استمري ابنتي نحن معك
محمود سعد
تكملة لجزء ابا طالب ناصر الرسول
البشرى
و ذات يوم جاء سيدنا محمّد إلى عمّه و الفرحة تغمر وجهه المضيئ و قال :
ـ يا عم إنّ ربي قد سلّط " الأُرضة " على صحيفة قريش فلم تدَعْ شيئاً إلاّ اسم الله .
فقال أبو طالب مستبشراً :
ـ أربّك أخبرك بهذا ؟!
ـ نعم .
و نهض أبو طالب على الفور و قلبه مملوء بالإيمان ، و انطلق إلى الكعبة حيث يجلس زعماء قريش في " دار الندوة " .
هتف أبو طالب بالجالسين :
ـ يا معشر قريش .
و نهض الجالسون إجلالاً لشيخ مهيب الطلعة و تطلّعوا إلى ما سيقوله فلعلّه جاء ليعلن تراجعه و هزيمته أمام الحصار ، و لكن شيخ البطحاء قال :
ـ يا معشر قريش : إن ابن أخي محمّد قد أخبرني بأن الله قد سلّط على صحيفتكم الأُرضة فمحت منها كلّ شيء إلاّ اسمه فان كان صادقاً فانتهوا عن قطيعتنا و حصارنا .
قال أبو جهل :
ـ و إن كان كاذباً ؟
أجاب أبو طالب بثقة و إيمان .
ـ أُسلّمكم ابن أخي .
هتف زعماء قريش :
ـ رضينا و لك منّا العهد و الميثاق .
و فُتح باب الكعبة ليجدوا الأُرضة قد أكلت كلّ شيء إلاّ " بسم الله " .
و خرج المحاصرون من " شعب أبي طالب " و راح سيدنا محمّد و الذين آمنوا معه يبشّرون بنور الإسلام الوافدين لزيارة بيت الله الحرام
الرحيل
تخطى أبو طالب الثمانين من عمره فشعر بالضعف الشديد و سقط في فراش المرض ، و كان لا يفكّر بشيء سوى سيدنا محمّد ، و كان يدرك أنّه إذا مات فانّ قريشاً لن تهاب أحداً بعده و سوف تقتل ابن أخيه .
و جاء زعماء قريش لعيادة شيخ البطحاء و قالوا :
ـ يا أبا طالب أنت شيخنا و سيدنا ، و قد حضرك الموت فضع حدّاً للخصام بيننا و بين ابن أخيك . . و قل له أن يكفّ عنّا لنكفّ عنه ، و يدعنا و ديننا و ندعه و دينه .
نظر أبو طالب إلى أبي جهل و إلى أبي سفيان و غيرهما من زعماء قريش و قال لهم بصوت واهن :
ـ لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّد و اتبعتم أمره ، فأطيعوه تنالوا السعادة في دنياكم و آخرتكم .
و نهض المشركون و قال أبو جهل بحقد :
ـ أتريد أن نجعل الآلهة إلهاً واحداً ؟!
و شعر أبو طالب بالحزن لموقف قريش ، و كان يحسّ بالقلق على مصير سيدنا محمّد ، فدعى بني هاشم و أمرهم بنصرة سيدنا محمّد حتى لو كلّفهم ذلك حياتهم ، فامتثلوا جميعاً .
و عندما أغمض أبو طالب عينيه ليموت مطمئن البال .
و سكت شيخ البطحاء ، أصبح جثّة هامدة لا حراك فيها ، و انخرط ابنه عليّ في بكاءٍ مرير ، و انبعثت صرخات الحزن في أرجاء مكّة ، وفرح المشركون و قال أبو جهل بغيظ :
ـ آن الأوان للإنتقام من محمّد .
و جاء سيدنا محمّد من أجل أن يودّعه الوداع الأخير .
قبّل جبينه المضيء و تمتم بحزن :
ـ رحمك الله يا عم ! ربيتني صغيراً و كفلتني يتيماً و نصرتني كبيراً فجزاك الله عني و عن الإسلام خير جزاء العاملين المجاهدين .
ثم بكى و انهمرت دموعه ، و راح يتذكّر أيام طفولته في ظلال عمّه الوارفة يوم كان صبيّاً و أراد عمّه الرحيل في تجارة إلى الشام ، فركض وراء عمّه و أخذ بزمام ناقته و قال باكياً :
ـ إلى مَن تكلني و لا أب لي و لا اُم ألجأ إليهما ؟
و تذكّر بكاء عمّه و هو يقول له :
ـ و الله لا أكلك إلى غيري .
ثم مدّ يده إليه و احتضنه و راح يقبّله و يشمّه . و انطلقت بهما الناقة في رمال الصحراء .
تذكّر سيدنا محمّد كلّ تلك الأيام بحلاوتها و مرارتها فقبّل جبين عمه المضيء ، و عانق ابن عمّه علي و راحا يبكيان معاً .
عام الحزن
و تمرّ أسابيع معدودة . و توفيت خديجة زوجة سيدنا محمّد ، فسمّى ذلك العام " عام الحزن " ، و راحت قريش تصبّ عذابها على سيدنا محمّد و الذين آمنوا معه .
و ذات يوم جاء سيدنا محمّد إلى منزله و قد ألقى السفهاء التراب على رأسه ، و راحت ابنته فاطمة تبكي و هي تغسل عنه التراب ، فمسح على رأسها و قال :
ـ لا تبكي يا ابنتي فإنّ الله مانع أباك و ناصره على أعداء دينه و رسالته ، و جاء جبريل بأمر السماء قائلاً :
ـ يا محمّد اخرج من مكّة فقد مات ناصرك .
و لمّا تآمرت قريش على قتل سيدنا محمّد ، جاء فتى أبي طالب علي هذه المرّة لينام في فراشه أيضاً و يفدي سيدنا محمّداً بروحه .
فعليّ هو ابن أبي طالب شيخ البطحاء .
فيما انطلق سيدنا محمّد باتجاه يثرب المدينة المنوّرة ، و هناك انبثق نور الإسلام ليضيء العالم .
و اليوم و عندما يتوجّه المسلمون كلّ عام لزيارة بيت الله الحرام فإنّهم يتذكّرون مواقف شيخ البطحاء و هو يدافع عن دين الله و رسالته .
.. آسفه ع التقصــير ..
استمري ابنتي نحن معك
محمود سعد
هذا الجزاء الي يمحمد والله اذا ماوقوفك الادارة ما اكون الامل البعيد
احنا الاغبياء والله ساكمل واكمل
حتى تحتر مرارتك
كل شي الا الائمه والصحابة عليهم السلام
صحيح انتم المخطئين
اريد من الجميع الدخول ليروا حقيقة هؤلاء الناس
اصحاب الرسول ويكلم عنهم
يالله انصرنا عن القوم الظالمين
التعديل الأخير تم بواسطة الأمل البعيد ; 07-24-2007 الساعة 03:23 AM
.. آسفه ع التقصــير ..
حمزة بن المـطـلـب
أســــد اللـــه
انطلق حمزة إلى التلال المشرفة على مكّة ، كان حصانه القويّ يصعد كثبان الرمال ، او ينساب في الوديان ، و حمزة يتأمّل ما حوله من مناظر جميلة .
السماء زرقاء صافية ، و التلال تغمرها أشعة الشمس ، فتلمع حبّات الرمال .
كان حمزة يفكّر بدعوة سيّدنا محمّد ، و كان قلبه مع رسول الله . .
حقّاً لا إله إلاّ الله ، أمّا اللات و العزى و مناة فما هي إلاّ حجارة صنعها الإنسان فكيف يعبدها ؟!
انطلق الحصان يجوب الصحراء ، و فرّت الأرانب و هي ترى من بعيد رجلاً يحمل قوسه باحثاً عن الأسُود .
سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله )
في طريق المسعى بين جبل " الصفا " و جبل " المروة " جلس سيّدنا محمّد فوق إحدى الصخور ، كان كعادته مستغرقاً في الفكر و التأمل .
كان يفكر بقومه الذين كفروا به و برسالة الله .
في منزل مطلّ على طريق " المسعى " جلست فتاتان ، كانت شرفة المنزل تطلّ على الطريق .
رأت الفتاتان سيّدنا محمّداً غارقاً في الفكر ، ينظر السماء و إلى الجبال .
و في تلك اللحظات ظهر " أبو جهل " و معه سفهاء مكّة ، كانوا يضحكون و يقهقهون بصوتٍ عال .
نظر أبو جهل إلى سيّدنا محمّد فالتمعت عيناه حقداً . أراد أن يسخر منه فصاح :
ـ انظروا إلى هذا الساحر . . إلى هذا المجنون . . انّه لا يضحك مثلنا . . هو ساكت . .
و ضحك السفهاء ، و كانت قهقهاتهم الشيطانية تملأ الفضاء :
ـ ها ها ها ـ ها ها ها . .
كانت الفتاتان تراقبان ما يجري بحزن . رأتا أبا جهل يدور حول سيّدنا محمّد و يضحك ، و يقوم بحركات مضحكة . .
أخذ أبو جهل حفنة من التراب ، و وضعها فوق رأس النبيّ .
تناثر التراب فوق وجهه و ثيابه . .
و ضحك أبو جهل و السفهاء . و سيّدنا محمّد ساكت . كان حزيناً . .
شعرت الفتاتان بالحزن و الألم من أجل سيّدنا محمّد .
ابتعد أبو جهل و حوله السفهاء ، و نهض سيّدنا محمّد يمسح التراب عن رأسه و وجهه و ثيابه ، و مضى إلى منزله .
و مرّت ساعة ، قرّرت الفتاتان أن تخبرا الحمزة فانتظرتاه .
من بعيد لاح حمزة ينحدر من التلال على حصانه الأشقر .
هتفت الفتاة :
ـ عاد حمزة . . هيا بنا نخبره .
صاحت الفتاة :
ـ يا أبا عمارة . .
توقّف الحمزة و تطلّع إلى الفتاة .
قالت الفتاة بحزن :
ـ يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمّد من " أبي جهل " .
تساءل حمزة :
ـ و ما لقي منه ؟
قالت الفتاة :
ـ صادفه في الطريق . . فسبّه و ألقى على رأسه التراب .
شعر حمزة بالدماء تغلي في رأسه . ضرب حصانه بالقوس و قفز الحصان غاضباً ، و انطلق الفارس نحو الكعبة .
كان من عادته إذا عاد من الصيد أن يمرّ بالناس و يسلّم عليهم ، و لكنّه هذه المرّة كان غاضباً من أجل سيّدنا محمّد فلم يسلّم على أحد و مضى يشقّ طريقه إلى " أبي جهل " .
قفز الحمزة من فوق حصانه مثل الأسد . رفع قوسه و ضرب " أبا جهل " على رأسه .
شعر " أبو جهل " بالرعب و هو يرى حمزة غاضباً ، فقال بخنوع :
ـ لقد سبّ آلهتنا يا أبا عمارة و سفّه عقولنا .
قال حمزة :
ـ و من أسفه منكم و أنتم تعبدون الحجارة .
و صرخ حمزة بغضب :
ردّ عليّ إن استطعت .
و دوّت في فناء الكعبة صرخة الحق و هتف حمزة :
ـ أشهد أن لا إله إلاّ الله و أن محمّداً رسول الله .
و نظر حمزة إلى أبي جهل و عيناه تقدحان شرراً و قال :
أتشتمه و أنا على دينه .
أطرق أبو جهل ذليلاً و سكت ، و فرّ السفهاء من حوله .
و انطلق الحمزة إلى سيّدنا محمّد يعانقه و الدموع تتساقط من عينيه .
و فرح سيّدنا محمّد بإسلام عمّه الحمزة فسمّاه : أسد الله و أسد رسوله .
الميلاد
ولد الحمزة عام 570 ميلادية أي في عام الفيل .
و هو أخو سيّدنا محمّد في الرضاعة إذ أرضعتهما امرأة اسمها ثويبة .
كان الحمزة قويّاً ، شجاعاً مهاباً ، أعلن إسلامه في السنة الثامنة من بعثة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
و عرف الناس اعتناق الحمزة للإسلام ، ففرح المسلمون و حزن المشركون .
و كان بعض المسلمين يكتم إسلامه خوفاً فأعلنوا شهادتهم .
و كان إسلام الحمزة بداية عهد جديد ، فقد أصبح أتباع سيّدنا محمّد قوّة تخشاها قريش و تحسب لها ألف حساب .
السنة التاسعة بعد البعثة
مرّت تسعة أعوام على بعثة سيّدنا محمّد و ازداد عدد المسلمين .
كان عمر بن الخطاب سريع الغضب ، و ذات يوم أخذ سيفه ، و فكّر في أن يقتل سيّدنا محمّداً .
سأل عنه فقيل : انّه مع أصحابه في بيت عند جبل " الصفا " ، فانطلق عمر إليه .
و في الطريق صادفه " نعيم " و هو رجل من قبيلة عمر فسأله :
ـ أين تريد يا عمر ؟
أجاب عمر بعصبية :
ـ أريد أن أقتل محمّداً هذا الصابئ الذي عاب ديننا .
كان نعيم قد اعتنق الإسلام سرّاً فقال له :
ـ إن بني هاشم لن يتركوك حيّاً إذا نلته بأذى . . و هذه اُختك قد أسلمت هي و زوجها .
صرخ عمر بعصبية :
ـ ماذا ؟ اُختي فاطمة .
مضى عمر إلى منزل اُخته . و عندما وصل قرب الباب سمع رجلاً يقرأ القرآن . .
كانت كلمات السماء تنساب مؤثّرة :
ـ بسم الله الرحمن الرحيم . . طه . . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . .
ضرب عمر الباب و دخل .
أخفت اخته صحيفة القرآن فأراد أن يمزّقها ، و ضرب اُخته فسال من وجهها الدم .
شعر عمر بالندم . . و خرج من المنزل .
كان سيّدنا محمّد و معه بعض أصحابه في بيت قرب جبل الصفا .
كان يعلّمهم القرآن و الحكمة و يقرأ عليهم آيات السماء .
و في تلك اللحظات سمعوا ضرباً عنيفاً على الباب .
نهض أحد المسلمين و راح ينظر من فتحة في الباب إلى الطارق و سأل الحمزة :
ـ مَنِ الطارق ؟
إنّه عمر و بيده سيف .
قال الحمزة :
ـ لا تخف افتح الباب . . فإذا أراد بذلناه و إذا أراد شرّاً قتلته بسيفه .
نهض حمزة لاستقبال القادم الجديد . فتح الباب و سأل :
ـ ماذا تريد يا بن الخطاب ؟
أجاب :
ـ جئت أشهد أن لا إله إلاّ الله و أن محمّداً رسول الله .
و هتف سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ الله أكبر .
و فرح المسلمون بإسلام عمر .
( اي نعم فقد فرح المسلمون يعني أن اي واحد يسلم واين كان يسلمـ لازم نفرحلها )
الهجرة
كان أهل يثرب من قبيلتي " الأوس " و " الخزرج " قد بايعوا سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) على الدفاع عن دين الله بأموالهم و أنفسهم .
فلما اشتدّ أذى قريش على المسلمين ، أمرهم سيّدنا محمّد أن يهاجروا إلى يثرب ، فراح المسلمون يتسللون من مكّة فرادى و جماعات . و هاجر الحمزة بن عبد المطلب مع من هاجر من المسلمين .
كان المهاجرون و الأنصار في " يثرب " ينتظرون بشوق هجرة سيّدنا محمّد و كانوا يترقبون وصوله
الفداء
قرّر المشركون قتل سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) . و هبط جبريل يخبره بالمؤامرة ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ابن عمّه علي بن أبي طالب و عرض عليه أن ينام في فراشه لينجو و يهاجر إلى " يثرب " .
سأل عليّ سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ و هل تسلم أنت يا رسول الله ؟
أجاب سيّدنا محمّد :
ـ نعم .
فرح علي بنجاة النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) و لم يكن يفكّر في نفسه عندما يهاجم المشركون منزل سيّدنا محمّد .
و هبط جبريل بالآية الكريمة : { و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } أي أن هناك من يبيع نفسه من أجل رضا الله سبحانه .
و في هذه الآية ثناء على موقف عليّ و تضحيته .
و وصل سيّدنا محمّد " يثرب " التي أصبح اسمها منذ وصول النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) إليها " المدينة المنوّرة " .
في مكّة
و في مدينة مكّة أغار المشركون على بيوت المسلمين المهاجرين و نهبوها .
شعر المهاجرون بالحزن لذلك ، من أجل هذا فكّر سيدنا محمّد إرسال سرايا لتأديب قريش من خلال التعرّض لقوافلها التجارية .
استدعى سيّدنا محمّد الحمزة أسد الله و عقد له أوّل راية في تاريخ الإسلام و ذلك في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة .
أمر سيّدنا محمّد الحمزة أن ينطلق بسريته و هم ثلاثون من المهاجرين إلى ساحل البحر حيث طريق القوافل .
و في ناحية تدعى " العيص " اصطدم الحمزة ب " أبي جهل " .
كان أبو جهل في ثلاثمائة من المقاتلين ، أي عشرة أضعاف عدد المسلمين ، و لكن حمزة ( رضوان الله عليه ) و من معه من المسلمين المهاجرين لم يخافوا و استعدوا للاشتباك مع المشركين .
و قبل أن تحدث المعركة تدخل " مجدي بن عمرو الجهني " و كانت له علاقات حسنة مع قريش و المسلمين و حجز بينهم .
و قد افتخر حمزة ( رضوان الله عليه ) بأنّه أوّل مسلم يسلّمه رسول الله راية الإسلام ، وله في ذلك شعر جميل :
بأمر رسول الله أو خافق
عليه لواء لم يكن لاح من قبلي
لواء لديه النصر من ذي كرامة
إله عزيز فعله أفضل الفعل
ثم يشير إلى اصطدامه بأبي جهل :
عشية ساروا حاشدين و كلّنا
مراجله في غيظ أصحابه تغلي
فلما تراءينا أناخوا فعقلوا
مطايا و عقلنا مدى غرض النبل
و قلنا لهم حبل الإله نصيرنا
و ما لكمُ إلا الضلالة من حبل
فثار أبو جهل هنالك باغياً
فخاب و رد الله كيد أبي جهل
و ما نحن إلاّ ثلاثين راكباً
و هم مائتان بعد واحدة فضل
تابع >>>>
.. آسفه ع التقصــير ..
مع سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله )
و في غزوة العشيرة التي قادها سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) كان اللواء مع حمزة بن عبد المطلب .
و توالت بعد ذلك السرايا و الدوريات الإسلامية التي كان هدفها تهديد تجارة قريش .
كانت قريش قد أعلنت الحرب على المسلمين اقتصادياً ، فقد هاجمت دور المسلمين المهاجرين في مكّة . و راحت تشدّد حربها ضد المسلمين في كل مكان من الجزيرة و تحرّض القبائل العربية على الإغارة على يثرب .
أراد سيّدنا محمد تأديب قريش ، و كان أفضل وسيلة هو تهديد قوافلها التجارية إلى الشام .
و كان الحمزة لا يفارق سيدنا محمدا في كلّ غزوة .
معركة بدر
و صلت الأخبار إلى سيدنا محمد عن عودة قافلة تجارية لقريش من الشام يقودها أبو سفيان .
و دعا سيدنا محمد المسلمين إلى اعتراض القافلة .
و في يوم 12 رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج سيدنا محمد و معه 313 من المهاجرين و الأنصار .
سمع أبو سفيان بتحرّك المسلمين و هدفهم اعتراض القافلة ، فأرسل على وجه السرعة رجلاً يحيط قريش بخطورة الموقف .
وجد أبو جهل في ذلك الفرصة للقضاء على الإسلام و المسلمين فراح يحرّض قريش على الحرب فحشّد مع زعماء قريش 950 مقاتلاً و غادر بهم مكّة باتجاه " عيون بدر " حيث عسكر المسلمون .
و في يوم 17 رمضان التقى الجيشان ، كان المشركون يضربون على طبول الحرب ، و كان المسلمون يذكرون الله و يسبّحونه .
و هبط جبريل على سيدنا محمد بهذه الآية : { و إن جنحوا للسلم فاجنح لها } .
و عرض النبيّ على قريش السلام و العودة .
و رفض أبو الجهل و كان يتصوّر انّه سوف يقضي على الإسلام ، فجيشه يفوق جيش المسلمين ثلاث مرّات .
استعد الجيشان للاشتباك و نادى أحد المشركين :
ـ يا محمّد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش .
و هنا التفت سيدنا محمد إلى أصحابه و قال :
ـ قم يا عبيدة بن الحارث و يا حمزة بن عبد المطلب و يا علي بن أبي طالب .
فهبّوا مستبشرين بنصر الله أو الشهادة في سبيله .
وقف عبيدة أمام خصمه عتبة بن ربيعة .
و وقف علي في مواجهة الوليد بن عتبة .
و تقدّم حمزة نحو خصمه شيبة بن ربيعة .
و اشتعلت أوّل معركة في تاريخ الإسلام .
لم يمهل حمزة خصمه فسدّد له ضربة صرعته .
و ضرب عليّ عدوّ الإسلام فقتله .
أما عبيدة فقد ضرب خصمه و لكنّه تلقى ضربة من خصمه فسقط على الأرض ، فاشترك حمزة و علي في قتل عتبة . و حملا عبيدة نحو معسكر المسلمين لمعالجته .
و عندما تساقط أبطال المشركين في ساحة المعركة ، أصدر أبو جهل أمره بالهجوم العام .
و تصدّى المسلمون للهجوم بروح عامرة بالإيمان و الثقة من عند الله ، و نصر الله المسلمين .
و سقط أبو جهل و تساقطت رؤوس الكفر ، و ولّى المشركون الأدبار .
الانتقام
وصلت أنباء الهزيمة إلى مكّة ، فعلا صراخ النساء على قتلى المشركين إلاّ هند زوجة أبي سفيان ، فقد ظلّت ساكتة فقالوا ألا تبكين على أخيك و أبيك و عمّك ، قالت :
ـ لا حتى لا يشمت بنا محمد و أصحابه .
راحت هند تفكّر بالانتقام و الثأر بقتل سيدنا محمد أو علي بن أبي طالب أو الحمزة بن عبد المطلب .
و كانت تحرّض المشركين من أجل الانتقام .
و خرج المشركون في ثلاثة آلاف مقاتل و معهم هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان و حولها أربعة عشر امرأة يضربن على الدفوف و الطبول .
جاءت هند إلى " وحشي " و هو من عبيد مكّة الأقوياء و أغرته بالذهب و الأموال إن هو قتل سيدنا محمّداً أو علي ( عليه السَّلام ) أو الحمزة ( رضوان الله عليه ) .
قال وحشي :
ـ أما محمّد فلا أقدر أن أصيبه لأن أصحابه يحفون به ، و أما علي فهو حذر لا يعطي فرصة لخصمه ، و أمّا الحمزة فربّما تمكنت من قتله لأنه إذا غضب لا يرى شيئاً .
و قدّمت هند لوحشي الذهب و راحت تنظر إلى الرمح الذي كان يتدرّب عليه وحشي لقتل حمزة .
وصل جيش المشركين منطقة " الأبواء " قرب المدينة و فيها قبر آمنة أُم سيدنا محمّد و كان قد مضى على وفاتها خمسون سنة .
أرادت هند نبش القبر و أصرّت على ذلك ، و لكن بعض زعماء قريش رفض ذلك حتى لا يصبح عادة عند العرب .
و في جبل اُحد تقاتل الجيشان . . جيش المشركين و قائدهم أبو سفيان ، و جيش المسلمين و قائدهم سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
أمر سيدنا محمّد خمسين من أمهر الرماة بالتمركز على سفوح جبل " عينين " لحماية مؤخرة جيش الإسلام ، و أوصاهم أن لا يغادروا أماكنهم في كلّ الظروف .
و بدأت المعركة بهجوم المشركين يتقدّمهم حامل اللواء عثمان بن أبي طلحة و حوله هند و النساء يضربن على الدفوف و يحرّضن على القتال :
نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
مشي القطا البوارق
المسك في المفارق
و الدرّ في المخانق
إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
صاح حمزة بحماس :
ـ أنا ابن ساقي الحجيج .
و هجم على حامل اللواء فضربه فقطع يده فتراجع و أخذ اللواء أخوه ، و المسلمون يضغطون بشدّة .
تساقط حملة اللواء الواحد تلو الآخر .
و عندما سقط اللواء على الأرض ، دبّ الخوف في نفوس المشركين و ولّوا هاربين ، و سقط الصنم الكبير الذي حملوه معهم لينصرهم في الحرب من فوق الجمل !
و في تلك اللحظات و المسلمون يطاردون فلول المنهزمين تناسى الرماة أوامر سيدنا محمّد و تركوا سفح الجبل لجمع الغنائم فانكشفت مؤخرة جيش المسلمين .
و هنا قام خالد بن الوليد و كان مع المشركين بحركة التفاف ، و فوجئ المسلون بهجوم مباغت لفرسان المشركين و حدثت الفوضى في صفوف الجيش الإسلامي .
كان " وحشي " و هو من عبيد مكّة يراقب حمزة و بيده رمح طويل ، و كان لا يفكّر بشيء سوى قتل حمزة .
و في غمرة الإشتباكات العنيفة ، كان وحشي يترصّد حمزة من وراء صخرة كبيرة .
و فيما كان الحمزة في صراع مع أحد المشركين ، يقاتل ببسالة ، هزّ " وحشي " الحربة بقوّة ثم أطلقها باتجاه عمّ النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) .
ضربت الحربة بطن الحمزة ، و حاول الهجوم على وحشي و لكن الحربة كانت قد صرعته فهوى على الأرض شهيداً .
و ركض وحشي ليخبر هنداً بما فعل .
فرحت هند و نزعت حليّها الذهبية و أعطتها إلى وحشي و قالت له :
ـ إذا رجعنا إلى مكّة فسأعطيك عشرة دنانير .
أسرعت هند إلى جثمان الحمزة و قطعت اُذنيه و أنفه لتصنع منها قلادة ، ثم استلت خنجراً و بقرت بطن الشهيد و أخرجت كبده بوحشية و عضت كبده مثل الكلب .
ثم جاء أبو سفيان فراح يمزّق جسمه بالرمح !!
سيّد الشهداء
انسحب المشركون من أرض المعركة و هبط سيّدنا محمّد من الجبل و معه أصحابه لدفن الشهداء .
و سأل النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) عمّن يعرف مكان الحمزة .
فقال الحارث : ـ أنا . .
أمر سيّدنا محمّد الحارث أن يبحث عنه ليدلّه .
و مضى الرجل يبحث عنه فوجده ممزّق الجسد فكره أن يخبر النبي ( صلى الله عليه و آله ) .
أمر سيّدنا محمّد عليّاً أن يبحث عنه فوجده و كره علي أن يخبر رسول الله فيتألم لمنظره .
و راح سيّدنا محمّد يبحث عن الحمزة بنفسه فوجده بتلك الحالة المؤسفة .
بكى سيّدنا محمّد كثيراً لما رأى ما صنعوا بجسده الطاهر .
إن الذئاب لا تفعل ما فعلته هند و أبو سفيان .
و قال النبي ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ رحمك الله يا عمّ لقد علمتك فعولاً للخير و صولاً للرحم .
و كان سيّدنا محمّد غاضباً فقال :
ـ لئن أظهرني ( نصرني ) الله على قريش لأمثلن ( لأصنعن ما صنعوا بحمزة ) بسبعين من رجالهم .
و أقسم المسلمون أن يفعلوا ذلك ، فهبط جبريل بهذه الآية : { و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين } فعفا رسول الله و صبر و نهى عن المُثلة .
و خلع سيّدنا محمّد بردته و غطى الشهيد و خاطبه قائلاً :
ـ يا عمّ رسول الله و أسد الله و أسد رسوله . . يا فاعل الخيرات يا كاشف الكُربات يا ذابّ يا مانع عن وجه رسول الله .
و جاءت صفية اُخت الحمزة و عمّة سيّدنا محمّد مع فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لتطمئن على سلامة النبي ( صلى الله عليه و آله ) فصادفها علي بن أبي طالب و قال لها :
ـ ارجعي يا عمّة .
و كان لا يريد أن ترى أخاها بتلك الحالة .
فقالت :
ـ كلا حتى أرى رسول الله .
و رآها النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) من بعيد فأمر ابنها الزبير أن لا يتركها ترى أخاها الشهيد .
فاستقبلها الزبير و قال :
عودي يا اُماه .
فقالت :
حتى أرى رسول الله .
و عندما رأت سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) و اطمأنت على سلامته سألته عن الحمزة :
ـ أين ابن اُمي ؟
و سكت النبيّ ، فأدركت صفية انّه قد استشهد فبكت و بكت فاطمة على عمّها الشهيد .
فقال سيّدنا محمّد يعزيمها :
ـ ابشروا فإن جبريل أخبرني أن حمزة مكتوب في أهل السماوات " أسد الله و أسد رسوله " .
و اليوم يبقى جبل أُحد قرب المدينة المنوّرة شاهداً على بسالة حمزة سيّد الشهداء و على وحشية المشركين .
.. آسفه ع التقصــير ..
بسم الله الرحمن الرحيم
يسلمووووووووووو حبيبتي الامل البعيد
جهد رااااااااائع خيتو
بجد موضوع رووووووووووووووووووووعه رووووووووووووووووووووووعه
ترى لك الاجر من كل شخص يقرأه تدرين؟؟؟
الله يعطيك الف عافيه وانا انشالله من المتابعين لش والمشجعين
استمري طيب كلنا في انتظار المزيد منك خيتو
تدرين
بخاطري اقرأ عن كل اللي راح تكتبينه بسرعه ها
ابي اتعرف على اصحاب النبي فعلا صلى الله عليه واله
والله ماني عارفه شلون اشكرك على الجهد الحلو
بس اجرك على الله مو علي
انا في الانتظار حبيبتي واستمري طيب
تحياتي
ريووش
حنين الأمل = الريشه الناعمه
بسم الله الرحمن الرحيم
خيتووووووووووووووووووووو
فكره روووووووووووووووووووووعه حبيبتي
انا انشاللله من المشجعين لك ومعاك في الطريق انشالله
يااااااااااااي بجد موضوع حلو استمري حبيبتي واحنا كلنا معاك
تحياتي
ريووش
حنين الأمل = الريشه الناعمه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد ىوال محمد واللعن اعدائهم الى يوم الدين
مشوووووووورة خيتو الريشة الناعمة
واللله بردتي خاطري عن بعض الناس وازحت عن همي مشكوووووووووورة مرة حبيبيتي
والش اجر كبير لانش واسيتيني وقرائتي موضوعي
الف شكر لج بجد فرحت حدي
تحياااااااااااااااااتي
تح
.. آسفه ع التقصــير ..
جعفر الطيار
البداية
افتقد شيخ البطحاء " أبو طالب " ابن أخيه " سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) " فراح يبحث عنه .
لم يكن وحده . كان معه ابنه جعفر ، و كان يومها في العشرين من عمره .
انطلق الشيخ مع ابنه إلى التلال المشرفة على مكّة و هناك وجده .
كان سيدنا محمّد يصلّي بخشوع ، و إلى يمينه فتى الإسلام علي .
كان منظرهما يبعث على الخشوع و هما يصلّيان لله خالق السماوات و الأرض خالق الكائنات ، لا يخافان أحداً إلاً الله .
التفت أبو طالب إلى ابنه " جعفر " و قال :
ـ صل جناح ابن عمّك .
أي قف إلى شماله بعد أن وقف علي إلى يمينه .
إن الطائر لا يطير إلاّ بجناحين ، فأراد " أبو طالب " عمّ النبي أن لا يبقى سيدنا محمّد بجناح واحد ، و منذ ذلك الوقت ظهر اسم جعفر في تاريخ الإسلام المشرق .
ولد جعفر بن أبي طالب بعد عام الفيل بربع قرن تقريباً ، و هو أكبر من أخيه علي بعشر سنين ، و أصغر من سيدنا محمّد بعشرين سنة تقريباً . يشبه سيدنا محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) . نشأ في كنف عمّه العباس ، فلقد كان أبو طالب كثير العيال ، فأراد سيدنا محمّد أن يخفّف من أعبائه فأخذ عليّاً إلى منزله ، و أخذ العباسُ جعفراً .
أضاء نور الإسلام سماء مكّة ، و سيدنا محمّد يدعو الحائرين إلى النور الجديد و يدعو المقهورين و المظلومين إلى دين الحريّة و الخلاص ، و يدعو الغارقين في ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام .
و لكن جبابرة قريش لم يكونوا ليصغوا إلى صوت الإسلام و نداء السماء فراحوا يحاربون سيدنا محمّداً و الذين آمنوا ، و يصبّون عذابهم على ضعفاء المسلمين ، فكانت السياط تنهال على بلال الحبشي و على سميّة و ياسر و غيرهم من المسلمين لا لذنب إلاّ لأنّهم قالوا ربّنا الله .
الهجرة الى الحبشة
و ذات ليلة اجتمع المسلمون عند رسول الله فقال لهم سيدنا محمّد و هو يشعر بالحزن لما يقاسونه من العذاب :
ـ إن بأرض الحبشة ملكاً لا يُظلم أحدٌ عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً و مخرجاً .
و أشرقت فكرة الهجرة في قلوب المؤمنين كما تشرق الشمس فتغمر الأرض بالنور و الدفء .
و تسلّلت مجموعة صغيرة في قلب الليل ، و عبرت البحر الأحمر إلى أرض الحبشة التي تدعى اليوم " أثيوبيا " ، و يبقى المسلمون المهاجرون هناك ، فيما تصاعد عذاب قريش على المسلمين في مكّة و اشتدّت محنتهم .
و في تلك الفترة العصيبة أمر سيدنا محمّد ابن عمّه جعفر أن يقود مجموعة أكبر إلى الحبشة .
بلغ عدد المجموعة الجديدة أكثر من ثمانين مسلماً و مسلمة . و راح جعفر يقود القافلة المهاجرة باتجاه سواحل البحر .
كان البحر هادئاً و الريح طيّبة ، و وصل المهاجرون شواطئ البحر .
و شاء الله سبحانه أن تمرّ بهم سفينة في طريقها من جدّة إلى الحبشة و يتحدّث جعفر مع ربّان السفينة ، و يوافق الرّبان على نقلهم إلى أرض الهجرة في ذلك الجانب من البحر .
انطلقت السفينة تشقّ مياه البحر ، و المسلمون يشكرون الله على أن أبدل خوفهم أمناً يعبدونه و لا يشركون به شيئاً .
كان جعفر يتفقّد بنفسه المهاجرين و خاصّة الأطفال منهم ، و كانت زوجته أسماء بنت عُميس تتفقّد النساء .
و تمرّ الأيام و الليالي و ترسو السفينة في شواطئ الحبشة و يصل المهاجرون الأرض التي أمرهم سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بالهجرة إليها .
كانوا يُصَلّون لله بحرّية لا يتعرّض لهم أحد و كانوا يدعون الله في صلاتهم أن ينصر سيدنا محمداً و إخوانهم من المسلمين على جبابرة قريش الظالمين ، و لكن الأخبار التي كانت تصلهم تبعث على الحزن ، فقد استشهد ياسر و سميّة تحت التعذيب ، فكانوا يتألمون لما يحلّ بإخوتهم من العذاب ، غير أنهم كانوا يزدادون عزماً و صلابة في إيمانهم .
في مكّة
كان أبو جهل أكثر الحاقدين على سيدنا محمد و كان يخطّط للقضاء على دين الله ، يريد أن يطفئ شمعة الإسلام ليبقى الناس في ظلامٍ و جهل .
و لكن دين الله كان ينتشر مثل شذى الورود و كان يدخل الفرحة في القلوب مثل الربيع .
و ذات يوم اجتمع زعماء قريش في " دار الندوة " و راحوا يفكّرون كيف يطفئون نور الإسلام .
قال اُُُُُُُُمية :
ـ سأجعل من بلال عبرة للعبيد حتى لا يفكّرون في دخول دين محمّد .
و قال أبو جهل :
ـ نعم سوف نستمر في حصار بني هاشم حتى يموتوا جوعاً أو يسلّموا الينا محمداً لنقتله .
و قال أبو سفيان :
ـ و لكن ماذا نفعل لهؤلاء الذين يفرّون من مكّة و يذهبون إلى الحبشة .
قال أبو جهل :
ـ سوف نعيدهم :
ـ كيف ؟!
ـ نرسل إلى النجاشي هدايا كثيرة و هو صديقنا و لن يمتنع عن إجابة طلبنا .
ـ مَنْ يذهب ؟!
ـ سنرسل رجلاً ذكيّاً يعرف كيف يتفاهم مع النجاشي .
و بعد مشاورات ، استقرّ رأيهم على إرسال وفد إلى الحبشة من أجل إعادة الفارّين بالقوّة .
في حضرة النجاشي
و في الصباح انطلق " عمرو بن العاص " و " عمارة بن الوليد " باتجاه البحر و هما يحملان الهدايا إلى النجاشي ملك الحبشة .
عبر الوفد البحر في سفينة و وصل أرض الحبشة ، و انطلق إلى قصر الملك . قال عمرو بن العاص لحرّاس القصر :
ـ نحن وفد قريش إلى الملك نحمل إليه هدية .
رحّب النجاشي بالوفد و تسلّم هدايا قريش ، كما تسلّم البطارقة أيضاً هداياهم و سأل الملك عن هدفهم من الزيارة .
فقال الوفد :
ـ لقد لجأ إلى أرض الحبشة قوم من السفهاء فارقوا دين الآباء و الأجداد و لم يدخلوا دين الملك . . بل جاءوا بدين جديد لا نعرفه نحن و لا أنتم ، و لقد أرسلنا أشرافُ قريش لاستردادهم و تأديبهم .
كان ملك الحبشة رجلاً عادلاً و عاقلاً فقال :
ـ كيف أُسلّم اُناساً اختاروا بلادي و استجاروا بي ؟! و لكنّي سأسألهم فإذا تبيّن لي فساد عقيدتهم و انحرافهم سلّمتهم ، و إلاّ تركتهم يعيشون في أرضي و بلادي .
طلب النجاشي إحضار المهاجرين ، فجاءوا يتقدّمهم جعفر بن أبي طالب ، و دخل الجميع البلاط في حضرة الملك و كان من تقاليد البلاد أن يسجد كلّ من يدخل على النجاشي ، فسجد الأحباش و سجد الوفد ، و لكن المسلمين لم يسجدوا و ظلّت هاماتهم مرفوعة عالياً .
تساءل النجاشي :
ـ ألا تسجدون ؟!
أجاب جعفر :
ـ نحن لا نسجد لغير الله .
قال الملك
ـ ماذا تعني ؟
أجاب جعفر :
ـ أيُها الملك أن الله بعث إلينا رسولاً ، ثم أمرنا ألاّ نسجد لأحد إلاّ الله و أمرنا بالصلاة و الزكاة .
قال عمرو بن العاص بخبث :
ـ انّهم يخالفون دين الملك .
أشار النجاشي عليه أن يسكت ، و طلب من جعفر أن يستمرّ في حديثه .
قال جعفر بأدب :
ـ أيّها الملك كنّا قوماً أهل جاهلية . . نعبد الأصنام ، و نأكل الميتة ، و نأتي الفواحش و نقطع الأرحام ، و نسيء الجوار ، و يأكل القويّ منّا الضعيف ، حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه فدعانا إلى الله لنوحّده و نعبده ، و نخلع ما كنّا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان ، و أمرنا بصدق الحديث .
و اداء الأمانة .
و صلة الرحم .
و حسن الجوار .
و الكفّ عن المحارم و الدماء .
و نهانا عن الفواحش و قول الزور ، و أكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات .
و أمرنا أن نعبد الله وحده .
لا نشرك به شيئاً .
و أمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام .
فصدقناه أيُّها الملك و اتبعناه على ما جاء به من عند الله ، فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئاً .
فعدا علينا قومنا فعذّبونا و فتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الأوثان . .
فلّما قهرونا و ظلمونا ، و ضيّقوا علينا . . خرجنا إلى بلادك ، و اخترناك على من سواك ، و رغبنا في جوارك و رجونا أن لا نظلم عندك أيّها الملك .
قال النجاشي باحترام :
ـ هل معك مما جاء به نبيّكم ؟
قال جعفر بأدب :
ـ نعم .
قال النجاشي :
ـ اقرأ عليّ شيئاً .
و انطلق جعفر يقرأ بخشوع آيات بيّنات من سورة مريم :
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا .
فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا .
قَالَتْ : إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا .
قَالَ : إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا .
قَالَتْ : أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا .
قَالَ : كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا .
فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا .
فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا .
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا .
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا .
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي :
إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا .
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ .
قَالُوا : يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا .
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } .
بكى النجاشي و كانت دموعه تسيل على خديه ، و بكى القساوسة و الرهبان خاشعين و كان صوت جعفر ينساب في خشوع :
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ .
قَالُوا : كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا .
قَالَ : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا .
وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا .
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا .
نهض النجاشي إجلالاً لكلمات الله و قال بخشوع :
ـ إن هذا و الذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة .
و التفت إلى وفد قريش و قال بغضب :
ـ لن أُسلمهم و سأُدافع عنهم .
ثم أمر بطرد الوفد و إعادة الهدايا إليهم و قال :
ـ إنّها رشوة و أنا لا أحبّ أن أرتشي .
و التفت إلى جعفر و الذين آمنوا معه و قال :
ـ مرحباً بكم و بمن جئتم من عنده . . اشهد انّه الرسول الذي بشّر به عيسى بن مريم . . انزلوا حيث شئتم من بلادي .
و أراد النجاشي أن يعرف آداب الإسلام ، لأنّه رآهم لم يسجدوا تحية للملك ، فسأل جعفر عن ذلك فأجاب :
ـ إن تحيتنا أيُّها الملك أن نقول : السلام عليكم . .
و هي تحية من عند الله مباركة طيّبة
مؤامرة اخرى
و في اليوم التالي ذهب " عمرو بن العاص " إلى القصر و قال لصاحبه " عمارة " :
ـ سوف أنتقم هذه المرّة من جعفر . . سأقول للملك إن المسلمين يقولون في عيسى رأياً آخر .
دخل الوفد مرّة اُخرى على النجاشي و قال :
ـ أيها الملك ان هؤلاء يقولون في عيسى انّه عبد .
سكت النجاشي قليلاً ثم أمر الحارس :
ـ إنطلق إلى جعفر نسمع منه رأيه .
جاء جعفر و سلّم على الملك بتحية الإسلام قائلاً :
ـ السلام على الملك .
سأل الملك :
ماذا تقولون في عيسى ؟
أجاب جعفر بهدوء :
ـ نقول ما قال الله فيه و ما أخبرنا به رسوله .
سأل النجاشي :
ـ و ماذا يقول نبيّكم ؟
قال جعفر :
ـ هو عبد الله و رسوله و روحه و كلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول .
سكت النجاشي قليلاً ثم خط بعصاه على الأرض و قال :
ـ ما عدا عيسى بن مريم ما تقول هذا الخط .
ثم قال :
ـ اذهب إلى أصحابك . . أنتم " شيوم " في الأرض .
أي أنتم آمنون .
و فشلت مؤامرة الوفد مرّة اُخرى و عاد إلى مكّة خائباً . و من ذلك اللقاء و المسلمون ينعمون في الإقامة بأرض لا يظلم عند ملكها أحد .
و فرح سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) و المسلمون بانتصار جعفر و بقائهم في الحبشة .
تابع >>>
.. آسفه ع التقصــير ..
إقامة طيبة
و تمرّ الأيام و الشهور و الأعوام ، و جعفر و من معه من المسلمين يسمعون أخباراً حلوة فيفرحون و أخباراً مرّة فيحزنون .فرحوا بانتهاء الحصار الذي فرضته قريش على بني هاشم ، و حزنوا لوفاة أبي طالب حامي الرسول و وفاة خديجة زوجة سيّدنا محمّد التي وقفت إلى جانبه و أنفقت كلّ ثروتها من أجل الإسلام .
ثم غمرتهم الفرحة الكبرى بهجرة سيدنا محمد إلى المدينة و قيام أوّل دولة إسلامية ترتفع فيها راية التوحيد خفّاقة .
و وصلتهم أنباء معركة بدر الفاصلة و انتصار الإسلام في حربه مع الشرك و الأوثان .
و سمعوا أخبار معركة " اُحد " فحزنوا من أجل سيدنا محمّد و ما أصابه من الجروح ثم توالت أخبار الانتصارات الإسلامية على المشركين و حلفائهم من اليهود .
و كم كانت فرحة المسلمين كبيرة و هم يرون سيّدنا محمّداً يبعث برسائله إلى ملوك العالم .
رسالة إلى هرقل إمبراطور الروم . و رسالة إلى كسرى ملك فارس .
و رسالة إلى المقوقس عظيم مصر .
رسالة إلى النجاشي
و وصل الحبشة مبعوث من قِبل سيّدنا محمّد هو عمرة بن اُمية الضمري يحمل رسالة نبيّ الإسلام ، و هذا نصّها :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمّد رسول الله
إلى النجاشي ملك الحبشة
سلم أنت " أي أنت سالم " .
فإني أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن . و أشهد أن عيسى بن مريم روح الله و كلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيّبة الحصينة . . حملته من روحه كما خلق آدم بيده .
و إني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له و الموالاة على طاعته ، و أن تتبعني و توقن بالذي جاءني ، فانّي رسول الله ، و إني أدعوك و جنودك إلى الله عَزَّ و جَلَّ ، و قد بلغت و نصحت ، فاقبلوا نصيحتي ، و السلام على من اتّبع الهدى .
و انطلق جعفر مع مبعوث سيّدنا محمّد إلى قصر النجاشي و سلما على ملك الحبشة الذي تسلّم رسالة النبيّ باحترام . و عندما اطّلع على مضمون الرسالة ، نزل النجاشي عن العرش و جلس على الأرض تواضعاً و احتراماً لرسول الله سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .
وضع الرسالة على عينيه مبالغة في التعبير عن الاحترام ، ثم أمر بأن يحضروا له صندوقاً مصنوعاً من العاج فوضع الرسالة فيه و قال :
ـ ستبقى الحبشة بخير ما ظلّت هذه الرسالة محفوظة عند أهلها .
و تقدّم مبعوث النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الملك و قدّم إليه رسالة اُخرى يطلب فيها سيّدنا محمّد بأن يسمح للمهاجرين و على رأسهم جعفر بن أبي طالب بالعودة فقد أصبح لهم وطن .
غمرت الفرحة المسلمين بقرب العودة إلى الديار و الأحبّة و شكروا للنجاشي حسن ضيافته .
أمر النجاشي بإعداد السفن التي ستقلّ المهاجرين إلى أرض الحجاز ، و بعث معهم ممثلاً يحمل هدايا الحبشة و تحيات ملكها إلى سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .
و ارتفعت الأشرعة استعداداً للسفر ، و بدأت رحلة العودة و المسلمون فرحون بنصر الله .
فتح خيبر
في المدينة المنوّرة كان جيش الإسلام يستعد للزحف نحو حصون خيبر اليهودية .
كان يهود خيبر يحيكون المؤامرات تلو المؤامرات لإطفاء نور الإسلام ، فكانوا يحرّضون القبائل العربية لغزو المدينة و القضاء على الدولة الإسلامية الفتية .
من أجل هذا قرّر سيدنا محمد استئصال خطرهم لينعم الناس بسلام الإيمان و الإسلام .
وصلت قوّات الإسلام الطريق الذي يربط بين قبائل غطفان و حصون خيبر لقطع الإمدادات على العدوّ و توجيه ضربة عسكرية مفاجئة .
بلغ تعداد الجيش الإسلامي ألفاً و أربعمائة مقاتل بينهم مائتا فارس ، و كان للمرأة المسلمة شرف الحضور في هذه المعركة .
كانت راية العقاب تخفق فوق سيدنا محمّد ، و جيش الإسلام يزحف باتجاه الحصون .
و في الفجر فوجئ اليهود بالمسلمين يضربون عليهم الحصار الكامل .
قاد بعض الصحابة هجمات عنيفة لم تسفر عن شيء يسخرون من سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) و من جنوده .
عند ذلك هتف النبي قائلاً :
لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله و رسوله و يحبّه الله و رسوله .
و في الصباح تمنّى بعض الصحابة أن يكون الراية من نصيبه ، غير أن سيدنا محمدا ( صلى الله عليه وآله ) سأل عن علي و هو أخو جعفر بن أبي طالب .
هزّ عليّ الراية بقوّة و تقدّم باتجاه الحصون اليهودية ، و عندما قتل عليّ مرحباً بطل اليهود شعروا بالخوف ، و سرعان ما تساقطت حصون خيبر الواحد تلو الآخر .
و غمرت الفرحة قلب سيدنا محمد و المسلمين و شكروا الله عز وجل أن نصرهم على أعدائهم .
و في تلك الفترة وصل مهاجرو الحبشة يتقدّمهم جعفر بن أبي طالب و تضاعفت فرحة سيدنا محمد حتى قال و البسمة تضيء وجهه :
ـ ما أدري بأيّهما أشدّ سروراً بقدوم جعفر أم بفتح خيبر .
و عانق سيدنا محمد ابن عمه جعفر و قبّل جبينه و قال : ان لجعفر و أصحابه هجرتين ، هجرة للحبشة و هجرة للمدينة المنوّرة .
معركة مؤتة
كان سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) قد بعث برسول إلى حاكم بُصرى و هي مدينة من مدن الشام ، و في أرض " موتة " أُلقى القبض عليه و سيق للإعدام ، و كان هذا العمل منافياً للأخلاق الإنسانية .
و شعر النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بالحزن و أمر الاستعداد لحملة تأديبية .
و في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة المباركة خرج ثلاثة آلاف مقاتل و وصيّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) تضيء طريقهم :
أوصيكم بتقوى الله . . اغزوا باسم الله ، فقاتلوا عدوّ الله و عدوّكم . . و ستجدون رجالاً في الصوامع معتزلين فلا تتعرضوا لهم ، و لا تقتلوا امرأة و لا صغيراً . . و لا تقطعوا شجرة . . و لا تهدموّا بناءً .
كان سيدنا محمّد قد عيّن زيد بن حارثة قائداً للجيش الإسلامي فان استشهد فالقائد جعفر بن أبي طالب فإن استشهد فالقائد الثالث عبد الله بن رواحة .
وصلت أنباء الزحف الإسلامي إلى الروم فأعدّوا جيشهم من الرومان و القبائل العربية الموالية لهم حتى بلغ عدد قواتهم مئتي ألف جندي ، و تحشّدت الجيوش في أرض البلقاء .
و قد حدث أوّل اشتباك في قرية " مشارف " في تخوم البلقاء و ظهر تفوّق الروم الهائل .
كان " هرقل " إمبراطور الروم قد أسند القيادة العامة إلى أخيه " تيودور " .
اختار الجيش الإسلامي القليل العدد أرض مؤتة لتكون مسرحاً للعمليات الحربية لتضاريس الأرض المناسبة التي تساعد المسلمين على التحصّن و التعويض عن تفوّق الروم العددي الساحق .
استعدّ زيد بن حارثة للهجوم ايذاناً ببدء المعركة . هزّ راية جيش الإسلام بقوّة و اندفع نحو قلب العدوّ ، و قد ألهب اندفاعه الحماس في القوات الإسلامية .
و حدثت معارك ضارية و قد مزّقت الرماح زيداً فهوى إلى الأرض شهيداً يلوّن الأرض بلون الشفق .
و قبل أن تسقط الراية على الأرض اندفع جعفر بن أبي طالب فامسك بها بقوّة و راح يقاتل بضراوة و ارتفع صوته وسط ضجيج المعارك مبشراً بالنصر أو الشهادة التي هي أُمنية المؤمنين :
يا حبذا الجنّة و اقترابها *** طيبة و بارداً شرابها
و الروم روم قد دنا عذابها *** كافرة بعيدة أنسابها
علي ان لاقيتها ضرابها
و لكي يعلن تصميمه على القتال حتى الموت فقد قفز من فوق فرسه الشقراء ، و هو أول من فعل ذلك في تاريخ الإسلام .
ظلّ جعفر كالجبل يتلقى الضربات بثبات يبهر الأعداء .
فكثّفوا هجومهم نحوه و هوى سيف على يده اليمنى فطارت .
أخذ جعفر راية الإسلام بيده اليسرى و راح يقاتل و هوى سيف آخر على يده فقطعها . و هنا ضمّ جعفر الراية بعضديه إلى صدره لكي تستمر المقاومة .
و في تلك اللحظات الرهيبة جاءته ضربة اُخرى فهوى جعفر معها نحو الأرض شهيداً .
و اندفع عبد الله بن رواحة القائد الثالث نحو الراية لتخفق مرّة اُخرى في سماء المعركة .
و اندفع القائد الجديد يقاتل ببسالة في صدّ هجمات الروم التي كانت تندفع كالأمواج .
و هوى عبد الله على الأرض شهيداً ، فأخذ الراية ثابت بن الأرقم و هتف بالمسلمين لانتخاب قائد جديد . و تمّ انتخاب خالد بن الوليد .
بسرعة فائقة فكّر القائد الجدبد أن أفضل ما يقوم به هو الإنسحاب فقام بعمليات تكتيكية أوهمت العدوّ .
و عندما خيّم الظلام بدأ انسحاب الجيش الإسلامي بسلام و غاب في قلب الصحراء .
و في الصباح فوجئ الروم بانسحاب المسلمين و تهيّبوا التوغل في الصحراء كما إن بسالة القوّات الإسلامية بالرغم من عددهم القليل قد قذفت في قلوبهم الخوف ففضلوا العودة .
و في المدينة
هبط جبريل على سيدنا محمد يخبره بأنباء المعركة ، و صعد رسول الله المنبر و خطب المسلمين قائلاً :
ـ أخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل شهيداً ، ثم أخذ جعفر فقاتل حتى قُتل شهيداً ، ثم أخذ الراية عبد الله فقاتل حتى قُتل شهيداً .
و انطلق سيدنا محمد ليعزّي أسماء زوجة الشهيد العظيم .
دخل النبي الكريم فوجد أولاد جعفر جالسين و كانت اُمّهم قد فرغت من ترجيل شعورهم .
قبّل النبيّ أولاد جعفر و أجلسهم في حضنه الدافئ ، و دمعت عيناه .
شعرت أسماء بأن هناك شيئاً حصل لزوجها فقالت :
ـ أبَلغك يا رسول الله عن جعفر و أصحابه شيء ؟
أجاب النبيّ بحزن : ـ نعم أُصيبوا هذا اليوم .
و غادر النبيّ المنزل و أوصى ابنته فاطمة أن تصنع لهم طعاماً لأنّهم في مصيبة .
ذو الجناحين
و عندما عاد جنود الإسلام من مؤتة راحوا يحكون لأهليهم قصص البطولات عن جعفر بن أبي طالب و إخوانه من الشهداء .
قال أحدهم : لقد وجدنا في جسمه تسعين جرحاً .
و قال آخر : لقد رأيته عندما قطعت يده اليمنى .
و قال ثالث : و أنا رأيته عندما قطعت يده اليسرى ، ثم هوى على الأرض و جرحه تنزف دماً .
و قال سيدنا محمّد : لقد أخبرني جبرئيل إن الله عز وجل قد وهب جعفر جناحين يطير بهما في الجنّة .
و في تلك الليلة ، أوى أولاد جعفر إلى النوم ، كانوا ينظرون السماء المليئة بالنجوم و يحلمون بأبيهم الشهيد الذي يطير بجناحين كالملائكة .
.. آسفه ع التقصــير ..
بسم الله الرحمن الرحيم
جهد رائع خيتو الامل البعيد
تشكرين عليه
ونحن في الانتظار
تحياتي
ريووش
حنين الأمل = الريشه الناعمه
لا شكر على واجب خيتو والان سانزل الجزء
تحياااااااااااااتي
.. آسفه ع التقصــير ..
مـصــعــب بـن عميـــر
مصعب الخير
ارتدى مصعب أفخر ثيابه ، رجّل شعره ، و رشّ على نفسه عطراً زكيّاً و خرج من المنزل .
فاحت رائحة العطر و ملأت أزقّة مكّة ، و تهامست بعض النساء عن هذا الشاب الثري و تمنّت أن يتقدّم مصعب لخطبة بناتها .
كان مصعب لا يفكّر في شيء سوى حياة اللهو مع الأصدقاء . و ذات يوم سمع بأمر جديد أصبح حديث أهل مكّة .
ففي ذلك الوقت أعلن سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) دعوته إلى الإسلام رسالة الله إلى الناس جميعاً .
فكّر مصعب في مقابلة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و الإصغاء إلى كلامه ، لهذا ذهب إلى دار الأرقم .
دخل مصعب المنزل و في باله انّه سيخرج و يذهب بعد ذلك إلى أصدقائه و رفاقه ليقضي معهم جلسات السمر و اللهو .
عندما جلس مصعب أمام سيّدنا محمّد رأى فيه شيئاً آخر ، رأى فيه الرحمة و الحبّ الصادق و الأخلاق الكريمة ، وأصغى إلى آيات الله يتلوها رسول الله . فخفق قلبه للإيمان و الإسلام . عندها اندفع يعلن إسلامه قائلاً :
ـ أشهد أن لا إله إلاّ الله و أشهد أن محمّداً رسول الله .
و تحوّل مصعب في تلك اللحظة إلى إنسان آخر . . إنسان ينظر إلى السماء ، يشعر بآلام الفقراء و المقهورين ، فمن هو مصعب يا ترى ؟
هو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف من بني عبد الدار أحد فروع قبيلة قريش ، و كنيته أبو عبد الله ، كان من فضلاء الصحابة و من السابقين إلى الإسلام ، كتم إسلامه عن أهله ، فلما علموا سجنوه في المنزل ، هاجر إلى الحبشة و عاد منها إلى مكّة بعد بيعة العقبة الأولى ، أرسله النبي إلى المدينة ليعلّم الناس القرآن فكان أوّل المهاجرين ، لقّبه رسول الله بمصعب الخير ، اشترك في معركة بدر و استشهد في معركة اُحد معه لواء الرسول ( صلى الله عليه و آله ) .
الإسلام
عاد مصعب إلى المنزل في المساء ، تناول عشاءه بصمت ، و اكتفى بصنف واحد من الطعام .
كان أبوه ينظر إليه ، و لاحظت والدته ما طرأ عليه من تغيير فسألته عن ذلك فأجاب : لا شيء .
و عندما حان موعد النوم ، تمدّد مصعب في فراشه و راح ينظر إلى السماء المرصّعة بالنجوم فامتلأت نفسه خشوعاً لله خالق السماوات والأرض ربّ العالمين .
نام الجميع ، أما مصعب فقد ظلّ ساهراً ، نهض من فراشه و توضأ بحذر حتى لا يشعر به أحد ، و دخل حجرته ، و راح يصلّي لله سبحانه .
و في صباح اليوم التالي ، لاحظت الأم ابنها و لفت نظرها تغيّر سلوكه ، فهو لم يقف أمام المرآة ليرجّل شعره ، و لم يرش على نفسه العطر و لم يتألق في ثيابه بل اكتفى بثوب عادي .
كما شاهدت فيه شيئاً آخر هو احترام والديه و التحدّث إليهم بأدب .
و ذات يوم سمعت الأم بأن مصعباً يتردّد إلى دار الأرقم ، فجنّ جنونها ، و انتظرت عودته بفارغ الصبر .
عاد مصعب في المساء ، حيّا اُمّه ، فقابلته بصفعة قاسية و صاحت بغضب :
ـ أتترك دين الآباء و الأجداد و تتبع دين محمّد ؟
قال مصعب بهدوء :
ـ انّه خير الأديان يا اُمّي . .
كادت الاُم أن تفقد صوابها فلم تعهد أحداً يقف في وجهها . حتى زوجها كان يطيعها في كلّ شيء ، فكيف بابنها .
لم تتمالك نفسها فصفعته مرّة اُخرى .
جلس مصعب حزيناً .
و جلست اُمه تفكّر في طريقة تعيد فيها مصعب إلى دين آبائه .
نصحته في البداية و تحدّثت إليه بلين و عطف و قالت أما ترى ما يحلّ بالمسلمين من العذاب ، و انّه دين العبيد ، انّه ينفع أمثال بلال و صهيب و عمّار . أما أنت فرجل قرشي .
رفع مصعب عينيه و خاطب والدته بإشفاق :
ـ كلاّ يا اُمّي إن الإسلام دين الجميع لا فرق بين قرشي و غير قرشي و لا أسود و أبيض إلاّ بتقوى الله . أرجوك يا اُمي ادخلي في دين الله و دعي عبادة الأصنام و الأوثان فانّها لا تضرّ و لا تنفع .
سكتت الاُم كانت تفكّر في وسيلةٍ تبعد فيها ابنها عن محمّد و الإسلام .
أشرقت شمس الصباح و غمرت بأشعتها جبال مكّة و منازلها . كان المنزل خالياً ، فكّر مصعب في نفسه : ترى أين ذهبت اُمّي ؟ أراد مصعب الخروج فاتجه إلى الباب . حاول فتحه فوجده مقفلاً .
انتظر ريثما تعُود اُمّه ، مرّت ساعة ، و فتح الباب .
ظهرت الاُم و معها رجل مُلثّم ، كان الرجل مسلّحاً يحمل في يده سيفاً و في الاُخرى السلاسل .
السجن
قالت الاُم لولدها :
ـ أتريد الذهاب إلى دار الأرقم ؟
سكت مصعب .
و استرسلت الاُم :
ـ ستكون تلك الحجرة سجناً لك حتى تترك دين محمّد .
قال مصعب بثبات :
ـ الموت أحبّ إليّ من ذلك .
قيّد الرجل مصعباً بالسلاسل و دفعته اُمّه باتجاه الحجرة التي أصبحت سجناً .
و تمرّ الأيام و مصعب يعاني آلام السجن من جوع و وحدة .
سمع المسلون بما حصل لمصعب فتألموا من أجله و تأثّر النبي لحاله و دمعت عيناه رحمة له ، و سمع أهل مكّة فتعجبوا لهذا الشاب الذي ترك حياة الترف و اللهو و الدلال و اختار حياة السجن و العذاب .
الحرية
كان مصعب في أيام السجن يعبد الله فيجد حلاوة الإيمان . و لأول مرّة شعر بأن أجمل شيء في الحياة هو الحرية ، و ان الإيمان بالله سبحانه هو طريق الحرية .
شعر مصعب بآلام عبيد مكّة . . هؤلاء الناس الذين لا يملكون في حياتهم أي شيء حتى حرّيتهم .
مرّت الأيام و الأسابيع ، و مصعب في سجنه . و شاء الله أن ينقذه من تلك الآلام .
تسلل أحد المسلمين إليه و هو في سجنه و أخبره بأن بعض المسلمين يستعدّون للهجرة إلى الحبشة و إن سيّدنا محمّد أخبرهم بأن فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد .
فرح مصعب و انفتحت له نافذة من الأمل ، و في أحد الأيام وجد مصعب نفسه مع مجموعة من المؤمنين يقطعون الصحراء باتجاه البحر الأحمر .
إلى الحبشة
وصلت القافلة ميناء جدّة و كانت تتألّف من خمسة عشر مسلماً و مسلمة فرّوا بدينهم من أذى المشركين و اضطهادهم . و شاء الله سبحانه أن ترسو سفينة في طريقها إلى الحبشة في هذا الميناء .
ركب المهاجرون السفينة ، و هم يحمدون الله على أن رزقهم نعمة الإيمان و الأمان .
كانت الريح طيّبة و البحر هادئاً و السفينة تمخر عباب البحر باتجاه أرض الحبشة التي تعرف اليوم ب ( أثيوبيا ) .
و بعد أيام و ليال وصلت السفينة أرض الحبشة .
النجاشي
كان النجاشي إمبراطور الحبشة آنذاك رجلاً عادلاً على دين سيّدنا المسيح ( عليه السَّلام ) ، فأكرم المهاجرين و سمح لهم بالإقامة في بلاده .
كان من بين المهاجرين عبد الرحمن بن عوف ، الزبير بن العوام و عثمان بن مظعون ، و عبد الله بن مسعود و عثمان بن عفان مع زوجته رقية ابنة النبي ( صلى الله عليه و آله ) و معهما اُم أيمن و أبو سلمة مع زوجته اُم سلمة إضافة إلى مصعب بن عمير .
كان المهاجرون يعبدون الله آمنين و يترقبون أخبار النبي ( صلى الله عليه و آله ) و الذين آمنوا و يدعون الله أن ينصرهم على أعدائهم من المشركين .
كان المشركون قد قاموا بحملة لمطاردة المهاجرين و إعادتهم إلى مكّة بالقوّة و لكنّهم عندما وصلوا إلى ميناء جدّة وجدوا أن السفينة قد غادرت المرسى منذ أيام . لهذا فكّروا بطريقة لإعادة هؤلاء الفارّين .يتبع>>
التعديل الأخير تم بواسطة الأمل البعيد ; 07-27-2007 الساعة 08:29 AM
.. آسفه ع التقصــير ..
العودة
فكّر المشركون أن يهادنوا سيّدنا محمداً قليلاً و يكفّوا عن إيذاء المسلمين بعد ما رأوا انتشار الإسلام بسرعة ، فقد اسلم حمزة بن عبد المطلب ( رضوان الله عليه ) على أثر اعتداء أبي جهل على النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، و تلا ذلك إسلام عمر بن الخطاب و كان عدو الإسلام اللدود ، و هكذا شعر المسلمون بأنّهم قد أصبحوا قوّة كثيرة .
و في تلك المدّة حدثت ثورة في بلاد الحبشة ضد الإمبراطور بسبب ايوائه المسلمين المهاجرين .
فكّر المسلمون بالعودة حتى لا يحرجوا النجاشي أمام شعبه ، لهذا طلبوا منه أن يسمح لهم بالعودة إلى بلادهم ، خاصّة و قد وصلتهم أخبار عن هدنة بين المسلمين و المشركين .
و هكذا عاد المسلمون بعد ثلاثة أشهر من الإقامة في بلاد الحبشة .
ودّع المسلمون أرض الهجرة و هم يذكرون النجاشي بخير و يتمنون له النصر على أعدائه .
و قبل أن يصلوا مكّة سمعوا أخباراً لا تبشِّر بخير ، لأن قريش ما تزال على طغيانها و ما تزال مستمرة في تعذيب المسلمين و إضطهادهم .
و كان أمام المسلمين طريقين إما العودة إلى الحبشة أو دخول مكّة و تحمّل الأذى .
فضّل بعض المسلمين العودة إلى الحبشة ، و فضّل البعض الآخر دخول مكّة .
كان مصعب من الذين فضّلوا دخول مكّة و تحمّل الأذى في سبيل الله أسوة بإخوانه المؤمنين .
ذهب مصعب إلى منزله فلعلّ اُمّه غيّرت رأيها .
و لكن الاُم كانت ما تزال على موقفها .
و حاولت أن تعيده إلى السجن مرّة اُخرى ، و لكنّه غادر المنزل و الدموع تملأ عينيه .
كان يتمنى لأُمّه أن تدخل دين الإسلام و تفتح عينها على نور الإيمان .
كان جوابها الأخير :
ـ لا أريد أن يتحدّث الناس عني و يقولون إنني فضّلت دين ابني على دين آبائي .
لقاء في مكّة
كان سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ينتظر موسم الحج ، فيدعو القبائل العربية و قوافل الحجيج إلى الإسلام .
شاء الله سبحانه أن يأتي جماعة من أهل يثرب ، و كانوا ستة أشخاص ، فسألهم النبي ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ من أي قبيلة أنتم ؟
فقالوا :
ـ من الخزرج .
فقال لهم سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) :
ـ أمن موالي اليهود أنتم ؟
قالوا :
ـ نعم .
جلس النبي إليهم و تلا عليهم شيئاً من القرآن و دعاهم إلى الإسلام .
كان أهل يثرب قد سمعوا من اليهود انّه سيبعث عمّا قريب نبي ، لهذا قالوا فيما بينهم :
ـ انّه و الله النبي الذي بشّرت به اليهود ، لهذا أعلنوا إسلامهم و قالوا :
ـ إن العداوة بين قبيلة الأوس و الخزرج على أشدّها ، فعسى الله أن يجمعهم بك .
و انصرفوا إلى مدينتهم يثرب و دعوا إلى الإيمان بما جاء به سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
بيعة العقبة الأولى
لما حلّ موسم الحج ، جاء من أهل يثرب اثنا عشر رجلاً فالتقوا بالنبي ( صلى الله عليه و آله ) في مكان يدعى العقبة فبايعوا سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) على :
ـ أن لا يشركوا بالله سبحانه شيئاً .
ـ و أن لا يسرقوا .
ـ و أن لا يزنوا .
ـ و أن لا يقتلوا بناتهم .
ـ و أن لا يكذبوا
.
لما حلّ موسم الحج ، جاء من أهل يثرب اثنا عشر رجلاً فالتقوا بالنبي ( صلى الله عليه و آله ) في مكان يدعى العقبة فبايعوا سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) على :
ـ أن لا يشركوا بالله سبحانه شيئاً .
ـ و أن لا يسرقوا .
ـ و أن لا يزنوا .
ـ و أن لا يقتلوا بناتهم .
ـ و أن لا يكذبوا .
المهاجر الأول
طلب المسلمون من أهل يثرب من سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) أن يرسل معهم رجلاً يعلمهم الإسلام و يفقههم في شؤون الدين .
وجد سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) إن مصعباً أفضل من يقوم بهذه المهمة فأمره بالإستعداد للهجرة إلى يثرب .
امتثل مصعب بن عمير لأمر النبي ، و مضى مع إخوانه المسلمين إلى مدينتهم .
و هكذا كان مصعب أول من يهاجر في سبيل الله إلى مدينة يثرب .
حل مصعب ضيفاً على سعد بن زرارة و هو أحد السابقين إلى الإسلام .
و مرّت الأيام و مصعب بين إخوانه يعلّمهم الإسلام و يقرأ عليهم القرآن .
انتشار الإسلام
أراد سعد بن زرارة أن ينتشر نور الإسلام في يثرب كلّها فأشار على مصعب أن يتوجها معاً إلى منازل بني الأشهل و منازل بني ظفر ، و كان سعد بن معاذ و أسيد بن حضير سيدي بني الأشهل يومذاك . كاناً ما يزالان على الشرك .
قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير :
ـ اذهب إلى هذين الرجلين فانهرهما و اطردهما عن دورنا . إن سعد بن زرارة ابن خالتي و أنا استحي منه .
أخذ أسيد بن حضير الحربة و مضى اليهما و حولهما جماعة من أهل يثرب يصغون إلى آيات القرآن .
رأى سعد بن زرارة أسيد قادماً نحوهما فقال لمصعب :
ـ هذا سيد قومه فإن أسلم دخل قومه في الإسلام .
وقف أسيد بن حضير قريباً منهما و صاح بهما مهدداً :
ـ إذا كنتما تحبّان الحياة فانصرفا .
أجاب مصعب بأدب الإسلام :
ـ ألا تجلس قليلاً فتستمع فان رضيت أمراً قبلته و إن كرهت ذلك انصرفنا .
قال أسيد : أنصفت .
ركَّز أسيد حربته في الأرض و جلس اليهما .
راح مصعب يتلو بخشوع ما تيسّر له من آيات القرآن الكريم .
شعر أسيد أن الإيمان يدخل في قلبه كما يدخل الماء البارد .
تغيّرت ملامح وجهه بسرعة ، تبددت عنه ملامح الغضب و شاعت البسمة فيه فقال بودّ :
ـ ما أحسن هذا و أجمله .
فقال مصعب :
انّه خير الأديان جاء به نبي معروف بالصدق مشهور بالأمانة و مكارم الأخلاق .
سأل أسيد :
ـ ماذا يصنع المرء إذا أراد الدخول في هذا الدين .
قال مصعب :
يغتسل و يتطهّر ثم يشهد شهادة الحقّ و يصلّي ركعتين .
نهض أسيد و مضى إلى منزله فاغتسل و تطهّر و عاد إليهما فأعلن شهادة الإسلام ، و صلى ركعتين ، و بعدها قال :
ـ إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلّف عنه أحد من قومه و سأرسله إليكما الآن .
تابع >>>>>>>
.. آسفه ع التقصــير ..
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات