بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين
السلام أيها الموالون أينما كنتم ورحمة الله وبركاته
وعظم الله لكم الأجر في هذه الفاجعة العظمى والمصيبة الكبرى
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
سورة آل عمران - سورة 3 - آية 169
عبدالله الرضيع
http://khadmat.org/aalalrasool/aalal.../ashura/10.jpg
عاد الإمام الحسين إلى المخيم منحني الظهر وإذ بزينب استقبلته بطفل تحمله، وهو عبد الله الرضيع قائلةً أخي يا أبا عبد الله هذا الطفل قد جفَّ حليب أمه، فاذهب به إلى القوم علّهم يسقوه قليلاً من الماء،
خرج الإمام الحسين سلام الله عليه إليهم وكان من عادته إذا خرج إلى الحرب ركب ذا الجناح، وإذا توجه إلى الخطاب كان يركب الناقة،
ولكن هذه المرة يقول الراوون: خرج راجلاً يحمل شيئاً يظلله من حرارة الشمس
صاح أيها الناس، فاشرأبت الأعناق نحوه قال: أيها الناس إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار
فاختلف القوم ما بينهم: منهم من قال لا تسقوه، ومنهم من قال اسقوه، ومنهم من قال لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية،
عندها التفت عمر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي، قال له يا حرملة اقطع نزاع القوم،
يقول حرملة: فهمت كلام الأمير، فسددت السهم في كبد القوس وصرت أنتظر أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل، تلمع على عضد أبيه الحسين كأنها إبريق فضة عندها رميته بالسهم، ذلك الطفل كان مغمىً عليه من شدة الظمأ ولكن عندما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، ذلك الطفل كان مغمىً عليه رفع يديه من تحت قماطه واعتنق أباه الحسين وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح،
وضع الحسين يده تحت نحر الرضيع حتى امتلأت دماً رمى بها نحو السماء، قائلا: اللهم لا يكن عليك أهون من فصيل ناقة صالح،
قال الراوون: فلم يقع من ذلك الدماء إلى الأرض نقطة واحدة،
عاد به الحسين إلى المخيم، استقبلته سكينة: أبه يا حسين، لعلك سقيت عبد الله ماءً وأتيتنا بالبقية، قال بني سكينة هذا أخوك مذبوح من الوريد إلى الوريد
عظم الله لكم الأجر أيها الموالون فهذا الرضيع الذي لا حوله له ولا قوة لم يسلم من كيد الأعداء فأي قلوب قاسية يحملون هؤلاء القوم لعنهم الله
http://www.almunasabat.com/sn2/08/baram/images/8a.jpg
لما قتل أبو الفضل العباس (عليه السلام) التفت الإمام الحسين (عليه السلام) حواليه فلم ير أحداً ينصره... ونظر إلى أهله وصحبه مجزرين كالأضاحي وهو إذ ذاك يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال.
صاح بأعلى صوته: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ هل من معين يرجو عند الله إعانتنا؟
فارتفعت أصوات النساء بالبكاء، ثم إنه (عليه السلام) أمر عياله بالسكوت وودعهم ثم طلب ثوباً لا يرغب فيه أحد، يضعهُ تحت ثيابه لئلا يجرد منه، لعلمه إنه مقتول مسلوب، فأخذ ثوباً بالياًً وخرقة وجعله تحت ثيابه. وتقدم إلى باب الخيمة وقال:
ـ ناولوني ولدي الرضيع، لأودعه.. فأتته العقيلة زينب (عليه السلام) بابنه عبد الله (ابن الستة أشهر) وأمه رباب بنت أمرئ القيس وأخته سكينة، فأجلسه في حجره وجعل يقبله ويقول:
ـ بُعداً لهؤلاء القوم وويل لهم إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم.
وقال لأم كلثوم: يا أختاه، أوصيك بولدي الأصغر خيراً فإنه طفل صغير.
فأخذ الحسين الطفل بين ذراعيه وتوجه به نحو معسكر أعداء الله على أمل أن يثير نخوتهم ويرحموا هذا الرضيع وقال:
يا قوم قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري، وما بقي غير هذا الطفل وهو يتلظى عطشاً فاسقوه شربة من الماء.
فبينما هو يخاطبهم برجاء... إذ أتاه سهم مشؤوم من ظالم غشوم هو (حرملة بن كاهل الأسدي) الذي رمى الطفل في رقبته فذبحه من الأذن وهو في حجر أبيه.
ذبح الرضيع فتلقى الحسين دمه بكفيه حتى امتلأتا، فرمى الدم نحو السماء وقال: (اللهم إني أشهدك على هؤلاء القوم، فإنهم نذروا إلا يتركوا أحداً من ذرية نبيك)
قال الإمام الباقر (عليه السلام): رمى الحسين بالدم نحو السماء فلم تسقط منه قطرة واحدة ولم يرجع منه إلى الأرض شيء!)
ورفع رأسه إلى السماء داعياً ربه: هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله تعالى.. اللهم لا يكون أهون عليكم من فصيل ناقة صالح... إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير منه، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الآجل).
ثم رجع الحسين (عليه السلام) بالطفل مذبوحاً ودمه يجري على صدره، فاستقبلته سكينة وقالت: يا أبت، لعلك سقيت أخي الرضيع الماء...
فبكى الحسين وقال:
بنية هاك أخاك مذبوحاً بسهم الأعداء ..
ثم وضع ولده الذبيح وسط الخيمة بين النسوة وشرع يبكي عليه.
http://www.almunasabat.com/sn2/08/baram/images/8a-2.jpg





رد مع اقتباس
المفضلات