قضى الدهـــرُ أن أرويهِ ملحمةً كبرى
وأزمعتُ أن أمحـــــــو بهِ صفحةً نُكرا
كأن حديثُ الأمــــس خــــــــــيرُ دلالةٍ
لما أرتضيهِ اليومَ مــــن صفعةٍ أُخرى
أُجنبُ نفسي عـــــــــن هُرائاتِ مارقٍ
لأسمو بها إذ لــــم تــــكن تنتظر أجرا
ما كان يعنينــــي مــــــــن القول قُلتهُ
لأُزيحَ من أُذنَــــــــــــيَّ ما سدها وِقرا
ذاك الذي لا يمـــــــلكُ العـــقلَ ينزوي
إن جاع زال الجــــــــوعَ بالزادِ مُجترا
ضميــــــــري وإن ضاقت بهِ بحبوحةٌ
من العيشِ مالا يســـــــتطاعُ لهُ صبرا
يقادُ إلى عيشِ الكـــــــــــرام مطاوِعاً
لو كان معدوماً يقطــــــــــــــعُهُ الفقرا
بُليتُ بحربٍ قلَّ فــــــــي الكونِ مثلُها
على أنني لا أعــــــرفُ الكرّى والفَرّى
أعاني من الأهــــــــوال ما ليسَ ممكناً
أُقارعُ جيشاً جحـــــــــفلاً عارياً صدرا
وأنشبُ في الأهــــــــــــــوالِ ناباً نافداً
ولا أُبالي الخصــــــــــــــمَ لو أنهُ نِمرا
أعالجُ هماً أخــــــــــــــــذاً ما براحتي
ليمحو إليَّ فـــــــــــــــي المحافلِ ذكرا
آهٌ زمانُ القهرِ والقـــــــــــــــهرُ راحةً
إن كانَ فيهِ للمخــــــــــــــــــازيَ عبرا
وصاحباً لي يــــــــــــــــــزدريني تملقاً
يضُنني أقتفـــــــــــــــــــي مسلكاً وعرا
ما كنتُ أرغبُ أن أخـــــــــوضَ تنافساً
فيهِ صديقاً يمـــــــــــــــــــــتريني قهرا
يشدُني من مــــــــــــــــــــــزلقٍ لمزلقٍ
ويضحك حين تعـــــــــــــــتريني ذكرى
هذا زمانٌ خفتُ فــــــــــــــــيهِ مُصاحباُ
صديقاً يمالِقُني يجتـــــــــــــــثني غدرا
ذِممُ الرجال فيـــــــــــــــــــهِ لعبةُ لاعبٍ
بأبخسِ الأثمانِ ياهـــــــــــونِ ماتُشرى
ضميراً يباعُ فـــــــــــــــــــي مزادٍ مُعلنٍ
ويُسرا بهِ فــــــي للذلِ ما أقبح المسرى
وعاطلاً ضلَ الحـــــــــــــــــــياةَ جهالةً
وزاد من أثامهِ شــــــــــــــــــارباً خمرا
ليهنى من القــــــــــــدرِ اليسير سعادةً
وتودي بهِ الأيـــــــــامَ أو نشوة السكرا
ومجاهراً بالظــــــــــــــــلمِ يشتطُ عابثاً
يغدو مصراً يـــــــــــــــرتقي قمة الكفرا
ومعانداً ضــــــــــــــــــنَ الصوابَ برأيهِ
يسدُ من أرائهِ منــــــــــــــــــبع المجرى
ينؤُ عن حقٍ ليُصــــــــــــــــــــــبح غيهِ
عنوانهُ فــــــــــــــــــي مسرحٍ أينما قَرّا
وعنجهيٌ يستـــــــــــــــــــــغلُ مصالحاً
إذ راح يفجرُ مـــــــــــــــــزهواً ومغتَرّا
وأحمقٌُ تهــــــــــــــــــــوي بهِ أُكذوبةٌ
يسقطهُ قلــــــــــــــــــبُ فتاةٍ لها خبرا
وشريفةٌ رأت الحـــــــــــــــــــياةَ مذلةً
إذ يُرفعُ الأحقــــــــــــــرُ قدراً بلا قدرا
ضلت تصـــــــارعُ حيثُ باغتها الردى
فلا ينبغي من ثديـــــــــها تأكُلُ الحُرا
ومفتونةُ بالحبِ فــــــــــي قلبِ غادرٍ
رأت أنهُ المجنـــــــــــونَ بقلبِها أحرا
إليهِ استكانت حــــــــيثُ ألعقها البلى
وجردها الأثوابُ إذ فضـــــــــها بكرا
ومسالماً يرجــــــــــو الصلاح بفعلهِ
تصدهُ الأهوالُ يـــــــــــــرتدُ مضطرا
ومجادلاً بالجــــــــــهلِ يرجو وجاهةً
لعمريَّ لا يعلـــــــــو ذراعا ولا شبرا
هذا زمانٌ تلقــــــــــــــــى فيهِ نماذجٌ
تحلقُ فيهِ كيفـــــــــــــما حلق النسرا
خُذها إليكَ إنـــــــــــــــــــها محمومةٌ
إليكها ياعاذلـــــــــــــــي تلتهب جمرا