ثم أهملني و أخذ يداعب حفيده بعدما شعرت بأن كل أمالي ضاعت و ما حدث لي كان أشبه بمغامرة ليست لها أهمية و نهايتها كانت سريعة جدا ...

ولكني جامدا لا أتحرك و عيني لا تكاد ان تكف عن النظر الى الطفل
فالتف إلي و صرخ : " هيا .. ماذا تنتظر "
و لكني لم أتحرك فطلب من حراسه ان يقوموا بطردي من المكتب مع ضربي اذا لزم الأمر ,
لم أنسى هذا اليوم , كنت اشعر بالألم في جميع أجزاء جسدي , بعدما طرداني في الشارع بهذا الصورة ,
و بينما انا جالس في الطرقات نظرت الى غرفة المكتب من خلال النافذة فرأيت خيال لهذا الجد و معه الرضيع و يداعبه بيده , فاستعدت رابطة جأشي و مسحت الأتربة من على ملابسي و ذهبت إلى بيت ساندرا فاستقبلني استقبال هادئ و سردت لها ما حدث لي . . . .

جلست بجواري و حاولت تهدئتي بقولها : " لقد أخبرتك بأنها مخاطرة "
- " الحق معكي , انا نادم على ذلك "
- " و ما التالي ؟ "
- " سوف اقتحم بيت مايكل والترز , و اخطف الطفل منه ... "
فقاطعتني : " مهلا مهلا .... و أنت "
- " ربما اقتل , او اسجن و لكن أنتي مهمتك الاعتناء بالطفل الى أن يكبر"
- " لا لا ماذا تقول , هذا خطأ , و على كل حال لا يحق لك بأن تحرم جد من حفيده "
فصرخت و قلت : " و لكنه قاتل , قتل ابنه و زوجة ابنه "
- " تشاد , لا لا , يجب ان تذهب الى الشرطة ....... "
و قبل ان تكمل حديثها : " لا لن يصدقنا احد .... نشر في الصحيفة بأننا قتلنا عائلة و خطفا طفلا , و ... "
- " لا يوجد دلائل على ذلك , ربما مجرد اتهامات "
- " تعالي معي "
- " الى اين ؟ "
- " الى كارديف "

********************
عندما وصلنا الى كادريف عبر القطار كانت الساعة حوالي الثانية عشر ظهرا , و اول خطوة قمنا بها زيارة مسرح الجريمة أي المنزل الذي حدثت فيه الجريمة ..

وقفت أمام المنزل و ساندرا بجواري فقلت لها : " هذا هو البيت , هذا هو "
- " نعم و لكنه هناك أشارات تمنع دخول المدنيين "
نظرت إليها و قلت : " حسنا ابقي أنتي هنا حتى يأذن لكي بالدخول "
و تركتها و مضيت سيري حتى لحقت بي و هي متعلقة بزراعي خوفا من المكان .

صعدت الى غرفة المكتب و لبست قفاز جلدي و أخذت أتفحص الأوراق بين الأدراج فوقع بصري على ظرف مكتوب على غلافه " خاص " فتناولته بحرص و قرأت ما بداخله بينما ساندرا تتجول في غرفة المكتب فقلت لها بصوت عالي : " لا تلمسي شياء هنا "
فردت و قالت : " حسنا "

" أصغ إلي جيدا, في خلال يومان إذا لم تهجر تلك الرخيصة و تأتي و تعيش معي أنت و ابنك سوف ترى ما هو غير سار لك "


مرسل من مايكل والترز , سان ديغو – كاليفورنيا

فقلت لها : " هذا تهديد مباشر "
فاقتربت مني بشغف لمعرفة ما هو مكتوب , التقطته مني بسرعة , وجدت صورة على المكتب تحمل الأب و الأم و الطفل بين أحضانهم , فأخذت هذا الظرف و الصورة و انطلقت إلي بيتي الذي يبتعد ميل واحد على الأقل , و عندما استقرت حالتنا وجهت إلي سؤال منطقي : " ما التالي ؟ "
نظرت إليها في يأس : " لقد اتصلت بمحقق كنت اعرفه , و هو قادم الآن "
- " و هل تثق به ؟ "
- " نعم "
لم يمض على حديثتا لحظات حتى جاء المحقق جوني الذي اشتهر دائما بالقبض علي في فرنسا و عندما قررت الابتعاد عن الأعمال السيئة وصل جوني الى كارديف منذ أعوام قليلة و يعرف شديد المعرفة بأني ابتعد عن المشاكل و إيذاء الآخرين و اتجهت لإنشاء حياة سليمة ..
ً
- " المحقق جوني تفضل "
دخل جوني بهدوء و خلع معطفه و جلس أمامي بينما ساندرا اختفت من هذا الحديث

فشرحت له القصة فقال لي : " هذا الخطاب لن يكون دليل لإدانة هذا الرجل , انه مجرد تهديد , سوف استدعيه للتحقيق و لكن لم نستفيد لأنه بالطبع سوف ينفي وجوده لان كما قلت بأن رجال هم من قاموا بتلك الجريمة "

- " اسمع جيدا يا أيها المحقق جوني , انا أريد معاقبة هذا الرجل بتهمة القتل , ولا أريد ان يربى الطفل معه , انا لم أجد أي أوراق او مستندات او حتى جوازات مرور في مكتبه , من فضلك .. "

- " لا اعلم ليس لدي طريقة حاليا , و غير ذلك تم القبض على من فعل تلك الفعلة بهذه العائلة و اعترف "
فقلت له بيأس : " و القضية أغلقت "
- " بلى "
- " انا أسف لا أستطيع مساعدتك "

شعرت بأن لا أمل لي في ذلك لذلك قررت خطف الطفل ,,,
لذلك سافرنا انا و ساندرا الى لندن مرة آخرى و طلبت منها ان تبقي في بيتها و تمارس حياتها بشكل عادي جدا , استأجرت غرفة صغيرة بالقرب من منزل مايكل والترز و أصبحت أراقب جميع تحركات ذلك الرجل منذ ان يستيقظ من نومه الى ان يذهب الى فراشه و تم ذلك على مدار شهرا كاملا .

حتى سنحت لي الفرصة , فهو كل يوم ثلاثاء عند الظهيرة يتواجد في حديقة مع الرضيع بدون حراسة .

فذهبت الى قصرها الصغير و قد مضى شهرا دون ان أراها , فعرضت عليها الزواج , عندما سمعت تلك الكلمات مني ذهلت و لم تستطيع الإجابة بنعم او لا ...

- " ساندرا اريد مساعدتك , سوف أقوم بخطف الطفل من جده و أريده يبقى معكي و يربى معكي و أريد عندما يكبر يناديك بأمي "
أزرفت بعض الدموع من عيناها و لم تستطيع ان تتكلم او إضافة عبارة أخرى , فقلت لها :
" لا تقلقي لن أبقى في السجن طويلا "

و عندما هممت للخروج أمسك يداي و الدموع تتساقط على وجنتيها و قالت : " إلى أين "
- " تعالي معي كي أتزوجك و سوف اقضي الليلة معكي و غدا سوف أنفذ ما أريده "

تزوجت ساندرا و قضيت الليل بأكمله برفقتها و ها هو يوم الثلاثاء , استيقظت عند الساعة العاشرة صباحا و قمت بتجهيز العدة ثم انطلقنا بسيارتها حيث أستطيع رؤية مايكل و الطفل سويا , ثم التفتت إليها و أعطيتها مفتاحا و قلت لها : " ساندرا هذا مفتاح بيتي في كارديف , خذي الطفل إلى هناك و اعتني به جيدا و لا تدعي كائن حي ان يقترب منه "
- " حسنا "
- " اتصلي بهذا الرقم كما أخبرتك و حاولي بقدر المستطاع ان تتحدثي معه الى ان انهي ما أريده "

نزلت من السيارة و ارتديت قبعة كي تخفي معالم وجهي , و اقتربت من مايكل و جلست بجواره في الحديقة , حتى جاءه اتصال من ساندرا كما طلبت منها و بكل هدوء أبعد الرضيع جانبا و قام بالرد على هاتفه و كذلك أصبحت الفرصة للخطف اكبر بكثير , أمددت يدي نحوه بهدوء و التقطته بسرعة و ركضت نحو السيارة بينما قامت ساندرا بفتح باب السيارة كي اركب و لكني لم استطع ...

شعرت بطلق نار أصاب كتفي و ساقي مما سقطت على الأرض و لكن لحسن الحظ التقطت ساندرا الطفل و انطلقت به بسرعة البرق , بينما انا وقعت بين يدي حراسة ذلك المعتوه و ابرحوني ضربا حتى فقدت الوعي تماما و لم اعد قادر على التميز اذا كنت على قيد الحياة ام لا , طاقم الحراسة لم يكن في الحسبان , لان يوم الثلاثاء تبقى الحراسة بعيدا عن مايكل والترز تماما كي يقضي وقتا ممتعا مع حفيده . . . .

تم إلقاء القبض علي و تسليمي الى شرطة المدينة بتهمة الخطف , و تم الحكم علي بـخمس سنوات أو إلى ان اعترف بمأوي الطفل .

مضى ثلاث سنوات دون ان يصلني أي أخبار عن ساندرا و ماذا حدث بها و لكني متأكد بأنها بخير , لان من الحين الى الأخر يرسل مايكل والترز أشخاص من طرفه ليعرض علي مبلغ من المال مقابل الطفل و في كل مرة كنت ارفض هذا العرض الرخيص ...
و في يوم جاءت ساندرا تطلب زيارتي و عندها فقط شعرت أن الثلاث سنوات السابقة مضت و كأنها ثلاث أيام فقط لاني رأيتها أمامي , سافرت ساندرا و الطفل الى أهلها في فريزنو و بقى الطفل معهم بينما جاءت ساندرا الى لندن للاطمئنان علي و حينها فقط شعرت بأني أتممت الرسالة التي كلفت نفسي بها . .

بعد ذلك بشهور كان ضيفنا التالي هو مايكل والترز بتهمة القتل العمد لأبنه و زوجة ابنه , فأنا لا اعلم ما هي الدلائل الجديدة و لكن ها هنا لقد اتى لزيارتنا مدى الحياة . . .
دارت بيننا أحاديث كثيرة جدا جدا جدا و جميعها كانت تنتهي بمشاجرة , و في ذات مرة سألته : " ما اسمه "

- " من "
- " الطفل ؟"

من شدة قسوته لم يخبرني بذلك خشيا بأننا قد نرثه بعد موته و لكن هذا لم يكن في نيتي أبدا , كل ما في الأمر ان أريد تسمية الطفل كما سماه أباه و امه .. . .

و مع ذلك و مع قسوة قلبه كنت انا أفضل منه دائما , فطلبت من ساندرا ان تسمح لجده ان يرى حفيده قد لا يراه مرة أخرى , فوافقت ساندرا و تقبلت الأمر بصدر رحب . . .

بعد شهور قتل مايكل والترز شنقا في سجنه و لكن ألصقت التهمة بي بدون شك , فرفع القاضي الحكم الى عشرون عاما . . . .

و قبل ان يتم الإفراج عني قمت بكتابة تلك الأحداث في كتيب صغير احمر اللون , و عندما خرجت من السجن عن عمر ينهاز الخمسة و خمسون عاما كان تومي قد كبر مع أمه و أصبح شابا يافعا و قد اقترب على إنهاء دراسته الثانوية و قرر دخول كلية الطب في لندن ..


فإذا كنت تقرأ الآن , فهذه قصة حياتك و هذا ما حدث و انا لم اقتل جدك كما ادعى الآخرون و أريد منك ان تعذرني لأني لم أمنحك الاسم الحقيقي الذي تستحقه كي تتصرف في أموال جدك كما تريد لأني لم اعرفه , و لكن يؤسفني حقا و كنت قد أتمنى ان أكون لك الأب الذي عندما تريده تجده , و لكن مضيت قرابة عشرون عاما في السجن و ثلاثة خارجه فلم أستطيع ان أكون الأب الذي يرعى ابنه . . .

تشاد جورين , ,,,,, ))

و هنا أغلق الكتيب و وضعه أمامه على المكتب و أخرج صورة عائلية تجمعهم هما الثلاثة و لكن عندما كان تومي شابا فقال : " انك أب عظيم أشكرك على ما فعلته لأجلي لا أريد مالا و لكني أريد عائلة عظيمة "

و هنا دخلت سيدة و هي زوجته و جلست أمامه و قالت : " عندما دخلت لم تخرج منذ ثلاث ساعات "
فنظر إليها و قال : " لا شيء كنت أقراء قصة و تأثرت بها و كأني احد إبطالها "
و لكنها لم تبالي فقالت : " حسنا أريد منك 500 جنية لشراء بعض احتياجات المنزل "
ارتبك في بادئ الأمر لأنه في الطبقة اقل قليلا من الطبقة المتوسطة فقال : " حسنا .. حسنا "

تمت بعون الله
21/3/2011
كتب بواسطة محمود غسان