الرقم 123


وقعة صفين ؛ النص ؛ ص313
عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ:: قَامَ عَلِيٌّ فَخَطَبَ النَّاسَ بِصِفِّينَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ:
«الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الْفَاضِلَةِ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ مِنَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ عَلَى حُجَجِهِ الْبَالِغَةِ عَلَى خَلْقِهِ مَنْ أَطَاعَهُ فِيهِمْ وَ مَنْ عَصَاهُ إِنْ رَحِمَ فَبِفَضْلِهِ وَ مَنِّهِ وَ إِنْ عَذَّبَ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ‏
وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ 3: 182 أَحْمَدُهُ عَلَى حُسْنِ‏ الْبَلَاءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَا نَابَنَا مِنْ أَمْرِ دُنْيَا أَوْ آخِرَةٍ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ‏ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ وَكِيلًا 4: 81
وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ‏ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ 9: 33 ارْتَضَاهُ لِذَلِكَ وَ كَانَ أَهْلَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ وَ جَعَلَهُ رَحْمَةً مِنْهُ عَلَى خَلْقِهِ فَكَانَ كَعِلْمِهِ فِيهِ رَءُوفاً رَحِيماً أَكْرَمَ خَلْقِ اللَّهِ حَسَباً وَ أَجْمَلَهُ‏ مَنْظَراً وَ أَسْخَاهُ نَفْساً وَ أَبَرَّهُ بِوَالِدٍ وَ أَوْصَلَهُ لِرَحِمٍ وَ أَفْضَلَهُ عِلْماً وَ أَثْقَلَهُ حِلْماً وَ أَوْفَاهُ بِعَهْدٍ وَ آمَنَهُ عَلَى عَقْدٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ وَ لَا كَافِرٌ بِمَظْلِمَةٍ قَطُّ بَلْ كَانَ يُظْلَمُ فَيَغْفِرُ وَ يَقْدِرُ فَيَصْفَحُ وَ يَعْفُو حَتَّى مَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مُطِيعاً لِلَّهِ صَابِراً عَلَى مَا أَصَابَهُ مُجَاهِداً فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَكَانَ ذَهَابُهُ أَعْظَمَ الْمُصِيبَةِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ
ثُمَّ تَرَكَ كِتَابَ اللَّهِ فِيكُمْ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ يَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله عَهْداً فَلَسْتُ أَحِيدُ عَنْهُ وَ قَدْ حَضَرْتُمْ عَدُوَّكُمْ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ رَئِيسِهِمْ مُنَافِقِ ابْنِ مُنَافِقٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى النَّارِ وَ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ مَعَكُمْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّكُمْ وَ يَعْمَلُ بِسَنَةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلَا سَوَاءٌ مَنْ صَلَّى قَبْلَ كُلِّ ذَكَرٍ لَمْ يَسْبِقْنِي بِصَلَاتِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَحَدٌ وَ أَنَا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ مُعَاوِيَةَ طَلِيقُ ابْنُ طَلِيقٍ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى حَقٍّ وَ إِنَّهُمْ لَعَلَى بَاطِلٍ فَلَا يَكُونَنَّ الْقَوْمُ عَلَى بَاطِلِهِمْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَ تَفَرَّقُونَ عَنْ حَقِّكُمْ حَتَّى يَغْلِبَ بَاطِلُهُمْ حَقَّكُمْ- قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ‏ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يُعَذِّبْهُمْ بِأَيْدِي غَيْرِكُمْ».
فَأَجَابَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْهَضْ بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا وَ عَدُوِّكَ إِذَا شِئْتَ فَوَ اللَّهِ مَا نُرِيدُ بِكَ بَدَلًا نَمُوتُ مَعَكَ وَ نَحْيَا مَعَكَ-
فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ مُجِيباً لَهُمْ:
«وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَضْرِبُ قُدَّامَهُ بِسَيْفِي
فَقَالَ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ»
وَ قَالَ يَاعَلِيُ‏ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَ مَوْتُكَ وَ حَيَاتُكَ يَاعَلِيُ‏ مَعِي وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ لَا ضَلِلْتُ وَ لَا ضُلَّ بِي وَ مَا نَسِيتَ مَا عَهِدَ إِلَيَّ وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْفِظُهُ لَفْظاً.
ثُمَّ نَهَضَ إِلَى الْقَوْمِ فَاقْتَتَلُوا مِنْ حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ وَ مَا كَانَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ إِلَّا تَكْبِيراً.