الفرحة



كان حبيب ذلك اليوم يشعر بالفرحة تملأ قلبه ، فكان وجهه ضاحكاً .

تعجّب أحد أصحابه و قال له :

ـ و هل هذا وقت فرح ؟!

فقال حبيب :

ـ و لماذا لا أفرح و أنا أعرف أنّي سأُقتل ثم أدخل بعد ذلك الجنّة .



الصلاة الأخيرة


استمرت المعارك من الصباح حتى الظهر .

نظر أحد أصحاب الحسين إلى الشمس ، فرآها قد زالت فعرف إن وقت الصلاة قد حان .

طلب الإمام الحسين إيقاف القتال حتّى يصلّوا .

صاح الحصين بن نمير :

ـ إن صلاتك لا تقبل يا حسين .

صاح حبيب بن مظاهر بغضب :

ـ زعمت أنّها لا تقبل من آل الرسول و تقبل منك يا حمار !



النهاية


شعر الحصين بالحقد فضرب فرسه بالسوط و هجم على حبيب .

تصدّى حبيب له و ضرب وجه الحصان ، و سقط الحصين بن نمير على الأرض .

اندفع عشرات الجنود لإنقاذ الحصين ، فاشتبك حبيب معهم ، و قاتلهم قتال الأبطال .

تمكّن حبيب و بالرغم من شيخوخته من قتل أكثر من ستين جندياً .

و في غمرة القتال سدّد أحد الغادرين رمحاً وطعنه بقسوة و هوى حبيب ابن مظاهر فوق الرمال شهيداً .

و هكذا انتهت حياة ذلك الصحابي البطل الذي قضى عمره في الجهاد من أجل الإسلام .

لم يكتف ابن نمير بقتل حبيب ، فأخذ رأسه و علّقه في رقبة حصانه و راح يجول بين الجنود متباهياً بعمله الدنيء .

حاول الإمام الحسين إنقاذ صاحبه ، و لكنّه وصل متأخراً فدمعت عيناه و قال بحزن :

ـ عند الله احتسب نفسي و حماة أصحابي . . إنّا لله و إنّا إليه راجعون .

و عاد الحسين إلى موقعه حزيناً لأنّه فقد أقرب أصحابه و أكثرهم إخلاصاً و وفاءً .



في قلوب المؤمنين


اليوم عندما يذهب المرء إلى كربلاء لزيارة سيّد الأحرار في العالم ، سيشاهد من بعيد قبّة ذهبية شامخة في السماء و منائر شاهقة في الفضاء .

و عندما يدخل الحرم الطاهر المغمور بروائح العطور و الربيع ، سيجد ضريحاً بالقرب من ضريح الإمام الحسين ، ذلك هو ضريح الشهيد حبيب بن مظاهر شيخ بني أسد و سيّد الأوفياء .

و لابدّ لمن يزور الإمام الحسين أن يُحيي حواريه قائلاً :

ـ السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي .