أراد ملكٌ أن يدرس تأثير الوحدة على الإنسان.. فسَجَن رجلاً صحيح الجسم والعقل.
بعد فترة بسيطة بدأ السجين يصرخ و يصيح و يضرب رأسه بيأس في سبيل الخروج.
فقد كانت كلّ حياته في الخارج ومربوطة بالآخرين.. أمّا بداخله فلا يوجد شيء.. وكان البقاء وحيداً بالنسبة إليه، كأنّه ليس موجوداً على الإطلاق.
لقد بدأ ينهار ببطء، واختفى شيء ما من داخله و سيطر عليه الهدوء.
توقّف الرجل عن البكاء و نشفت دموعه، وأصبحت نظرته جامدة كالأعمى مع أنه كان يرى.
مضى الوقت و مرّت الأيّام و الأشهر حتّى انقضت سنة... و كانت كلّ وسائل الرّاحة و السعادة مؤمّنة له، و كلّ شيء يحلم به كان موجوداً داخل سجنه... لقد كانت ضيافة ملكيّة.
بعد هذا كلّه، أعلن الأطبّاء أنّه قد جُنّ.. لقد كانت صحّته رائعة، لكنّه في الدّاخل، أي في داخل نفسه كان ميّتاً تماماً.
سؤالي هو:
هل يمكن للوحدة أن تجعل الإنسان مجنوناً؟ و كيف ذلك؟
في الواقع، كان الجُنون موجوداً دائم، لكن العلاقات مع النّاس في الخارج تخفيه، أمّا الوحدة فتكشفه. لذلك يواصل الإنسان محاولته للانخراط بالنّاس كي يتجنّب رؤيته.
ولذلك كلّ شخص يحاول أن يهرب من نفسه. لكن هذا ليس بالشيء الصحيح... و عدم رؤية حقيقتك لا يعني أنّك متحرّر منها..
وإنّ الشخص الذي يرى مشكلة في تقبّل الوحدة يخدع نفسه. وخداع النّفس يكون محطِّما أحياناً.
يجب على الشّخص أن يعرف هذا بكلّ معنى الكلمة.
إذا حدث هذا فجأة بغير قصد، يتحطّم المرء و يصبح مجنوناً. فالشخص المقموع سينفجر عاجلاً أم آجلاً.
الدّين هو علمُ ينحدر فيه الإنسان لوَحده إلى هذه الوحدة...
وعن طريق كشف طبقة بعد طبقة، تظهر حقيقة مدهشة.. وببطء، نعرف أنّنا فعلاً لوحدنا.. لأنّه في عُمق داخلن، كلّ إنسان يكون وحيداً..
نحن نشعر بالخوف لأنّ ذلك ليس مألوفاً.
إنّ الجهل وعدم الإلفة يسبّبان هذا الخوف.. أمّا عندما نتآلف مع هذه الحقيقة نستبدل خوفنا بالشجاعة و النعمة.
و الحقيقة، الوعي، و النّعمة هي الّتي توجد في عالمِ الوحدة.
إنّ تحقيق الألوهيّة يكون بالانحدار إلى داخل النّفس.
و هنا أقول: لا تهربوا من أنفسكم، ولا من الوحدة..
لأنّك لا تجد اللآليء إلا بالغوص في أعماق البحار.
__________________
منقووووووووووول
تقبلوا تحياتي
دمعة الاحزان
المفضلات