محدودية البحث والعلم والكتابة بين «الوهم والحقيقة»
مع سماحة السيد أمين السعيدي.

إنّ الذين يَتصوَّرون ويقولون بأنّ المواضيع العلمية تم بحثها، وأنه لا يوجَد مواضيع للبحث والاستقصاء والتحقيق، هم واهِمون، وليست لديهم الخبرة والمعرفة الكافية بالعلوم والحاجات الإنسانية.
إنَّ البحث العلمي لا يفنى ولا ينتهي أبداً مادام شريان البشرية يتنفَّس وقلبها ينبض، ومادام العقل يُفكِّر، بل كلّما انتهيتَ من علمٍ فأنت إنما فتحت أبوابه أكثر لنفسك أو لغيرك لا أغلقته؛ ذلك لأنّ العلم كلّما تعمَّق اتسع، وكلما اتسع برزت وتفجرت أسراره، ثم كلما شارف على النهاية عاد كأنه ابتدأ وانفتحت له آفاق جديدة
{قُل لَّوْ كانَ البَحْرُ مِداداً لِّكَلِماتِ رَبّي لَـنَـفِدَ البحرُ قَبْلَ أَن تَـنـفَدَ كلماتُ رَبِّي ولَوْ جِئـنا بمِـثْـلِـهِ مَدَدا}؛ فأي بحث علمي -مهما كان- فهو أقصى ما يكون في مرحلته هو أنه (أعلى المراتب العلمية المرحلية الحالية، لا نهايتها).
إنّ البحث العلمي إنما يعالِج أدق مسائل وجزئيات الحياة واحتياجاتها بالتفصيل، ويَـتناول (مَنشأها) و(أسباب نشوئها) و(كيفية عملها واستعمالها) و(نتائجها)، ويوازِن بين جهاتها، فيسعى لإبراز حقائقها قدر ما أمكن، ويضع حلولاً لمختلَف المشكلات فكرية نظرية كانت أم سلوكية عملية، فردية أم اجتماعية، دنيوية أم أخروية.
والحال أنّ هذه الجزئيات والتفاصيل وأمورها لا تنفَد؛ فكيف ينفَد البحث والعلم ويغلق بابه في أي مجالٍ كان؟! لذا؛ لم يكُن من العبث أن تُطالَب في مرحلة الدكتوراه بأطروحة بحث جديد أصيل يثري المعرفة الإنسانية، ولو في جزئيةٍ ما.
إنّك لتعرف هل هناك ما يحتاج للبحث والاستقصاء؛ عليك فقط أن تنظر حولك، وترى ما الذي يمس بواقع نفسك أو واقع الناس ويحتاجونه، ثم تنطلق بالبحث فيه والكشف عن حقائقه العلمية النافعة بحيث تكون بانياً.


أمين السعيدي