رواية عندما تتمرد الأشباح
"غالب البشر لديهم نسبة من البرانويا "
الراويه كانت متناهيه في الرعب , ليس رعب الأشباح والعفاريت بل الرعب الأشد فتكا وهو النفس , النفس التي تتدحرج في المجهول كما تتدحرج الصخره في جرف صخري بسرعه هائله وتدمر كل شيء من حولها ومن فرط الدهشه لا أحد قادر على أيقافها , تلك هي النفس حين تتمرد , حين تتلبسها الفكره لتجتر سيل من الذكريات والأحداث الصامته ثم ماتلبث طويلا ألا وجدت نفسها غارقه في لجج الظلمه ولا أحد قادر على أنقادها , ماهي الفكره ؟ فكرة التعاسه مثلا فـ تدريجيا تجد أن كل شيء من حولك يجلب لك التعاسه , فكره الغيره على أحد تحبه عندما تمتد تتحول إلى شبكه من الشكوك تحيل عالمك إلى قلق وهواجس , فكرة أن تكون ضحيه وأن هذا الكون متآمر عليك فتلعن الطريق والماره وتلعن الأشاره في زحام فظيع فقط لأنك تأخرت عن دوامك , فكرة الأضطهاد والفشل وسيل من المبررات للحظ والأبراج والنظام التي تتوسع بشكل يجعلك متقازم أمام عدد للامتناهي من الخيارات , ....وغيرها الكثير من الأفكار التي تحيل حياتك إلى جحيم , !
الفرق الوحيد بين المريض النفسي والمجنون أن المريض يدرك أن هذه الأفكار لاصحة لها ولكنها تنمو داخله بشكل أو بآخر أما المجنون فيؤمن بها إيمان مطلق فتفقده حواسه وتظهر له أشباح أفكاره ...!
ثم تذكرنا الروايه أيضا بشبح الحرمان , وهي أن تتفق مع المجموعه التي تكون معها في ارئها ولباسها ومعتقداتها لكي لاتتعرض للحرمان منهم وتبقى وحيد , هو نفسه تماما الذوبان مع المجتمع بجميع قيمه ومعتقداته وأي خروج عنه يحيلك إلى فاسد , رغم أن القيم والأخلاق لها أبعاد مكانيه وزمانيه فتختلف من جيل إلى جيل ومن بلد إلى بلد لكنك محاط بكميه هائله من الضغوط التي تحيلك إلى دميه تحركها قيود المجتمع وألا أصبحت منعزل ,.وسبب ذلك كله التربيه في الصغر من قبل الأبوين وهي يجب أن تفعل هكذا ولا تفعل هذا وألا تعرضت للحرمان من الحب فيطيعك في كل شيء ..
ثم شبح التمرد الذي جاء من أثر المجتمع المدرسي وتقاسيمه أبتداء من الطفوله إلى المراهقه وحتى الكبر , وهي عندما يتعرض الطفل إلى العنف و السخريه وهو غير قادر على القيام برد فعل أتجاه هذه الأزدرائات إلى أن يصبح من المجموعه المنبوذه عديمة الثقه بنفسها ثم يكبر ويكبر الضغط عليه حد الأنفجار فيتمرد ويصبح مجرم , أول ضحاياه هم من سخروه عليه وهو طفل....
الراويه تتحدث عن جريمه قتل يستميت البطل لكشف خيوطها ولكن هذه الأفكار الفرعيه وغيرها التي لم تتذكر هنا جعلت منها كنز فلسفي متخم بالمعرفه ...
ذكرتني الروايه ب ثمة أقتباسات كتبتها منذ زمن بعيد :
" حين أكرهك فتيقن جيدا إنك تخلق بداخلي شخص لا أحبه ولايشبهني "
" الصفعه التي يستقبلها خد طفل بلا مبرر تحيله إلى مجرم فاسد حين الكبر "
المفضلات