الفصل الثالث ................................
وفهيمه رايحه المطبخ بتغسل وجهها وبتعدل وضعه.. ام عبدالله في بالها:
ــ الله يهديش يابتي .. سبحان اللي خلق وفرق فاطمه هاديه ومستحيه والقطوه تاكل عشاها.. وفهيمه ام لسانين اللي الدبانه مايمديها تطوف صوب ها حتى ... لا اله الا الله.. يالله تهديكم يابناتي و تحفظ عليكم...
الا تسمع هدرة فهيمه في المطبخ على ولدها .. وشوي تطلع على باب المطبخ وهي ماسكه راسها وبيغمى عليها :
ــ آآآه .. بموت.. بيجلطني هالولد.. لحقو علي ...
وصارت تصيح.. هالصرخه خلاص وقفت قلب ام عبدالله وراحت تركض ليها:
ــ ويش صااااير ويش فييييش !
فهيمه تشيل ايدها من على وجهها وحالتها حاله:
ــ شنو اسوي يمه وياه.. تعبت منه .. شالحل؟؟
ام عبدالله:
ــ بعده يقول كلام مو زين ؟ ويش فيه..
فهيمه تضرب خدودها:
ــ اهو عالكلام اللي موسنع .. اهو عالحركات الشيطانه.. أوصلت فيه الحاله ذبح واحد من فريخاتكم..
ام عبدالله طقت صدرها:
ــ هااا..
ودخلت المطبخ... وانذهلت من اللي شافته خلاص حست شوي وبيغمى عليها..
فيصل جالس على ركبه ومقابل كتكوت اخذه من صندقة الدجاج حقتهم... وبسكين ينخز فيه والكتكوت خلاص منذبح ومسدوح والدم يشخل من جسمه..
ام عبدالله حاولت تاخذ السكين منه بس مو راضي .. كان يضرب في الكتكوت وهو يضحك..!
خلاص دار راسها وشوي بتصيح .. وفهيمه عاطتنهم ظهرها على باب المطبخ بالكشه المنشوره والوجه المعتفس بعد شبقتها مع المرأه وتجي تشوف حالة ولدها و الجرم اللي مسوينه.. خلاص ماليها قوه... وهو مو راضي يتنازل ويحط السكين وخايفين لا يصرخو عليه ويرتكب جريمه اعظم!!
ام عبدالله صارت تحاول فيه بالكلام الطيب:
ــ فيصل .. حبيبي .. لويه كذا..؟ جيب السكين يمه...
فهيمه استدارت وتمالكت نفسها وقعدت جنب امها:
ــ يمه .. فيصل .. مايصير شذيه تسوي.. ذبحت الكتكوت الله مايرضى...
ام عبدالله:
ــ بتروح النار ياولدي .. جيب السكين عاد جيبها.... بعدين ماحد يحبك .. ترضى تصير مجرم...
فيصل تغيرت ملامح وجهه من المتبسم المتلذذ باللي كان يسويه الى ملامح مقهور ومعصب والدموع محتقنه في عيونه...
وقف نخز وصار يهز الى الأمام والخلف بحركه بطيئه بعدين زادت الحركه بشكل اسرع..
وفهيمه تحاول تهديه وتمسكه..و شوي يرمي السكين على جنب ويصرخ فيهم:
ــ ما احبكم انا... يااا ×××× ياااا××××× يااااا ×××××
هالكلمات البذيئه اللي طلعت من فيصل .. كانو متعودين عليها... من العام الماضي لاحظو عليه ان يرمي كلام مو زين
وانه اذا هدأ وسألوه عنها ليش يقول هالكلام ينكر و يكذب ويقول انه ماقال ولا شي !
هالكلام امه حاولت هي وابوه قدر الأمكان يخلوه يتركه... لكنه العكس من دخل 5 سنوات وصار يروح للمعلمه أم علوي و يطلع ويلعب مع صبيان الفريق ويخالطهم وهو كل يومين يجيب كلمه شكل .. واحيانا كلمات غير مفهومه بس للتعبير عن غضبه من أي شي !
مافكرو امه وابوه ياخذوه مستشفى.. ظانين انه يقلد اللي حوالينه وطفل يحفظ أي شي يسمعه ويكرره بلا وعي...
كانو يتخذو وياه اسلوب العقاب واحيانا الضرب اذا زودها بالكلام... واللي يقهرهم زياده انكاره بعد فتره انه قاله من الأصل ..
مسكت ام عبدالله بنتها المنهاره بعد هالمشهد الأليم من ولدها.. حضنتها ... كانت فهيمه شابحه بعيونها وتفكر ..
ــ شنو فيه ولدي بالضبط؟؟؟ وليش هالتصرفات تطلع منه... شنو اللي يخليه يقتل كائن حي بهالطريقه... شللي شافه واثر فيه !؟
افكار وتساؤلات كانت تدور في بال فهيمه... اللي قومتها امها ووقفت وياها عالمغسله وصارت تغسل وجهها.. مع كل غسله تسمي عليها بالرحمن وتدعي لفيصل بالهدايه... وفهيمه ماتملك ساعتها الا الدموع اللي تتناثر ...
قطع عليهم هالوضع صوت علي ولد حسن الكبير.. داخل الحوش:
ــ يـــــالله يــــــالله
وهو حامل شنطة ثيابه واغراضه راجع من كلية البترول والمعادن... ( جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ) .. كان هذا اسمها في تلك السنوات .. واللي تأسست في عهد الملك فيصل عام 1384هـ - 1965 م ...
كان فخر لأهل ديرته بشكل لا يوصف خصوصا انه من اوائل المنتسبين لهالجامعه بالنسبه لسنة تأسيسها .. ولأنها في الظهران.. في مكان يعتبر بعيد جدا في ذلك الوقت لقلة السياقه وقلة من يمتلك سيارات ... كان علي مضطر انه يسكن بسكن الجامعه وماينزل الى اهله الا كل كم اسبوع واحيانا بالأشهر .... حسب جدوله واختباراته...
شاف فيصل قدامه كان جالس على عتبه احد الغرف ماسك عصاه ويرسم فيها على الأرض ...
علي :
ــ هااا فصووول ويش حااالك؟؟؟
فيصل بنفس خايسه نسبيا:
ــ زين >_>
علي مستغرب : ــ بل !! o_O
الا بطلعة ام عبدالله..
ــ هلا امي .. هلا بعد ابوي .. هلا ياغناتي ويامرحبا
ويبوس علي راس ام عبدالله:
ــ هلا اماه... قواش الله >> علي يعتبر ام عبدالله حسبة جدته بما انها عمة ابوه ... وهي تعامله كحفيد ليها..
ــ الله يقويك بالعافيه.. ها خلصت اختباراتك اخيرا..
ــ اييييه مابغيت ... قولي يارب انجح واجيب معدل عالي واتخرج وارفع راسكم
ــ رافع راسنا ياعيني جعل ربي ما ينزل لك قدر ولا شان ..الله يوفقك وينجحك ويوظفك ونفرح فيك ونزوجك ونشوف ولادك وولاد ولادك ياكريم
ــ هههههههه على هونش علي اماه .. شوي شوي .. كل ديلا مره وحده..
ــ يـــــــــالله... ياولدي بارك لعمك حسين جابو له بشرى..
علي بفرح :
ــ صحييييييييييح ... الحمدلله عالسلااااامه... قرة الأعين ... وين هوو عمي ؟؟
ــ جاب فهيمه وطلع .. مادري هو راح العمل لو محل فاني الله العالم....
ــ اباشوف الجاهله.. هذي القمره اختنا الصغيره.. ياسلاااام مابغينا نشم ريحة بنات عندنا
ــ هههههه بعدها ياولدي تشونه ما ينطلع فيها كل محل... تعال بس قول يالله ,, وادخل..
ودخل علي الغرفه بيشوف الصغيره.. وفهيمه بالمطبخ تحاول تزيل جريمة ولدها وهي متحمله الألم اللي داخلها..وللحين من وصلت ماشافت اختها ...غير البلاوي تطلع من حاجه وتدخل في حاجه ....!
قامت بعدها و حاولت قد ماتقدر تمسح تعابير الحزن الواضحين في ملامحها واستجمعت قواها ودخلت على اختها بالضحكه والفرحه والتهاليل وكأن شيئا لم يكن...
ــ افتح البااااب..... افتح الباااااب ...
بشير يطق طق عنيف على باب غرفه.. ويكرر الأمر.. افتح الباب.. الى ان وصل من درجة التكرار اختفى صوته وماعاد يسمع نفسه..
يحاول يصرخ بس خلاص الصوت مايطلع
...
ويقعد من نومه مفزوع .. والعرق منه يصب ... يحاول يتكلم بس مو قادر... الكلام مايطلع....
من بعد ما صارت حادثة حليمه.. وبشير ماهو بشير الأولي ... مكتأب ومنعزل ماصار يتكلم ولا كلمه من الصدمه النفسيه اللي تعرض ليها...من 5 شهور.. صدمه ماحد يعرف تفاصيلها غير بشير و نذير و حليمه.. في هذيك الليله المشؤومه...
صار يتنفس بالسرعه ومع تنفسه اعتلى صوت الشهقات... ودموعه تنزل بلا شعور
انتبه باسم من النوم.. التفت له وبتعب:
ــ افففف .. كل ليله دي حالتك.. مادري متى الله بينعم علي بنومه هاديه..!؟
بشير خلاص يحس كبده حايمه.. قام يركض وطلع من الغرفه وعلى طول الحمام دخل وصار يرجّع...
في ذاك الوقت كانت امينه اللي انتحلت من فراق بنتها... واللي تدهورت حالتها الصحيه... لابسة احرامها تستعد لصلاة الفجر على سجادتها تدعي بالدموع الساكبات... و تنوح مع كل نفس :
ــ ياراد يوسف الى يعقوب من بعد الغياب .. ترد علي حليمه سالمه وتنجيها من كل شر.. يالله ترعاها وتحفظها بعينك اللي ماتنام..يالله نخيتك .. بمحمد بعلي بفاطمة بالحسن والحسين بالتسعة المعصومين تفك اسرها و تجبر بخاطرها و تفرح قلوبنا ياكريم...
وتسمع فجأه صوت بشير اللي يرجع في الحمام ويزيد عليها الألم والصياح:
ــ يالله تهدي هالولد وتفرج همه وتغير سوء حاله بحسن حال.....
الله اكبر الله اكبر......
ارتفع صوت الأذان ... وجلس النيام للصلاه....
في بيت ام علوي ...
ــ امي عيسى... بعد ابوي عيسى.. قوم امي اذن اذان الله...
عيسى منتهي حده مارجع الا نص الليل بعد ماخلص شغله تحميل في هالطابوق لبناء عماره في ديرتهم طول النهار .. وبعدها يساعد ابو بدر ( شهاب ) في تحميل اكياس الأسمنت و سحارات الخضار من الأرض الى العربات ونقلهم لأن ابو بدر ظهره مايقدر عالثقل الزايد يالله يقدر يشتغل في الزراعه بمساعدة الهندي ...
ايضا كان عيسى يسترزق من بعض الشغلات اليوميه المتفرقه اللي تجيه مثل تحميل عفش او نقله ...
فأبداً .... من التعب مو موتعي لصوت خالته ام علوي وهي تحاول تقعده من النوم...
ام علوي تتلمسه من شعره لين ظهره تمسح عليه .. بينما صوت شخيره كان عالي من التعب ,, وتبتسم بحزن:
ــ ياعساني ما انحرم منك.. وياعساك سالم .. بحق لا اله الا الله ورسوله ووليه .. يعطيك الصحه والعافيه ويعطيك على قد نيتك ...
صارت تدلك كتوفه وتحوس في شعره.. ما اخذت دقيقه الا قعد مع انتهاء الأذان وبتعب:
ــ ها اماه... اذن .؟
ــ ايه اذن يابعد ابوي ... قوم جعلك الله من المصلين..
طلع عيسى للحوش .. ذاك الحوش الصغير اللي تتوزع حوالينه 4 ابواب... مطبخ وحمام و غرفتين غرفه له وغرفه لخالته....
يمشي بنعاله اللي ذاب من كثر اللبس بتثاقل وتعب يتمغط ...يحاول يتنشط ...
وفجأه ينقطع ذاك النعال ويتعثر .. يتوازن لا يطيح... ويفصخ الطبقه ويرفعها... ( نعال ابو صبع انقطع صوب الصبع )
ويطالع فيه وهو عيونه نص مفتحه ونص مغمضه... ويتمتم بسخريه وضحكه:
ــ يبن اللذين.... توك ماخذت شهر من خذتك...!
ام علوي سمعته:
ــ ويشو ياولدي ...
عيسى يفلته على جنب ويحك في راسه وهو يتوجه لمغطس الماي اللي عبته له خالته بيتمسح..:
ــ هالنعال الأغبر..
ام علوي ابتسمت : ــ ويش بيدي عليك ياولدي.. هلكته من الدواره...والفراره..
عيسى بسخريه وضحكه:
ــ هههههه تصدقي لكن هالمنقطع طالع احلى من رجولي .. تقولي كنها حطبه محترقه.. اللي يشوفها مايصدق انها رجولي الحمدلله على كل حال
تضحك ام علوي وترفع ايدها للسما...:
ــ الحمدلله والشكر لله.. الهي يرزقك ويوسع عليك وينولك من افضاله ويفرحني فيك ويبلغني اغسل هالرجول في داك الصحين مع رجول ديك البنيه القمر ... الهي ياكريم ...
عيسى وهو جالس يغسل وجهه يضحك :
ــ يسمع منش ..
وفي باله: ــ آآآه ... اماه منهي دي اللي بتقبل فيني ...؟؟؟ لا شغله ثابته اكد من وراها مصروف شهر ... ولا تعليم اقدر من وراه الاقي وظيفه محترمه.!!
ويغرف كف الماي ويغسل وجهه :
ــ الحمدلله على كل حال... بسم الله.. اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم...







المفضلات