يحاول مستر جوردمان تهدئتها قائلا : " كيت حبيبتي و ماذا تريد ان افعله من أجلك ؟ "
ردت عليها بكل براءة : " أريد العودة الى الجامعة يا أبت "
أصابه الاستغراب فقال لها : " الم تقولي بأنك لا تريدي العودة مرة أخرى "
صرخت في وجه بنفس صوت الأجش : " نعم قلت هذا ايها اللوطي اللعين "
ابتعد جوردمان بسرعة خوفا من الموقف بينما الأم واقفة بجواره و خائفة هي أيضا
ثم اضاف : " حسنا حسنا " و امسك يد زوجته و قال : " تعالي معي "
لقد اتصلت بطبيب اعرفه يدعى مايكل و هو طبيب نفسي محنك و له تجارب جما
جاء إلي و أخبرته بحالة ابنتي , و وعدني بأنه سيفعل قصارى جهده و يجب عليه ان ينقلها الى المستشفى و لكن عليه فحصها أولا . .
دخل غرفته و أغلق على نفسه الباب , ولا اعلم ماذا حدث بينهم لمدة ثلاث ساعات متواصلة سوى همسات لا أستطيع فهم شي حتى سمعنا صوت صراخ ابنتي "
- " هل هو صوت استغاثة ؟ "
- " نعم , و لكننا عندما دخلنا الغرفة وجدناه قد قتل بسبب لدغة ثعبان شرس اسود اللون "
رد نولان باندهاش : " ثعبان ... من أين أتى "
حرك يداه عن استغراب : " لا اعلم ربما جاء من النافذة او ...."
- " او الروح الشريرة التي تسكن ابنتك هي من ....... "
بغضب : " من فضلك "
- " حسنا , هل سألتها كيف حدث هذا " ؟
نظر الى الأرض ثم أعاد نظره إليه و قال : " بلى "
دخل السيد جوردمان غرفة ابنته بينما كيت تصرخ بشدة بصوت أنثوي بريء و تحاول ان تختبئ خائفة , فرأى ثعبان طوله يتعدى خمسون سنتيمتر يحوم في أرجاء الغرفة ببطء بينما الطبيب مستلقي على الأرض فاقدا للوعي نظر الى كيت و قال : " كيت ماذا حدث ؟ "
ردت بخشوع شديد بينما عيناها لا تتوقف عن ذرف الدموع : " لا يا اعلم يا أبي ولكن رأيت فجأة هذا الثعبان هنا و قد لدغ الطبيب "
نولان : " لا هذا غير معقول "
رد جوردمان : " بل معقول , و بل هناك ما أدها وأمر و بغض النظر بأنه لم يصرخ وقت لدغه و لكن عندما سألتها بدون ذكر اسمها ماذا تعتقد قالت لي ؟؟ "
حاول مستر جوردمان اخذ هذا الثعبان بعيدا كي لا يتأذى شخص آخر فأخذه بواسطة قفاز و وضعه في كيس بلاستيكي و احكمه جيدا و تخلص منه كي لا يعود ثم لجأ الى كيت مجددا و قال و هو يتوقع ماذا سوف يحدث له : " من الذي قتله ؟ "
سرعان ما صرخت في وجه بشدة و بصوت عالي و أجش : " انا "
أفزعه طريقة كلامها و اختلت الموازين به و أصبح يشعر و كأنه أمام قاتل قد يقتله في أي وقت
بعدما استقرت حالته قال لها : " كيف "
نولان : " كيف ؟ "
نظر مستر جوردمان الى الأرض : " كان سؤال سيئ "
ثم رفع رأسه و قال : " لا اعلم ماذا حدث لها عندما قلت لها تلك الجملة اذ بها تقول كلام غير مفهوم و بسرعة شديد و تعيد كرته مرة أخرى ولا افهم كلمة واحدة و لا ظن بأنها كانت تتحدث الإنجليزية أبدا "
- " قد تكون عبرية , حسنا و ماذا فعلت بعدها "
- " لا شي سوا صفعتها على وجهها بقوة فوقعت على الأرض و فقدت الوعي "
- " و ماذا حدث بعد ذلك "
- " فنامت من اثر إعيائها لأكثر من خمس ساعات و لكن فجأة استيقظت عند المساء تصرخ و تقول أبي أبي , دخلت غرفتها فوجدتها جالسة أمام الحائط في وضع الركوع و في فمها حشرات صغيرة و وجهها ازرق و شرايينها متصلبة و عينيها حمر كذلك و تصرخ و تقول بصوت أجش : " ايها اللوطي اللعين " و كررت ذلك فحاولت مساعدتها و لكنها ضربتني بشدة , فقرأت لها بعض النصوص من الكتاب المقدس حتى هدئت و سقطت بسبب تعبها فحاولت ان امددها على سريرها كي تنام مرة أخرى .. . و لكنها لم تستطيع ان تنام , ثم اتصلت بطبيب كي يرى حالتها و لكنها قتلها "
نولان : " كيف "
- " لقد أعطاها كمية كبيرة من فينوباربيتون مما سبب لها قيئ شديد اثنا نومها و من ثم انخفاض في مستوى ضغط الدم .... فماتت دون ان نشعر بها "
- " و الطبيب "
- " الطبيب , للأسف لقد اثبت الجميع انها حالة صرع و قد ماتت بسبب تلك التشنجات اللاإرادية كما أخبرتك من قبل "
رد نولان باستغراب : " حسنا و لكن ما سبب بأنها تكرر .. ايها اللوطي اللعين باستمرار هكذا "
- " اخبرني أنت "
- " أود ان أخبرك و لكن هل ستصدقني ؟ "
أشار سيد جوردمان كأنه يقول تفضل
فأضاف نولان : " انها الأرواح التي بداخلها هي التي تلقمها , ابنتك ليست مجنونة بل هي ببساطة استجابة لأوامر هذه الأرواح لانها ضعيفة فلم تستطيع ان تردعهم , صدقني هذه الأرواح حقيقة و إن كنا لا نراها , فهي موجودة سواء اعترفنا بها ام لا "
بعد مرور أسبوع من هذه المقابلة نشر مقال في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان " جسد بثلاث أرواح مع جون نولان " يحكي قصة عائلة مستر جوردمان كما اخبره إياها دون زيادة او نقصان , و لكنه أضاف مقدمة في بداية المقال يصف رأيه الشخصي بهذه الحادثة بقوله : " من المحتمل بأن لا تصدق هذه القصة , و لكنها واقعية حدثت لعائلة رأيتها مصادفة في إحدى المقابر , ثلاث أرواح سكنت جسد تلك الفتاة , فتاة نشيطة مجتهدة قد تكون ابنتك او قريبة منك , و لم يكن بمحض إرادتها , حدث لها الأمر فجأة دون سابق إنذار , كل ما في الأمر فتاة دخلت جامعة في نيويورك متأملة و تريد ان تأخذ الجميع في أحضانها و لكن حدث لها ما حدث , و لكنها لم تمت ميتة طبيعية بل قتلت على يد طبيب و يجب القصاص منه , ني ني ... و ابويو ... و هي "
أغلق سيد جوردمان الصحيفة و نظر الى الحديقة التي أمامه و قال : " ارقدي بسلام . . .. . . "
تمت بعون الله
كتبت بواسطة محمود غسان
2/3/2011





رد مع اقتباس
المفضلات