دمك... منقذ حياة كثيرين

==============

التبرع بالدم خطوة بالغة الأهمية لأنها تنقذ حياة كثيرين ممن يتعرضون لحوادث أو يعانون الأمراض. حسب الأطباء، حوالي 80 مرضاً ترتبط بالدم وتتوزع بين أمراض سرطانية ووراثية خطيرة يحتاج معها المريض إلى نقل دم كل سنة. لكن المؤسسات الصحية تواجه غالباً شحاً في كميات الدم المتوافرة. لذلك، تطلق أحياناً حملات لتحض الناس على التبرع بالدم لسد النقص الحاصل. على رغم ذلك، يبقى هذا النقص كبيراً.
لا شك في أن جسمنا مركب بطريقة عجيبة. فهو يتمتع بتوازن مذهل، إذ لا نرى في الجسم السليم أي فائض أو نقصان، والدم سائل لا غنى عنه لأنه وسيلة النقل الأساسية في جسمنا.

تركيبته
----------
• الصفيحات مسؤولة عن تخثر الدم، وهي لا تعتبر خلايا لأنها لا تملك نواة. تصل نسبتها القصوى في الدم إلى 1%.

• الكريات الحمراء تحتوي على الهيموغلوبين (خضاب الدم) الذي يعطي الدم لونه الأحمر ويثبت فيه الأوكسيجين، فضلاً عن ثاني أكسيد الكربون وأحادي أكسيد الكربون. يبلغ عمر هذه الكريات أربعة أشهر، تموت بعدها في الكبد والطحال ونقي العظم، وتصل نسبة هذه الكريات في الدم إلى 99%.

• الكريات البيضاء لا تتعدى نسبتها في الدم 0.2%، وهي عبارة عن مجموعة من الخلايا (الخلايا الوحيدة، الخلايا اللمفاوية، الخلايا الحمضة) تؤدي دوراً حيوياً في جسمنا. تُعتبر هذه الخلايا خط الدفاع الأول في جهازنا المناعي لأنها تقضي على العوامل الممرضة.

تشكل هذه الفئات الثلاث 45% من الدم، أما الباقي فيتألف من البلازما، سائل شفاف يميل إلى الاصفرار يحمل الفئات الثلاث المدرجة أعلاه. تتألف البلازما من الماء والأملاح، وهي غنية بالبروتينات (الزلال أو الألبومين) والأجسام المضادة التي تقضي على الأمراض. كذلك، تحتوي بلازما الدم على عوامل مخثرة.

وظائفه
يوزع الدم الأوكسيجين والعناصر المغذية الضرورية لاستمرار الحياة على الأنسجة في الجسم. كذلك، يساهم في التخلص من الفضلات، وتعود حركته إلى القلب، ويُعتبر مروره بالرئتين أساسياً فهناك يتخلص من الفضلات التي يحملها ويتزود بالأوكسيجين قبل انطلاقه في رحلته الطويلة، عابراً الأوعية الدموية كافة.

خلال دورته هذه، يحمل معه السموم والفضلات التي ينقلها إلى الكبد والكليتين والأمعاء بغية التخلص منها. كذلك، يؤدي الدم دوراً حيوياً في الدفاع عن الجسم، إذ ينقل الكريات البيضاء إلى المواضع التي تعاني الأخماج.

تتراوح كمية الدم في الجسم بين أربعة إلى ستة ليترات. عندما نُصاب بجرح بسيط، تتدخل الصفيحات لتوقف النزف بحمل الدم على التحثر. لكن قد يكون الأذى الذي نتعرض له أحياناً بالغاً، ما يؤدي إلى نزيف كبير داخلي أو خارجي.

فئاته
-------
تختلف فئات الدم باختلاف الأفراد بناء على المستضدات (antigène) المتوافرة على الكريات الحمراء. للدم فئات أربع هي: A, B، AB، وO. لذلك، لا يمكن نقل الدم إلى مصاب إلا من شخص يملك فئة الدم ذاتها، لأن لكل فئة خصائصها ومميزاتها. نُلاحظ على الصعيد العالمي بعض الخصائص المتعلقة بالدم عند شعوب محددة، فتكثر بين الآسيويين فئة الدم B. أما الإسكيمو وهنود أميركا الجنوبية الأصليون فينتمون جميعاً إلى فئة الدم O.

عامل الريزوس
--------------------
يملك عدد كبير من الناس مستضد الريزوس (أو عامل البندر أو الريصي Rhesus Factor)، في حين يخلو دم الآخرين من هذا العامل. لذلك، من الضروري معرفة ما إذا كان هذا العامل متوافراً في دمك قبل أن يُنقل إليك الدم. أُكتشف عامل الريزوس حديثاً في عام 1940 خلال دراسة أجريت على قرد البندر، فقد نجحت هذه الدراسة في إثبات وجود الجسم المضاد D. تُعتبر الفئات الأكثر ندرة في العالم هي الفئات التي لا تملك عامل الريزوس في دمها. أما الأقل انتشاراً بين فئات الدم عموماً فهي AB+.

اختلاف وتلاؤم
-------------------
• تملك الفئة A مستضد A ومضادات أجسام B.
• تلك الفئة B مستضد B ومضادات أجسام A.
• تملك الفئة AB مستضد A
وB من دون أي أجسام مضادة.
• لا تملك الفئة O أي مستضد، إلا أنها تتمتع بمضادات أجسام A وB.


وقعت حوادث مأساوية كثيرة خلال عمليات نقل الدم، قبل اكتشاف الأسس الصحيحة التي ينبغي اتباعها ووضع قواعد تنظم نقل الدم. قبل البدء بعملية نقل الدم، لا بد من التحقق أولاً من الدم المتبرع. تفحص عادة الكريات الحمراء في دم الواهب، لأن الاختلافات على مستوى البلازما لا تُسبب مشكلة. لكن من الضروري التحقق من المستضدات A وB.

في نظام ABO، يمكن إجراء عمليات نقل دم على النحو الآتي:
---------------------------------------------------------------------------
• لا يمكن إعطاء مَن لا يملك عامل الريزوس دماً يحتوي على هذا العامل.
• يمكن إعطاء مَن يملك عامل الريزوس دماً لا يحتوي على هذا العامل.
• تُدعى الفئة O المعطي العام لأن صاحبها يستطيع التبرع بالدم لسائر الفئات، إلا أنه لا يستقبل إلا دماً من فئة O.
• يمكن نقل دم من فئة A إلى فئتي الدم A وAB.
• يمكن نقل الدم من فئة B إلى فئتي الدم B وAB.
• تُدعى فئة الدم AB المستقبل العام.


نساء لا يملكن عامل الريزوس
------------------------------------

يحدث أحياناً أن هؤلاء النساء يحملن جنيناً يحتوي دمه على عامل الريزوس، ما يسبب مشكلة. خلال الحمل الأول، قلما تكون هذه المشكلة خطيرة لأن المرأة لم تتعرض للمستضد D، لكن إن طورت الأم أجساماً مضادة لفئة دم الجنين، تتخطى هذه الأجسام حاجز المشيمة وتهاجم كريات الدم الحمراء لدى الجنين.

تختلف تداعيات هذه المشكلة على الجنين باختلاف الحالة، فقد يعاني عند الولادة من اليرقان. لكنه قد يُصاب أيضاً بفقر دم حاد، ما يستدعي نقل دم فوري. كذلك، قد يموت الجنين في الرحم، مع أن هذه الحالة باتت نادرة اليوم، إذ صار بإمكان الطبيب أن يتخذ خطوات احتياطية، حاقناً الأمّ بأجسام مضادة للمستضد D عند الوضع. إذاً، من المهم أن تعرف المرأة الحامل فئة دمها.

شروط ضرورية
----------------------
كي تتمكن من وهب الدم الكامل، يجب أن يتراوح عمرك بين 18 و70 سنة. أما إن أردت التبرع بالبلازما أو الصفيحات فحسب، فيلزم أن يكون عمرك بين 18 و65 سنة. ينبغي ألا يقل وزنك عن 50 كيلوغراماً. لعل الشرط الأهم أن تكون في صحة جيدة، ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن على المتبرع أن ينتظر مدة أسبوعين قبل وهب الدم، إن كان قد تناول مضادات حيوية أو أصيب بالتهاب معوي.

لا تتبرع بالدم في الحالات التالية:
----------------------------------------
• تعب كبير، فقر دم.
• مصاب بداء السكري وتناول الأنسولين.
• الصرع.
• امرأة حامل أو لم يمضِ على الوضع أكثر من ستة أشهر.
• مصاب بمرض ينتقل بالدم (الإيدز، التهاب الكبد…).
• مَن نُقل إليه دم أو خضع لجراحة زرع عضو.
• الإصابة بالسرطان، وفي حال لم يمر على الشفاء أكثر من عشر سنوات.


كذلك، ينبغي أن يمر أسبوع على تنظيف الأسنان عند الطبيب قبل التبرع بالدم. أما إن كنت قد حظيت بوشم أو ثقبت أحد أعضاء جسمك أو خضعت لجراحة أو سافرت إلى بلد تنتشر فيه الملاريا، فينبغي أن يمر أربعة أشهر على الأقل.

تدوم عملية التبرع 10 دقائق ولا تسبب أي ألم. يمكن للرجل التبرع بالدم ست مرات في السنة والمرأة أربع مرات، شرط أن تفصل بين كل عمليتي تبرع ما لا يقل عن ثمانية أسابيع. كذلك، تستطيع التبرع بالصفيحات مرة كل شهر، شرط ألا تقل المدة الفاصلة بين كل عمليتي تبرع عن أربعة أسابيع. أما البلازما، فيمكن التبرع بها 24 مرة في السنة على ألا تقل المدة الفاصلة عن أسبوعين. في حالة الرجال الذي تخطو الستين، يجب ألا تقل المدة الفاصلة عن ثمانية أسابيع، مهما كان نوع عملية التبرع.


مَن يحتاج إلى نقل دم؟

• مَن يتعرض لحوادث أو جروح تؤدي إلى نزيف خطير. يتطلب فقدان كميات كبيرة من الدم نقل دم عاجلاً.
• قد يتطلب بعض الجراحات نقل دم، مثل الجراحات الخطيرة التي تدوم ساعات أو بعض عمليات الولادة.
• مَن يخضع لعلاج كيماوي بسبب نقص في الصفيحات.
• مَن يعاني مرض الناعور الذي يفقد الدم قدرته على التخثر.
• بعض الأمراض مثل فقر الدم يتطلب أحياناً نقل دم.
• الإصابة بحروق بالغة تُعالح أحياناً بنقل البلازما.