وغُشي عليه ساعة .. فأحضروا له أعرف أطباء الكوفة ..
أثير بن عمرو بن هاني السكوني فلما نظر إلى جرح رأس الإمام
طلب رئة شاة حارة فاستخرج منها عرقاً وأدخله في جراحة الأمام ثم استخرجه ، وإذا عليه بياض الدماغ..
فقال: يا أمير المؤمنين بعد أن استعبَر وبَكى .... إعْهِدْ عهدك سيدي وأوصي بوصيتك فإنَّ عدو الله
قد وصلت ضربتُه إلى أمِّ رأسك ..
قال محمد بن الحنفية ... وتزايد ولوج السم في جسدالأمام حتى
نظرنا إلى قدميه وقد احمرتا جميعاً فكَبُر ذلك علينا وأَيسْنا
منه ثم عرضنا عليه المأكل والمشرب فأبى ذلك فنظرنا إلى شفتيه يختلجان بذكر الله، ثم نادى أولاده كلهم بأسمائهم واحداً بعد واحد وجعل يودعهم وهم يبكون فقال الحسن أبه ما دعاك إلى هذا؟
فقال: يا بني إني رأيتُ جدَّكَ محمداً في منامي قبل هذه الكائنة بليلة فشكوت إليه ما أنا فيه من التذلل والأذى من هذه الأمة فقال لي صبرأ صبرا .. فقلت اللهم أبدلهم بي شراً مني وأبدلني بهم خيراً منهم فقال لي رسول الله : قد استجابَ الله دُعاك ، ستكون عندنا بعد ثلاث وقد مضت يابني
يا أبا محمد أوصيك ويا أبا عبد الله خيراً فأنتُما مني وأنا منكُما
ثم ألتفت إلى أولاده الذين مِن غير فاطمة وأوصاهم أن لا يخالفوا
أولادَ فاطمة الزهراء يعني الحسن والحسين، سيدا شباب أهل الجنة
ثم قال: أحسن الله لكم العزاء، ألا وإني مُنصرفٌ عنكم وراحل في ليلتي هذه ولاحِقٌ بحبيبي محمد كما وعدني،
يا أبا محمد إذا أنا مت فغسلني وكفني وحنطني ببقية حنوط جدّكَ المصطفى ، فإنه من كافور الجنة جاء به جبرائيل إليه،
ثم ضعني على سريري، ولا يتقدم أحد منكم مقدم السرير،
واحملوا مؤخره واتَّبِعوا مقدمه، فأي موضع وضع المقدم
فضعوا المؤخر، فحيث قام سريري فهو موضع قبري،
ثم تقدم يا أبا محمد وصل عليَّ يا بني وكبر علي سبعاً، واعلم أنه لا يَحِلُّ ذلك على أحد غيري إلا على رجل يخرج في آخر الزمان اسمه القائم المهدي من ولد أخيك الحسين يقيم اعوجاج الحق ...
فإذا اتمَمْت الصلاة علي ... فنح السرير عن موضعه ثم اكشف التراب عنه، فترى قبراً محفوراً، ولحداً مثقوباً وساجةً منقوبة
فأضجعني فيها، فإذا أردت الخروج من قبري فتفقدني فإنك لا تجدني وإني لاحق بجدِّك الرسول

وأعلم يا بني: ما من نبي يموت وإن كان مدفوناً بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا ويجمع الله عز وجل بين روحيهما وجسديهما،
ثم يفترقان فيرجع كل واحد منهما إلى موضع قبره
الذي حُطَّ فيه ثم أشرج اللحد باللبن وأهِل التراب عليَّ ثم غيِّب قبري
ثم قال: يا بني أنت ولي الأمر بعدي وولي الدم فإن عفوت فلك،
وإن قتلت فضربة بضربة ولا تأثم ‘ ثم قال أكتب