"أَعِيديني طيناً"

على لسان حال من تعدى عمره الأربعين ولم يتوفق للأربعين.

سَـــرابٌ سِــــنِينـي كَقِيـــعَةِ ماءٍِ
خَيالاً تَراءَى ولَيْسَتْ سِـنِين
سِـــــــنينٌ من العُمْرِ مَرَّتْ سُدَى
وما قَطُّ عُدَّتْ من الأَرْبَعــين
فيَالَيتَ رُوحِـــــي سَــــفِيناً بَدَتْ
وَعَبَّاسُ قِبْطانُ تِلكَ السَّفِين
جُــــــنُوناً تَخُوضُ عُبابَ البِحارِ
لِبَرِّ الأمانِ يَقُودُ الجُنُـــــون
تَطُــــوفُ هَياماً على مَوجِــــها
وَعِشْقاً تَهادَى لِتِلكَ السِّنِين
وَهُزءاً بِمـــــوجٍ فَمَــــــهْمَا علَا
فَمِجْدافُها الشَّوقُ للأربَعين
وَهُزءاً بِمَــــــوْتٍ فَمَــــــهْمَا بَدَا
نَواقِيسَ حِقدٍ من الحاسدين
فَيارَبِّي أَطْلِق يَدِي بِالدُّعــــــاء
وانشُرْ غَماماً بِغَيثٍ سَــمِين
بِأَمْطارِ خـــــيرٍ تَعُـــــمُّ الوَرَى
بِطاقاتِ حُبٍّ إلى العاشِقين
فَهٰذي جُمـــــوعٌ تُلَبِّي النِّـــداء
كأَسْرابِ نَحْلٍ تِجاهَ الحسين
وَهـــــاتِيكَ قَلبي يشــقُّ الهَواء
وَجِسمِي كَقَوسٍ يَشُدُّ الحَنين
وَيَهْفُوا فُؤادي بأرضِ الطُّفُوف
حَضْــناً لِتُربٍ وهَمْلاً لِعَــــين
لِتَشتاقَ أرضٌ لِهٰذي الدُّمُـــوع
شَـــوقاً لِيُروَى به الظَّامِئون
وَشَوقاً لِفَرضٍ كَفَرْضِ المُشَــاةِ
يَؤُمُّ الجُمُوعَ النبيُّ الأمـــين
أذانٌ يُؤَدَّى بِأَمــــرِ السَّـــــمَاءِ
يُنـادِي حسينٌ أَما من مُعِين
يُنـــــادِي عَلَيْنــــا نَبيُّ الهُدَى
حسينٌ ذَا منِّي، أنا من حسين
وَيَتْــــلُوا عَلَينـــــا من الآيِ ما
يُسَلِّي قُلوباً فَراها الأَنِــــين
من الآيِ يَتْلوا مُصابَ السِّــبا
وُقُوفاً رُكُوعاً وفي الساجدين
مَقامٌ طَويلٌ وذِكرُ المُصــــــابِ
يُذْكي عَزاءً مع الوالِهــــــين
مُصــــــابٌ تَوزَّعَ في كُلِّ قَلْبٍ
بَكَتْهُ السَّـماواتُ والأَرَضـون
وناعٍ نَعـــــاهُ لِكلِّ البُيـــــــوتِ
لِأملاكِ ربِّي لِعَرْشٍ مَكِـــــين
أيازينبَ الطُّـــــهرَ حَقاً سُبِيتِ
وعُجْـفَ النِّياقِ أَهَلْ تَركَبـين
إِذَنْ أَيـــــنَ عَبَّــــــاسُ يازينبُ
أَلا زالَ مُلْقىً فَضِيخَ الجَبِين
وكَفّـــاهُ حيثُ الشَّريعةُ طاحَت
إِذَنْ مَن سَقَى المْا عُطَاشَى الحسين
وَيا جــــابِراً هَلْ أتاكَ الجَوابُ
من النَّحرِ لمّا قَصَدْتَ الحسين
ألم تَخْتَنِِقْ من رَمادِ الخِــــيامِ
أَلَمْ تَسْـــــتَمِِع لليتـــامى أَنين
وَتَمشـــــي قُلوبٌ حَجِيجاً لِقَبرٍ
وَقِبلَتُها في المَسِيرِ الحســـين
كَأنَّهاً عِقــــدٌ بِجِـــيدِ الحَـــياةِ
يَزِينُ الوُجُــــــودَ بِدُرٍ ثَمِــــــين
فَتَبدُوا الرُّؤوسُ بِأَعْلَى الرَّماحِ
شُمُوساً تُِضِيءُ و حِصْناً حَصِِين
لِتَهزِمَ فينا خُــــــنُوعَ الضَّميرِ
وَتَزرَعَ فينا شُــمُوخَ اليَقِــــــين
فَنَـــــحنُ الَّذِينَ بِأَمْــــــرِ الإِلٰهِ
أَطَعْنا الرسُولَ بِحُبِّ الحسـين
أَتَينـــــا نُلَبِِّي نِـــــداءَ الإِبـــاءِ
وَنُطْلِقُ صَوتاً من الخافِقَـــــين
أَمِـــــيرِي حسينٌ ونِعْمَ الأمير
نُفَــــدِّيكَ جِسْماً وَرُوحاً وَ دِِين
فَيا سِـــــبْطُ نَحْـنُ جُنُودُ الإِلٰهِ
فَمُـــــرْنا تَرانا من الطَّائِعـــين
فَقَدْ حَطَّمَ القَلْبَ فينا مُصَـابٌ
مَسِيرُ السَّبايا لِقَصـــرِ اللَّعين
فَهٰذي بَناتُ الرسولِ تُســــاقُ
كَسَـــوقِ الأُســارى بِذُلٍ مُهين
أَياقَلبُ أَعلِنْ حِداداً بِصَــــدْرٍ
فَدَقَّاتُكَ الْيَـــــوْمَ لا تَسْــــتَكين
وَياقلبُ واسي بَناتِ البَتــــولِ
فَنِعـــــمَ المُواســــــاةُ للطّٰهرين
وَياكَرْبَـــــلاءُ خُذِيني إِليـــــكِ
أَعِيديني طِــيناً يا أَنْقى طِــين
لَعَلِّي أَعُـــــودُ أَدِيماً بِطِـــــفٍ
أَفُـــوزُ شَـــــهيداً مَعَ الفائزين

عبدالله المعاتيق
1 صفر، 1437هـ