحسين يصب عليه الماء ،
وكانلا يحتاج إلى من يقلبه، بل كان يتقلّب كما يريد الغاسل يميناً وشمالاً ، وملائكة الرحمن كانت تقلّبه وكانت رائحته أطيب من رائحة المسك ثم نادى الحسن بأخته زينب وقال: يا أختاه هــلمي بحنوط جدي رسول الله..
ولما حنطوه لفوه بخمسة أثواب كما أمرثم وضعوه على السرير وتقدم الحسن والحسين إلى السرير من مؤخره وإذا مقدمه قد ارتفع، ولا يُرى حامله، وكان حاملاه جبرائيل وميكائيل، وسارا يتعقبان مقدمه
فما مر بشيء على وجه الأرض إلا انحنى له
فكان أولاد أمير المؤمنين وعدد قليل من أخص أصحابه
المعتمد عليهم، فابتعدوا عن الكوفة في جوف الليل قاصدين النجف،
وإذا بمقدم السرير قد وضع، فوضع الحسن والحسين مؤخر السرير، وقام الحسنوصلى جماعة على أبيه فكبر سبعاً كما أمر شهيد المحراب ، ثم زحزح السرير، وكشف التراب وإذا بقبر مقبور ولحد مشقوق وساجة منقورة مكتوب عليها:
{ هذا ما ادَّخره له جدُّه نوح النبي للعبد الصالح الطاهر المطهر علي بن أبي طالب }![]()
ولما أرادوا إنزاله إلى القبر سمعوا هاتفاً يقول:
أنزلوه إلى التربة الطا هره
فقد اشتاق الحبيب إلى الحبيب
وألحدوا أمير المؤمنين قبل طلوع الفجر،





ليلاً وكان الحسن يغسله والحسين يصب عليه الماء ،
رد مع اقتباس
المفضلات