[align=justify]

وقفة مع زينب بنت علي عليهما السلام (زينبية الخلق والعفاف"روعة الإيمان")





الكون ينشد فرحاً والسماء تعزف طرباً والكائنات تتباهى تبارِك فبوركتم, بوركتم بولادة الحوراء زينب العظيمة، زينب التي في دُجَى الأيام أشرقت، ومّن ظلم الدهر تلألأت، فهذه عقيلة بني هاشم والطالبين بنت سيد الأكوان تطل برائحة زهورها وبعبق رحيقها وبشذا أنفاسها تغرد في ميلادها ليقول فيها الشاعر الألمعي:-

نورُ بنتِ النبيِّ زينبَ يَعلــــو ** مسجداً فيه قَبرُها والمزارُ
قد بناهُالوزيرُ صدرُ المعالي ** يوسـفٌ وهو للعُلى مُختارُ
زادَ إجـــــلالَهُ كما قُلتُ أرِّخْ ** مسجدٌ مُشْرقٌ به أنــــوارُ



زينب ولدت سلام الله عليها في (5) من شهر جمادي الأولى من السنة الخامسة للهجرة, ولما ولدت جاءت بها أمها الزهراء (عليها السلام) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت -لاحظ أدب الزهراء مع زوجها فهي لم تسبقه في تسمية وليدها وأوكلت كل الأمر له حيث قالت- :


سم هذه المولودة , فقال: ما كنت لأسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), وكان في سفرٍ له, ولما جاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسأله علي عن اسمها؟ قال:ما كنت لأسبق ربي تعالى, فهبط جبرائيل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل وقال له:

سم هذه المولودة زينب, فقد اختار الله لها هذا الاسم, ثم أخبر جبرائيل النبي بما يجري عليها من المصائب, فبكي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال - ويا لها من مقولة عظيمة
يا رسول الله-:
من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين.

ولقد نشأت في بيت العلم والمعرفة ومهبط الوحي وتنزيل نعم فهي التي عاشت بين مدرسة النبوة والإمامة وتخرجت على يد تلك المدرستين في عاشت بين احضان وعش بيت آل محمد عليهم السلام.

ولذا شهد لها إمام عصرها الإمام السجاد (ع) بأنها عليها السلام (عالمة غير معلمة)، مجاهدة لا سابق لها في الجهاد من النساء، وبطلة شهدت لها ساحة كربلاء، ومتكلمة بارعة نكست بكلماتها رؤوس الملوك والطواغيت.

وكانت امرأة صالحة عفيفة في حجابها، وها هي امرأة عظيمة يفتخر بها الزمان ويرفع رأية عفافها.
ووقفتنا معكم ستكون في هذه الجهة العجيبة العظيمة من شخصيتها وتاريخها عليها السلام:-

*السيدة زينب عليها السلام (عفّة ومهابة):-

عفة المرأة لا تعني (الانكفاء والانطواء)، ولا تعني (الجمود والإحجام) عن تحمل المسؤولية وعن ممارسة الدور الاجتماعي والوظائف المسؤوليات، فقد رأينا السيدة زينب وهي تمارس دورها الاجتماعي في أعلى مستويات (العفة والاحتجاب)، حيث كانت (كالظاهرة الباطنة)، فهي ظاهرة في نشاطها وعملها ومسؤولياتها، وباطنة في جسدها ومفاتنها لحتى أن التأريخ لم يذكر لنا شيئاً عن تلك المفاتن رغم ما نقله لنا عن شخصها وجهادها وصمودها ونشاطها!!

فـ (العفة) لا تعني الانطواء والانكفاء، وإنما تعني عدم الابتذال، وتعني حفاظ المرأة على رزانتها وجدية شخصيتها أمام الآخرين بكل مسؤولية، بحيث تحفظ نزواتهم ولا تدع للشيطان ثغرة يصل من خلالها إلى شهواتهم تجاهها، فيجعل منها سلعةً شكلية لا قيمة لها سوى الإثارة والتهريج والتهييج النفسي والشهواني.

وبالتالي؛ إذا استلزم الأمر أن تخرج المرأة إلى ساحة المهام والمسؤولية فعليها أن لا تتردد في ذلك، وإذا كانت هناك مصلحة في التخاطب مع الرجال فلا مانع أبداً من ذلك، وهكذا في سائر المجالات النافعة والمرتبطة بواجباتها (الخاصة) و(العامة) كفرد من أفراد المجتمع ومن مزيجه المترابط؛ أما (الابتذال واستعراض القوام والمفاتن أمام الرجال) فهو بكل بساطة منافٍ للعفة والحشمة ’’عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً’’.

وبعد أن أشرنا إلى دور السيدة زينب عليها الصلاة والسلام ومواقفها (العلمية) و(السياسية) و(الإجتماعية) فلنتأمل الآن ما يقوله أحد المعاصرين لها والمجاورين لمنزلها برهة من الزمن، ليتضح لنا معنى (العفة والأحتشام) عند السيدة زينب عليها الصلاة والسلام:

((حدَّثَ يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين في المدينة مدة مديدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنـتـه، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً))1.

ذلك هو سر من أسرار تفردها وخلودها، فإنما تتحدد قيمة الإنسان ومكانته حسب ما يتمتع به من مواهب وكفاءات، ويترشح عنه من فضائل وأخلاق، وشخصية السيدة الحوراء زينب زاخرة بالمواهب العالية، وسيرتها طافحة بالمكارم الرفيعة، وقد قرأتَ كيف كان المؤرِّخ يقسم بالله على ما فيها ويخص تلك الخصلة بالذكر لما فيها بما فيها في ظل كثرة الأبصار وكثرة الأنظار، لا سيما في كربلاء ومحنها الأليمة التي لم تمس بإيمانها وعلاقتها مع الله قيد أنملة، فلربما لو كانت امرأة أخرى مكانها لجزعت وتفسخت عما تعتقد به وابتعدت بغضبها وانهيارها عن ربها.

وهكذا كانت قبل كربلاء، حيث ينقل التاريخ أنها سلام الله عليها إذا أرادت زيارة قبر جدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأخذ بها أمير المؤمنين لقبره الشريف ليلاً ويطفئ نور السراج حتى لا يرى ظلها أحد.

وكانت إذا أرادت الخروج من مسجدها بعد الانتهاء من قيام الليل يطلب أمير المؤمنين من الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام أن يطفؤوا أنوار المسجد حتى لا يرى ظلها أحد، وعندما كانت تخرج في تلك الحالة من الخفاء تخرج عند خروج الامام الحسين فيصيح العباس عليه السلام بالناس غضوا أبصاركم! ثم تخرج هي وأم كلثوم فيركبهما العباس المحمل.

هي سلام الله عليها لا تنحصر تحت أي عنوان وباب ..

فأي طهرٍ أنت يا زينب وأي عزة وأي كرامة؟!

يا أُمّنا العزيزة الغالية، يا زينب الشامخة، تعالي وانظري إلى بعض نساء اليوم وزهور مجتمعنا، فتياتنا أمهات مستقبلنا، طلي عليهن بنظرةٍ في الملْـتَـقَـيات لترين كم هو الفارق بين ما وجدناه فيك وما نجده فيهن!!

فأنتِ تحطمين عرش الطاغوت والطغيان، وترفعين يدك بحجابها المكلل بالسواد لتقولين (كلا)، وهن يسرحن ويمرحن في كل وادٍ مع الرجال والأجانب ضحكاً وتَحـدّثاً ولهواً ولعبا!! ثم عندما تقال مثل هذه الكلمة لا يُـرتـضَـى قائلها إلا بأن يُـنْـسَب للتعصب والتخلف والرجعية!

زينب! حِـنّي عليهن بنظرةٍ فهن بناتك، وسَـيِّـري لهن الزينبايات الرائعات العفيفات الطاهرات اللائي تمتلئ بهن القلوب وتَـحيى بهن النفوس.

***
تقبلوا تهاني جماعة أنبياء أولي العزم، بارك الله لكم بالمولد الميمون
طرح وتقديم عضو الجماعة: (يا صاحب الزمان).
مراجعة وإضافات: سماحة السيدأمين السعيدي حفظه الله
***

تقبلوا تحيات قِسم الإعلام لـ زاوية (أفراح وأحزان آل محمد"ص") المثَـبَّـتة على حائط جماعة أنبياء أولي العزم (ع) في الفيس بوك



الرّابط المباشر لحائط جماعة أنبياء ألي العزم (ع):




وإليكم أيضاً الرابط المباشر لـ(ألبومات) الجماعة على الفيس بوك:


[/align]