كان يُسمّي نفسه سلمان الاِسلام، ويُعرف بسلمان الخير، ويكنّى: أبا عبد اللّه، أصله من رامهرمز، وقيل من اصفهان، وقالوا: رحل يطلب دين اللّه تعالى إلى الشام، فالموصل، فنصيبين، فعمورية، ثمّ سمع بأنّ نبياً سيبعث، فقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب، فاستخدموه ثمّ استعبدوه وباعوه حتى وقع إلى المدينة، فسمع بخبر الاِسلام، فقصد النبيّ - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - وأظهر إسلامه. وحديث
____________
*: الطبقاتالكبرى لابن سعد 7|319، تاريخ خليفة 143، الطبقات لخليفة 33 برقم 22، المحبر 75،التاريخ الكبير 4|135، المعارف 154، الكنى والاَسماء للدولابي 78 و 861، الجرحوالتعديل 4|296، اختيار معرفة الرجال 484 و 6، الثقات لابن حبان 3|157، مشاهيرعلماء الاَمصار 76 برقم 274، المستدرك للحاكم 3|598، المعجم الكبير للطبراني 6|212،حلية الاَولياء 1|185، ذكر أخبار اصبهان 1|48، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 84 برقم 79، الخلاف للطوسي 3|244، فهرست الطوسي 80، رجال الطوسي 20 و43، تاريخبغداد 1|163، الاستيعاب 2|53، معالم العلماء 57، أُسد الغابة 2|328، تهذيب الاَسماءواللغات 1|226، الرجال لابن داود 105، رجال العلاّمة الحلّي 84، تهذيب الكمال 11|245، سير أعلام النبلاء 1|505، دول الاِسلام 1|17، تاريخ الاِسلام للذهبي (عهدالخلفاء) 510، الوافي بالوفيات 15|309، مرآة الجنان 1|100، الجواهر المضيئة 2|415،الاصابة 2|60، تهذيب التهذيب 4|137، تقريب التهذيب 1|315، كنز العمال 13|421، شذراتالذهب 1|44، الدرجات الرفيعة 198، أعيان الشيعة 7|279، تنقيح المقال 2|45، الذريعةإلى تصانيف الشيعة 1|332، الغدير 1|44 و 11|126، معجم رجال الحديث 8|186 برقم 5338.
إسلامه ذكره كثير من المحدّثين.
آخى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - بينه وبين أبي الدرداء وقيل بينه وبين أبي ذر، وأوّل مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، ثمّ شهد بقية المشاهد.
رُوي أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - لما أمر المسلمين بحفر الخندق احتج المهاجرون والاَنصار في سلمان، فقال المهاجرون: سلمان منّا، وقالت الاَنصار: سلمان منّا، فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - : «سلمان منّا أهل البيت». وإلى ذلك أشار أبو فراس الحمداني (ت 357 هـ):
هيهات لا قَرَّبت قربى ولا رحمٌ * يوماً إذا أقصت الاَخلاق والشِّيَمُ
كانت مودّة سلمان لهم رَحِماً * ولم يكن بين نوحٍ وابنه رَحِمُ
روي عن أنس، قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - : «اشتاقت الجنة إلى ثلاثة: عليّ وعمار وسلمان» (1)
وعن أبي عبد اللّه الصادق - عليهالسّلام- ، قال: «قال رسول اللّه ص: إنّ اللّه تعالى أمرني بحبأربعة، ثمّ قال: علي بن أبي طالب،والمقداد بن الاَسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي» (2)
حدّث سلمان عن النبيّ - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - وعليّ - عليه السّلام- .
حدّث عنه: أبو سعيد الخدري، وأنس، وابن عباس، وأبو عثمان النَّهدي وغيرهم.
وكان فقيهاً، عالماً بالشرائع، لبيباً، زاهداً، متقشّفاً.
____________
1. وفي حلية الاَولياء: اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي والمقدادوعمار وسلمان.
2. وأخرجه الترمذي وحسّنه عن ابن بريدة عنأبيه. المناقب (3720) . وأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة سلمان.
روي عن النبيّ - صلّى اللّه عليه وآلهوسلّم - أنّه قال لاَبي الدرداء: «سلمان أفقه منك».
وروي عن أبي البختري عن عليّ أنّه سُئل عن سلمان فقال: علم العلم الاَوّل والعلم الآخر، ذاك بحر لا يُنزف، وهو منّا أهل البيت.
وفي رواية زاذان عن عليّ - عليهالسّلام- : سلمان الفارسي كلقمان الحكيم.
وعن أُمّ الموَمنين عائشة، قالت: كان لسلمان مجلس من رسول اللّهبالليل حتى كاد يغلبنا على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - .
ولاّه عمر بن الخطاب المدائن، فأقام بها إلى أن توفّي. وكان إذا خرج عطاوَه تصدّق به. ينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده.
أخرج أبو نعيم بسنده عن أبي البختري، قال: جاء الاَشعث بن قيس وجرير بن عبد اللّه، فدخلا على سلمان في خصٍّ، فسلّما وحيّياه، ثم قالا: أنت صاحب رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآلهوسلّم - ؟ قال: لا أدري، فارتابا، قال: إنّما صاحبه من دخل معهالجنة ....
وكان سلمان من شيعة عليّ - عليه السّلام- وخاصته، شديدَ التحقّق بولائه، وهو أحد رواة حديث الغدير (1)وقد كتب إليه أمير الموَمنين قبل أيام خلافته كتاباً جاء فيه:
أمّا بعد، فانّما مَثَلُ الدنيا مَثَلُ الحيّة، ليّنٌ مَسُّها، قاتلٌ سُمُّها، فاعرض عمّا يعجبك فيها، لقلّة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها، وتصرّف حالاتها، وكن آنَسَ ما تكون بها، أحذَر ما تكون منها، فانّ صاحبها كلما اطمأنّ فيها إلى سرور، أشخصته عنه إلى محذور، أو إلى إيناسٍ أزالته عنه إلى إيحاش (2).
____________
1. قالالعلاّمة الاَميني: أخرج الحديث بطريقه الحافظ ابن عقدة في حديث الولاية، والجعابيفي نخبه، والحمويني الشافعي في الباب الثامن والخمسين من فرائد السمطين، وعدّه شمسالدين الجزري الشافعي في أسنى المطالب : ص 4 من رواة حديث الغدير. الغدير: 1|44.
2. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18|34.
عُدّ سلمان من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، وله في مسألة الصيد فتوى واحدة ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» وجاءت أيضاً في السنن الكبرى وكتاب المغني والشرح الكبير. وقيل: هو أوّل من صنّف في الآثار، صنّف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم إلى النبي - صلّى اللّهعليه وآله وسلّم - .
روي أنّ أبا الدرداء ـ وكان يسكن الشام ـ كتب إلى سلمان: أمّا بعد فانّ اللّه رزقني بعدك مالاً ونزلت الاَرض المقدسة. فكتب إليه سلمان: أمّا بعد فانّك كتبت إليّ أنّ اللّه رزقك مالاً وولداً فاعلم أنّ الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يكثر حلمك وأن ينفعك علمك وكتبت إليّ أنّك نزلت الاَرض المقدسة وأنّ الاَرض لا تعمل لاَحد، إعمل كأنّك تُرى، واعدد نفسك من الموتى.
رُوي أنّ سلمان خطب فقال: الحمد للّه الذي هداني لدينه بعد جحودي . ألا أنّ لكم منايا تتبعها بلايا فانّ عند عليّ - عليه السّلام- علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب، على منهاج هارون بن عمران، قال له رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - : أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى ... ثمّ قال: أمّا واللّه لو وليتموها عليّاً لاَكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم ... أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة العينين من الرأس.
توفّي بالمدائن سنة خمس وثلاثين وقيل: أربع وثلاثين، وقيل: ثلاث وثلاثين، وقبره معروف يُزار إلى اليوم، وأنّ البلدة المسماة اليوم سلمان پاك في جوار المدائن ـ بالعراق ـ منسوبة إلى صاحب الترجمة وانّ كلمة ( پاك) بالباء المثلثة فارسية معناها (الطاهر) (1)
____________
1. جاء في معجم البلدان| مادة مدائن: فأمّا في وقتنا هذا فالمسمّىبهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها وبين بغداد ستة فراسخ وأهلها فلاحون يزرعونويحصدون، والغالب على أهلها التشيع على مذهب الاِمامية، وبالمدينة الشرقية قربالاِيوان قبر سلمان الفارسي ـ رضي اللّه عنه ـ.
المفضلات