تكملة لما بدأنا به
أولاً : الروايات العامة :
مثل قوله (ص) : ( إلا إنني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ) هذه رواية عامة يؤمن بها أهل العامة ولسنا نحن ، أما نحن فلدينا روايات كثيرة تصب في هذا المضمون ، كما أنه يوجد روايات عند العامة تقول بهذا الرواية ، كما ذكر في السنن ، يذكر هذا الحديث وأحاديث كثيرة لسنا بحاجة إلى إحصائها في الحقيقة ، حيث أن هناك رواية عن عائشة تروي أن الرسول (ص) كان يخرج لزيارة بقيع الغرقد ، فإذا أجاز الرسول (ص) زيارة القبور، ألا يمكن أن يكون ذلك عاملاً لإبطال رواية شد الرحال ، وعليها تبقى زيارة القبور على جوازها وإطلاقها .
وماذا عن قول ابن تيمية في هذا الشأن ؟
لكن بالنسبة لابن تيمية وكلامه فقد ادعى الإجماع فكيف يرد عليه؟ نقول بأن هناك تهافت في كلام ابن تيمية حيث أن محقق كتاب الجواب الباهر لابن تيمية يقول : ( قال ابن تيمية في الجواب الباهر ص 41 حيث نقله عن ابن عمر دون غيره من الصحابه " أما مس منبر النبي فقد أثبت الإمام ابن تيمية في الجواب الباهر ص41 فعله عن ابن عمر دون غيره من الصحابة – أي أن ابن عمر زار القبر دون غيره - وروى أبو بكر بن شيبة في المصنف ج4 ص121 عن زيد بن الحباب قال : حدثني فلان ، قال : حدثني يزيد بن عبد الملك بن قسيط قال : رأيت نفراً من أصحاب النبي إذا خلا لهم المسجد قاموا إلى زَمانة المنبر القرعاء( المكان الذي كان الرسول (ص) يضع يده عليه ) فمسحوها ودعوا ، قال : ورأيت يزيد يفعل ذلك وهذا لما كان منبره الذي لامس جسده الشريف ، أما الآن بعدما تغير لا يقال بمشروعية المسح تبركاً به " .
هكذا علق المحقق بقوله : ( أما الآن بعدما تغير لا يقال بمشروعة المسح تبركاً به) ، وهذا طبعاً يعد اعترافاً ضمنياً بأن لجسد رسول الله خاصية ، مع أنهم يقولون بأن الرسول ليس له خاصية ، وأن مثله مثل بقية الناس ، ولكن إذا مس جسده شيء فإنه يُتبرك به ، والمسجد النبوي وطأه الرسول (ص) وكثير من الأماكن يتشرف بها ليس باعتبار الجسد الساكن وإنما باعتبار الروح واللطف الإلهي الموجود فيها .
أما قوله : أما جواز مس قبر النبي فقد ذكرنا أن بعض الناس كان يفعل ذلك ، بعض الصحابة كان يفعل ذلك ، مس القبر ومس المنبر .
كارثة وأي كارثة !
أما بعض ما قد يدعيه الآخرون وهو أنه ما الفائدة من الزيارة إلا أننا نستجمع ونستعدي الآخرين ، فهذه كارثة حقيقة ، نعم إذا نحن أخذنا في مراعاة هذه الجوانب ، فهذه كارثة ، بحيث أن البعض بين الفينة والأخرى يقومون بتصدير خطابات أنه على المؤمنين ألا يزورون ولا يدخلون البقيع ولا يفعلون ولا ولا ، من باب حفظ الوحدة ، وهكذا نبدأ في التنازل عن معتقداتنا شيئاً فشيئاً ، إن هذه سوف تستتبع أموراً أخرى حتى نبقى بلا عقيدة ، أصلاً قد نصبح مسخاً في عقيدتنا ، فنحن كشيعة قد لا يعجب القوم فينا مسألة معينة ، بما في اللعن بمعناه العام ، فعندما تلعن الظالمين فإنه سيقال لك هذا لا يجوز ، وعندما تصلى على أهل البيت وتخصهم بالذكر فإنه لا يجوز عندهم ، لأنك سوف تستثير حفائظ الآخرين ، وبتسليمنا لهم فإننا نتقدم خطوة للقضاء على هذا المذهب ، وهذه كارثة ، وهذا يجرنا لأمور خطيرة كأن نأتي للمسلمين ونطالبهم ألا يثيروا حفائظ المسيحيين ، فالمسيحيون يقدسون من حرّف التوراة والإنجيل ، ومع ذلك نحن ننتقد هؤلاء ، أو نأتي لبعض الشيعة في بعض المناطق كما في العراق ونقول لهم لا تلعنوا الشيطان لأن فئة الإيزيديين عندهم لعن الشيطان محرم وهو يجرح مشاعرهم ، لذا فإنك لا تستطيع أن تلعن ، أكثر من ذلك أن نأمر أتباعنا ألا يصلوا على محمد وآل محمد فالصلاة على محمد وآل محمد كما عند الصابئة هو أمر يستفز هؤلاء ولا يمكن الواحد منهم أن يخرج من الماء إذا كان في ماء.
بين علماني يدعي التنسك وعالم دين متّهتك
وهكذا نبدأ في حذف تراثنا على أساس أن نتحد مع فلان وعلان ، وفي نفس الوقت يخرج لك شخص ممن ليس لهم ذمة ولا ضمير ويحاول أن يطعن في أشراف هذه الأمة ، هذه المشكلة حقيقة وهذه كارثة ، فإننا نعاني من الطرفين ، فمن الطرف السني تجد أن علمانياً لا يمت للدين بصلة يقف في أحد القنوات الفضائية لينتقد التجمع والتجمهر الذي يعيشه شيعة أهل البيت في العراق في النجف وكربلاء ، والتجمهر الذي كان قد حصل على جسر الأئمة ، فبدلاً من أن يشجب ويستنكر الإرهاب والإرهابيين المسببين لهذه العملية الشنعاء ، يقول : أن هؤلاء عندما ماتوا فإن هذا خطأ من أخطاء الشيعة ، وإلا عندما يتواجدون بهذه الكثرة فإنهم سيكونون عُرضة لمثل هذه المسائل ، ثم يتساءل تساؤلاً خبيثاً فيقول : أليس الأجدر بالسيد السيستاني حفظه الله أن يأمر هؤلاء المجتمعين بأن يأخذ كل منهم كيس مهملات وأن يقوم بتنظيف بغداد ؟! لكي تنظف بغداد ! الله أكبر ! هذه لغة سخيفة ، المراد منها النيل من المرجعية الشيعية ، وهذا مرفوض ، والهدف منها الإسفاف بعقول هؤلاء وأنهم يقومون بعمل عبثي ، هذا أمر والأمر الآخر إبراز مدى ما يحمله هذا الإعلامي من حقد مع أنه علماني كما يدعي ، لكن علمانييهم عندما يصلون إلى هذه المنطقة من التفكير فإنهم يصبحون متطرفين تكفيريين .
الباقي في الطريق
تحياتي وأشواقي لكم أنثر أوراقي
المفضلات