هذه تكملة
في تعريف العبادة تكمن الإجابة :
إذا أردنا أن نتحدث عن هذه المسألة باعتبار أن هذا يورث عبادة لهم أولاً ينبغي أن نعرف ما العبادة ؟
العبادة :
عندما نأتي لكتب اللغة نجد مجموعة من المفردات ، فمن ضمن العبادة التذلل الخضوع و الطاعة ، وكلها عبادة ، فلنأتِ نناقش هذه المفردات كلٌ على حده .
فهل حقيقة العبادة هي التذلل ؟
هذا غير صحيح ، لأن القرآن الكريم يدفع متبعي رسول الله (ص) إلى أن يتذللوا لآبائهم وأمهاتهم يقول تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) الأنبياء/24
فهو يأمرنا هنا بالذلة أمام آبائنا وأمهاتنا ، ولا أحد يستنكف ولا أحد يستنكر إذا رأى أحداً يقبّل يد أبيه أو أمه خضوعاً وذلة ، ولم يُفْتِ أحدٌ من علماء المسلمين قاطبة بحرمة ذلك مع أنها ذلة وهي من العبادة ، أضف إلى ذلك أن هناك آيات قرآنية ليست تتحدث عن الذلة للأبوين فقط ، وإنما الحديث عن الذلة لمطلق المؤمنين والمسلمين ، بمعنى أن المؤمنين المخلصين لا إشكال في أن يتذلل الإنسان لهم ، وفي القرآن الكريم من الآيات ما تتحدث عن ذلك .
إذن مسألة الذلة لا يقصد العبادة بالذلة خاصة وإنما العبادة أدق من الذلة .
فهل العبادة هي الطاعة ؟
في الرواية : ( من سمع لشخص فقد عبده فإن كان عن الله يتحدث فقد عبد الله ، وإن كان عن الشيطان يتحدث فقد عبد الشيطان ) فهل المراد بمطلق الطاعة هنا هي العبادة ؟
بالطبع لا ! لأننا مأمورون بأن نسمع لشخص يتحدث عن الله لنطيع الله لكننا لا نعبد ذلك الشخص المتحدث ، كما أن العبادة بهذا المعنى وردت في القرآن الكريم حول النهي عن طاعة الشيطان بلفظ العبادة له ، فهل يعني ذلك عبادته قال تعالى : (يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً ) مريم /44 . فلا تعبد هنا بعنى لا تطع .
ثم هل نحن مأمورون بطاعة النبي عندما يأمرنا الله في كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ .. ) النساء / 59 ، وهل نحن مأمورون بطاعة أولي الأمر ؟ ( وأطيعوا إولي الأمر منكم ) فهل الطاعة هنا عبادة للرسول ؟ عبادة لأولي الأمر هذا غير صحيح ، إذن ليست مطلق الطاعة هي عبادة .

أيضاً لا يمكن أن نعبر عن العبادة بكلمات كالتبرك أو الاستعانة أو الطواف كل هذه المفردات لا يمكن التعبير بها على أنها عبادة لأن في الروايات عندنا وردت مفردة التبرك بكثرة ، كما أنها وردت عند العامة قبل الخاصة ، وإذا أردنا أن نتحدث عن روايات التبرك فهي كثيرة ،ليست عندنا نحن الشيعة لا بل عند العامة ، يقول صاحب شذرات الذهب ج4 ص346 وكان الحافظ أبو محمد عبد الغني الحنبلي المقدسي المتوفى عام 600 هـ أنه إذا خرج في مصر يوم الجمعة إلى الجامع لا يقدر يمشي من كثرة الخلق يتبركون به ويجتمعون حوله ) وحتى صاحب شذرات الذهب هنا لم يُشكل على أن هذا التبرك نوع عبادة .
أكثر من ذلك أن روايات كثيرة تتحدث على أن هناك شعرة لرسول الله (ص) كان يتم التبرك بها ولم يقل أحدٌ أن من تبرك بها فقد عبدها .

وهناك تكملة