صلاةُ آخرِ أربعاء من «صَفَر» وأعمالُه ونحاسته-(1)-
مع تعليق سماحة السيد أمين السعيدي.

السائل:

شاع منشور يتعلق بأعمال آخر أربعاء من صفر للتعوذ من نحوسته، نود سماحة السيد أمين إبداء النظر حوله، فقد قمتُ بنشره شخصياً مثل غيري ثم شككتُ في صحته، فإذا كان فيه خطأ فما هو تكليفي لتبرئة ذمتي والتكفير عما نشرته بين المؤمنين؟
فالمنشور كان كما يلي:

[[صلاة آخر أربعاء من شهر صفر:

جاء في المأثور أنه ينزل في كل سنه 320 ألف بلية ، كلها في يوم الأربعاء الأخير من شهر صفر ، فيكون ذلك اليوم من أصعب أيام السنة.

فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة بعد الحمد الكوثر سبع عشرة مرة ، والإخلاص ثلاث مرات ، و المعوذتين كل واحده مرة ، وبعد السلام يقرأ هذا الدعاء مرة واحدة ؛ فإن الله تعالى يكفيه ذلك ، ويحفظه من جميع البلايا ، آمناً في ماله وولده ، سالماً من صروف الدهر.

وهذا هو الدعاء:

(اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وبارك.

اللهم إني أعوذ بك من شر هذا الشهر ، ومن كل بلاء وشدة قدرتها فيه ، يا مُـبــْـدِئ ويا معيد ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا العرش المجيد ، أنت فَـعــّـالٌ لما تريد.

اللهم احرسْ بعينك نفسي ، ومالي ، وأهلي ، وأولادي ، ودِيني ، ودنياي صاحبتها , بحرمة الأبرار والأخيار ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم يا شديد القوى , يا شديد المحال ، و يا عزيز يا كريم ، أَذللتَ بعزتك جميع خلقك ، يا محسن يا مجمل يا منعم يا مُــكْــرِم ، يا من لا إله إلا أنت ، يا لطيف ، لطفت خلق السموات والأرض ألطفْ بي بقضائك ، وعافني من بلائك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

يستحب دفع الصدقة ، والإكثار من الأدعية ، وقراءة هذا الدعاء:

(اللهم اصرف عنا هذا اليوم ، واعصمنا من شؤومته , واجعله اللهم علينا بركة ، واجنبنا عما نخافه من نحوسته وكراهيته ، بفضلك ولطفك يا دافع الشرور ، يا ملك يوم النشور ، برحمتك يا أرحم الراحمين).

وروي أن من قرأ هذا الدعاء في آخر أربعاء من شهر صفر لم يمت في تلك السنة.

وناجى عزرائيل ربه فقال: يا رب! إنَّ فلاناً انقضى أجله وعمره ولم تأمرني بقبض روحه ، فقال جل جلاله: قلتَ حقاً ؛ ولكن أطلتُ عمره بسبب قراءته هذا الدعاء إلى شهر صفر المقبل ، وحفظته من جميع الآفات والبليات.

وهو هذا الدعاء الشريف:

(بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم يا ذا العرش العظيم والعطاء الكريم ، عليك اعتمادي ، يا الله يا الله يا الله ، الصمد الرحمن الرحيم ، يا فرد يا وتر يا حي يا قيوم ، امنعْ عني كل بلاء وبلية وفرقة وهامة ، وامنعْ عني شر كل ظالم وجبار ، يا قدوس يا رحمن يا رحيم).

ثم تكتب في إناء نظيف وتشرب ماءه:

(بسم الله الرحمن الرحيم ، سلامٌ قولٌ مِن ربِّ رحيم ، سلامٌ على نوحٍ في العالمين ، إنّا كذلك نجزي المحْسنين ، سلامٌ على آل ياسين ، سلامٌ عليكم فادخلوها خالدين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسلماً كثيراً)]].


· تعليق سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله حول محتوى المنشور:

لقد اطلعتُ على ما تفضَّل به الأخ العزيز الفاضل رعاه الله وأنالَه مُناه ، فله جزيل الأجر إن شاء الله تعالى ، غاية الأمر هنالك ثلاث ملاحظات مهمة موجزها كما يلي:

· الملاحظة الأولى:-
إنَّ ما شاع عن (شهر صفر) من نحوسة هو في غاية البطلان وحتماً هو مِن البدعة ، ويَستوجِب الحرمة ، وقد أثبتنا ذلك في كتابنا حول هذا الأمر بالدلائل الناصعة والبراهين القاطعة ، والتي منها ما ثَبــَـتَ -عند جملة من أكابر الأعلام- من أنَّ زواج عليٍّ عليه الصلاة والسلام بأمنا الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وَقَع في شهر صفر وبأمرٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله ، ناهيك عن أنه يوصَـف بـ(صفر المظفــَّـر) ، فهو شهرٌ مبارَك ، لا شهر نحسٍ وبلاء كما ابتُدِعَ وشاع ، وإلا لما وُصِفَ بالمظفــَّـر ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله إنما أراد كسر هذه البدعة وتبديدها بعقدِه زواج عزيزته ابنته الصِّدِّيقة من الإمام عليه الصلاة والسلام في خصوص هذا الشهر المبارَك ؛ لذا فإنّ إحياء مقولة نحوسة صفر هو بمثابة معانَدة لرسول الله صلى الله عليه وآله والرد عليه ومعانَدة الأئمة عليهم الصلاة والسلام أجمع والرد عليهم والعياذ بالله وإحياء لسُنّةِ الجاهلية التي نشأَتْ آنذاك وشاعَتْ عن مبررات ، ثم لَـمّا جاء الإسلام أزال تلك المبررات من أصلها وقضى عليها من أساسها ؛ فانتفَت وما عاد لها أي تحقُّق ؛ فأصبح لا حاجة حتى للاحتياط تجاه هذا الشهر ، الذي هو من الشهور العظيمة والمباركة ، وللأسف فإنّ الناس خسروا بركته وعظمته سنين طويلة بفعل الأفكار الخاطئة التي ورثوها بعيداً عن الدين ؛ فهذه أحد المصاديق على اتِّباع الناس لموروثاتهم الفكرية بأبعَد ما يكون عن الدين الحنيف.

· الملاحظة الثانية:-
إنّ ما ذُكِر من أعمال وإن لم يذكره كبار الأعلام في كتبهم المعروفة المختصة بالعبادات والأدعية والزيارات ، سُنَّةً وشيعة ؛ إذ لم أجد واحداً من أكابر علمائنا ذكره ، وحتى كبار علماء إخواننا السنة ، ناهيك عن رفضهم القاطع لمثل هذه الخرافة ، إلا أنّ:

1- العلّامة السيد حسن اللوساني ذَكر بعضه في كتابه (مرقاة الجنان) ، ولم ينسبه للأئمة عليهم الصلاة والسلام ، كما أنه قال في بداية نقْلِه للخبر: يوصَى. ولم يقل: يروى كما فعل بعض العوام في نقلهم للخبر ، فنَـصُّ عبارته هناك هكذا:

[يوصى فيه –يعني آخر أربعاء من هذا الشهر- بالأمور التالية ، وبخاصة لدفع الشؤم والنحس والأذى: …][1].

2- ذَكره الباحث العظيم والمحقق النحرير آقا بزرگ الطهراني ، المتوفى سنة 1389هـ ، ذَكره في كتابه الجليل (الذريعة) عند ترجمته للمرقَّم (1779: أنيس الصالحين) حيث قال عنه في تعريفه هو كتاب:
[فارسي في الأدعية والأعمال المأثورة ، للسيد الأمير مُعِز الدين محمد بن أبي الحسن الموسوي المجاور للمشهد الرضوي ، صاحب رسالة "النجاة" في يوم العرصات ... أوله (يامن ذكره أنيس الصالحين وطاعته نجاة للعابدين إياك نعبد وإياك نستعين) مرتَّب على أربعة فصول "1" تعقيبات الفرائض والنوافل "2" أعمال الأسبوع "3" أعمال الأيام والليالي المتبركة "4" أحراز الأئمة وأدعية للحوائج المتفرقة ، وفَرغ منه سنة 1017 ، مطابق قوله (إنه هو صراط مستقيم) ، توجد نسخة منه في الخزانة الرضوية كما في فهرسها ، ورأيت نسخة كتابتها سنة 1058 بخط عبد الله بن محمد شريف السمناني.
وحكى في كفاية المهمات عن هذا الكتاب صلاة اليوم الأربعاء الأخير من شهر صفر المعروف عند الفرس ب‍ (چهار شنبة سوري) وكيفيتها: أن تصلي ركعتين بالحمد وآية (الملك) في الأولى. والحمد وآية (ادعوا ربكم تضرعاً -إلى- المحسنين) وتَقرأ بعد السلام دعاءً مختصراً.
وفي (فتح الملك المجيد) المعروف بمجربات الشيخ أحمد الديربي ذكر دعاء آخر لهذا اليوم (اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه إكفني شر هذا اليوم) ، ونقل عن "أنيس الصالحين" هذا أيضا في بعض المجاميع خطبة النبي صلى الله عليه وآله في تزويج فاطمة علياً عليهما السلام][2] انتهى.
فكما تَرى ؛ إنّ الخبر غير منسوب للأئمة عليهم الصلاة والسلام ، وإنما هو مجرَّبات ومَحْكي ، مع ملاحظة الفارق بين بعض مضمون النقلين.

3- وذَكره الشيخ داود الأنطاكي ، المتوفى سنة 1008هـ ، ذَكره في كتابه الموسوم بـ(تذكرة أولي الألباب) ؛ قال:
[(مُهمّة) : ذَكر الشيخ محمد الغوث في كتابه المسمى بالجواهر الخمس أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة ألف بلية وعشرون ألفاً ، كلها في يوم الأربعاء الأخير من شهر صفر ، فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة ، فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة (إنا أعطيناك الكوثر) سبع عشرة مرة والإخلاص ثلاث مرات والمعوذتين كل واحدة مرة، وبعد السلام يَقرأ هذا الدعاء مرة واحدة، فإنّ الله تعالى يكفيه ذلك ويحفظه من جميع البليات آمنا في نفسه وماله وولده سالماً من صُرُوفِ الدَّهر ، وهو هذا الدعاء:
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأُمّي وبارك ، اللهم إني أعوذ بك من شر هذا الشهر ومن كل بلاء وشدة وبلية قدّرتها فيه ، يا دَيهور يادَيهار ، يا كان ياكينون ياكينان ، يا أزل يا أبد ، يا مبدئ يا معيد ، يا ذا الجلال والاكرام ، يا ذا العرش المَجيد أنت تَفعلُ ما تريد ، اللهم احرس بعينك نفسي ومالي وأهلي وأولادي وديني ودنياي التي ابتليتني بصحبتها ، بحرمة الأبرار والأخيار ، برحمتك يا عزيز يا غفار ، يا كريم ياستار ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم يا شديد القوى يا شديد المحال ، يا عزيز يا كريم ، أَذللتَ بعزك جميع خلقك ، يا محسن يا مُجْمِل يا متفضِّل يا منعم يا مكْرِم ، يا مَن لا إله إلا أنت ، يا لطيفاً لطفتَ بخلق السماوات والأرض ألطفْ بي في قضائك وعافني من بلائك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم بعد ذلك تكتب الآيات المفتتحة بـ(سلامٌ) في إناء صيني وتمحى بماء ورد وتشرب وهي هذه: (سلامٌ قولاً مِن ربٍّ رحيم ، سلامٌ على نوحٍ في العالمين ، سلامٌ على إبراهيم كذلك نجزي المُحْسِنِين ، سلامٌ على موسى وهارون إنّا كذلك نجزى المُحْسِنِين ، سلامٌ على إِل ياسين إنا كذلك نجزى المُحْسِنِين ، سلامٌ عليك ، سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عُقْبى الدار ، سلامٌ عليكم طبْتُم فادخلوها خالدِين ، سلامٌ هي حتى مَطْلعِ الفَجر)][3] انتهى.
والقول فيه كالقول في سابقه ، فلا نُعْيد.
ثمّ إنّ المَصْدر الأول منها (مرقاة الجنان) ربما أَخَذَ ذلك عن أحد هذين المَصْدَرَين الآخرَين ، بدمج المضمونين ، وإن تفاوَت مضمون النقل في الجملة.
ومعلوم أنّ المصادر الثلاثة ليست من الأصول المعتمَدة في هذا المجال ، ولا عليها المعوَّل في النقل والحُجّة ، ناهيك عمّا فيها مما ذكرناه وما سنزوّدك به أكثر فيما يأتي.
وعليه ؛ نقول:
لا مانع من الصدقة ؛ فهي مستحبة على كل حال ، وفي الخَبَر لا يَعْدوها البلاء ولا يَتخطّاها. لكن سَن الصلاة والأعمال المذكورة فهو بدعة من الأمور الخطيرة ؛ وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ؛ لأن ما يُذْكَر من أعمال آخر أربعاء في صفر لم يَـثبت بطريق شرعي معتبَر ، كونه لم يُنسَب لأيٍّ من المعصومين عليهم الصلاة والسلام ، وإن قام بعض الناس بنسْبه للإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه بتجرؤٍ منه على أئمة الهدى ، كما رأيتُ ؛ بالتالي فما يُـذكر لا يعالَج حتى بقاعدة (التسامح في أدلة السُّنَن) ؛ لأنه أساساً لم يَـثبت استنانه ولم يَثبت أنه دليل أساساً ولو بسندٍ روائيٍّ ضعيف ؛ فهو ليس من الأدلة كي يشملها (التسامح في الأدلة السُّنَنية).
هذا ناهيك عن ركاكة عبارة الدعاء وضعف سياقه وتركيبه ، فهو لا يَنسجم مع ذائقة ورفعة الصياغة المعصومية التي يمتاز بها دعاء وخطاب أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فالعارف بمذاقهم وقرائحهم صلوات الله وسلامه عليهم يشخِّص مباشرةً هذا الأمر ، وإن كنتُ لا أَدَّعي ذلك لنفسي الحاسرة القاصرة.
فإن قيل:
لربما ورَدَ شيء من تلك الأعمال لقيه صاحب كتاب (مرقاة الجنان) والشيخ محمد الغوث صاحب كتاب (الجواهر الخمس) ، والسيد الأمير مُعِز الدين محمد بن أبي الحسن الموسوي صاحب كتاب (أنيس الصالحين "في الأدعية والأعمال المأثورة" – فارسي) بما حُكي في كفاية المهمات عن هذا الكتاب وفق ما أشار الآقا الطهراني رحمهم الله ، خصوصاً وأنّ صاحب (أنيس الصالحين) سمَّى كتابه بالأدعية والأعمال (المأثورة) ، فربما ورَدَ شيء من تلك الأعمال ولم يــَـصل إلينا ؛ بالتالي نتعبَّد به وفق قاعدة (التسامح في أدلة السُّنن) ، خصوصاً وأنّ المؤلِّف صاحب (مرقاة الجنان) قال (يوصى) ؛ فهل يُعْقَل أنّهم جاؤوا به من كيسهم الخاص؟ ألا يُشَم –مثلاً- من كلمة يوصَى أنّه ورَدَ في ذلك خبر شرعي؟ فهذه كتب أدعية وشرعيات ..

الجواب:
هذا الكلام لا يــَـصمد أمام الصناعة العلمية ؛ لعدم تمامية ، وكوْن الكتاب من الكتب التي بين أيدينا ، وعدم وجود مؤشرات علمية على وجود هكذا أعمال يُـحتمَـل في حقها الضَّياع وعدم الوصول إلينا حتى يــَـتفرَّد بذكرها كتاب (مرقاة الجنان) .. ، ويَغيْب عن أكابر العلماء المحدِّثين الأقدمِين الذين هم العمدة في النقل والأخذ! لا على الصعيد الشيعي فحسب ، فهذا عيْن ما دعَى صاحب كتاب (مرقاة الجنان) لأن يعبِّر بـ: يوصى ، لا بـ: يُروى ، ففَرْقٌ بين العبارتين على المستوى العلمي.
بل هذا ما دَفع ببعض الناس لأن يقول: يــُـنقََل عن بعض العرفاء. وكأنها مكاشفة عرفانية يراد تقويتها بالعرفان بعد أن رَفَضها الدليل العلمي الشرعي القاطع.
بل ولهذا عبَّر البعض بـ: أنه يــُـنقَل في المأثور. دون أن يــَـذْكر أيُّ مأثورٍ ذلك وممن هو صادر.
ولهذا أَعرَض كبار المحققين والأعلام عن استعراض تلك الأعمال في كتبهم المعروفة المختصة بالأدعية والأعمال العبادية.
بل ولهذا أفتى المعاصرون من المراجع بعدم صحة تلك الأعمال ؛ كالسيد محمد الشاهرودي ، والسيد علي السيستاني ، والسيد علي الخامنئي ، والسيد كاظم الحائري ، وغيرهم.
هذا ؛ ولو كان في الأربعاء الأخيرة من صفر المبارك شيءٌ لَـظَهر ذلك البلاء ، ولَـتَـميَّز يوم الأربعاء الأخير عن غيْره من الأيام بكثرة البلايا والشرور ، والحال أنَّ الحِس والوجدان قاضيان بعدم وجود شيء من ذلك على أرض الواقع ، اللهم إلا أن يقال بأنها بلايا خافية أو مِن نوعِ البلايا المقَدَّرة للأيام اللاحقة. لكن على أيِّ حال ليس الكلام في هل هناك بلايا تنزل في الأربعاء الأخير من شهر صفَر بالعدد المذكور أم لا -وسيأتيك بيان متعلَّقِه في الملاحظة الثالثة- ؛ إنما الكلام في بطلان الأعمال المذكورة فيه وعدم حُجّيّتها ، بل وكوْنها مِن البدعة المحرَّمة.
هذا بالنسبة للصلاة والدعاء والتّعويذ المذكور بعدها.
وأما الدعاء الذي في مناجاة عزرائيل عليه الصلاة والسلام لربه سبحانه -على فرض ثبوته- فهو أساساً غير خاص بيوم الأربعاء الأخير من صفر ، بل ولا خاص بشهر صفر فضلاً عن أربعائه ؛ فهو لربما لأنّ القارئ تلاه في صفر طال عمره سنة إلى صفر القادم ، فلو قرأه -مثلاً- في رجب أو شهر رمضان أو غيرهما من الشهور ؛ لطال عمره سنة ، بلا فرق بين صفر ورجب وشهر رمضان .. من هذه الجهة ؛ مما يعني تَرتــُّـب أثر الدعاء الذي في مناجاة عزرائيل مع ربه في أي شهرٍ كان ، لا في خصوص صفر.
وكما ذكرنا: لنا أن نتصدق ونَـتعبد بالعبادات اليومية وغيرها مما هو ثابت ومسنون ، لكن لا بعنوان أن شهر صفر (كله شهر شؤم ونحس وبلايا وشرور وآفات) ؛ فهذه الفكرة من (الجاهليات) التي انتقلت للإسلام بفعل ظروف خاصة ندعها لمحلِّها تحرِّياً للإيجاز ؛ وكما في الخبر الشريف: (لا تُعادوا الأيام فتعاديكم) ، وقد نَهت الشريعة عن (التَّـطَـيُّر).
فلو ورَدَ في بعض الأيام تَحـيُّـط فالتحيّط له موازينه الشرعية المقرَّرة وله حدوده وأيامه ، لا أن نَصِـف شهراً بكامله بالنحوسة ، فنعطِّـل الأرض والعباد! فشهر صفر خيرُه وافرٌ كثير ؛ فهو شهرُ ظَفَرٍ ورحمة وذكرى ، ومن الشهور القدسية التي أَوقَع فيها النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام كثيراً من أعمالهم وأفعالهم العظيمة التي تحتاج للبَرَكة ، لا التزويج فحسب ، وقد أَوقَع فيه أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بعض معاركه وإن كانت حالة لها ظروف خاصّة وفُرِضَتْ عليه قهراً ، إلا انها في طابعها العام مما تحتاج للظَّفَر والبركة ، لا سيّما وأنّ المعارك تعتبَر من عظائم الأمور التي تتطلب التوفيق الكبير ، بالأخص في الظروف التي عاناها عليه الصلاة والسلام مِن طبيعة مَن كانوا في جيشه.

أسأل الله لي ولكم المغفرة ، ولا تنسونا من صالح الدعاء.
أمين- قم المقدسة

هوامش:

[1] مرقاة الجنان، للسيد حسن اللوساني: ص66 و67.
[2] الذريعة، لآقا بزرگ الطهراني رحمه الله: ج2 ص458 و 459.
[3] تذكرة أولي الألباب، للشيخ داود الأنطاكي: ج3 ص195 و196.

[[سنوافيكم ببقية جوابه عما قريب جداً بإذنه تعالى ، وفيه ذَكَرَ ملاحظة ثالثة مهمة وتتمة – تقرير قسم التوعية والإعلام في جماعة أنبياء أولي العزم (ع)]].

___________________

إعداد جماعة أنبياء أولي العزم (ع) الدينية.
للاشتراك
مجاناً في خدمة وتسابجماعة أنبياء أولي العزم «ع» العلمية القطيفية العراقية القُمّيّة فقط ارسلْ كلمة: (إشتراك) على:
00966536454505
or Site:
anbyaa.com