وفي بيت شهاب..
و الكل نيام...
بدر يجر خطواته على جدار حوشهم بعد ماترك العكازات على جنب..
يحاول يمشي بدونهم.. يتعثر في كل خطوه ويقوم ..
يحس بصعوبه ومع ذلك ماوده يتراجع...
شهاب.. كان يدري بولده و اللي يسويه في كل ليله.. وكان يراقبه من النافذه ومابيده حيله.. خايف يطلع له و يضايقه و مخلنه على راحته .. ينفس عن الألم اللي فيه ويحاول..
يعرفه .. ان كلمه مابيسمع كلامه في هالموضوع.. وهو اللي ما اقتنع بالعكازات الا بعد الحاح شديد...
سند شهاب راسه عالنافذه وصار يذكر بدر لما كان عمره 5 سنوات وكيف كان ملازمنه على طول و يساعده من صغره..
وكيف كان متشوق يكبر ويصير رجال ..
كيف كان مايرضى احد يسوي له شغل خاص فيه ومعتمد على نفسه بشكل كبير...
ويذكر وقت الحادثه وشلون تضرر ولده لما دخل للمحل وعلى باله انه داخل.. وهو طفل صغير مابيده حيله بس الفطره اللي فيه دفعته لمثل هالتصرف ...
تنهد شهاب تنهيده تمنى من قوتها لو كل الألم اللي بداخل قلبه على ولده يطلع... وفي باله:
ــ لازم ارجع رجولك زي ماكانت.. لو ادفع دم قلبي.. لو وين ماقالوا علاجك.. لازم اعالجك...
صوت صلاح شتت افكار شهاب اللي على طول من سمع صوته رجع وانسدح وتغطى لا تسأله زينب عن أي شي...
دقايق وقامت زينب .. شالت صلاح تهدي فيه لا يقعد رحمه و عن حساب لا يقعد شهاب..
وهي تهزه بين ذراعيها لينام.. توجهت للنافذه وكأنها تدري باللي بتشوفه.. وفعلا كانت تدري...
صار شهاب يطالعها .. وهي تراقب بدر و تحاول تكبت صوت صياحها مكتفيه بدموع ..
شوي شافها بتطلع من الغرفه للحوش .. قام بالسرعه ليها:
ــ زينب..
ومسك ايدها..
ــ لا تطلعي له.. خليه على راحته..
زينب تهمس بغصه:
ــ تعبت.. تعبت واني اشوفه كل ليله بهالحاله... ماينام زي لول ولا ياكل زي لول ولا حتى يسولف ولا يضحك زي لول ,, خايفه عليه.. بيموت ..
شهاب يضغط على ايد زينب..
ــ مابيموت.. الله وياه.. خليه يطلع اللي فيه.. تعرفيه ولدش .. اذا اصر على حاجه مايحب احد يساعده فيها ولا يضايقه فيها... خليه وانا لازم بعالجه...
قعدت زينب جنب شهاب والدموع تسيل:
ــ ويش بنسوي؟ مابيدنا حيله..
ــ بيدنا.. ورب العالمين يدبرها...
ــ شلون... علاجه قالوا الدكاتره مافيه الا في مصر خبيرين بهالعمليات .. يبغى لك تكلفة السفر فوق تكلفة العلاج.. مافينا شده... انت على هالدكان وهالزراعه واني على هالولادات و الرضاعات....و عايشين على الله ..
ــ بايبيعها...المزرعه.. بابيعها..
زينب نحيبها المخنوق يزيد:
ــ واذا بعتها .. من وين بتجيب بضاعه للدكان..
ــ با أأجره.. وبفلوس اجاره بنعيش.. والله يسهل .. انتين بس لا تبيني له ان احنا داريين باللي يسويه.. تعرفيه مايحب احد يحس فيه انه ضعيف لو مهزوم.. خليه بعزة نفسه لا تكسريها.. وان كنا امه و ابوه...
حزتها... ارتفع صوت الأذان وكان شهاب على ركبه... يحاول يقوم بدون مايتسند للجدار..
رفع راسه مع الصوت.. وصار يتأمل في السماء .. وعيونه مليانه حزن مكبوت...
ام علوي صحت من النوم .. وطلعت الحوش بتتمسح... في حين عيسى مانام طول الليل وكان هو الآخر مسند راسه بالحوش على احد جدران الغرف ..واللي التفت بعيون نظراتها منكسره و ابتسامه متألمه يطالع في خالته اللي كانت تلهج بذكر الله والصلاة على محمد وآله بعد ماطلعت من الحمام وتتمسح للصلاه.. وتتوجه لغرفته تطق الباب عليه بهداوه...
ــ امي.. عيسى... اذن اذان الله .. قوم ياعيني يعطيك الله الحِلم والعلم والهدايه ...
وبالمستشفى... هناك مكان ما ترقد امينه .في الأنعاش.. جهاز مراقبة القلب...
وتحولت التذبذبات مابين ارتفاعات وانخافاضات الى خط مستقيم يشير عدة نبضات .... الى توقف الحياه...
ورحيل امينه.. اللي كانت تتمنى تعيش يوم حلو في حياتها...
واللي ماخلفت لولادها غير الشقا والحظ ذاته..
مافرحت بزواج بنتها ولا قرة عينها بطلعتها من السجن
ما عاملها أي زوج بأحترام ولا أي واحد فيهم كانت نهايته وياها خير
مابلغت في ولادها و لا عرستهم .. مافرحت حتى بشهادة تخرجهم
ما غنت لرحمه أي اغنيه ولا لاعبتها مثل باقي الجدات..
رحلت يوم جمعه.. مع اذان الفجر... بهدوء.. بدون ما تودع أي احد...
الساعه 10 الصباح.. تلقوا بيت حسن وحسين بما انهم اللي نقلوها المستشفى مع عباس... اتصال من المستشفى ردت فاطمة على التلفون وانصعقت بالخبر .. رمت السماعه وارتمت على ركبها عالأرض ... جتها ام عبدالله وشافتها على هالحاله جلست جنبها وهي متصروعه:
ــ فاطمه ويش فيش..؟؟
الا تشوف فاطمه تهز و بذهول تكرر:
ــ خالتي امينه يايمه.. خالتي امينه...
مريم نزلت من غرفتها وقفت تطالعهم ماهي داريه ويش فيهم.؟
ام عبدالله تحضن بنتها:
ــ ويش فيها خالتش؟؟ لا تهزي يابعد امي و علميني...!
فاطمه بدت تنوح وصارت تصارخ:
ــ خالتي امينه ماتت يايمه.. ماتت...
ضربت ام عبدالله صدرها:
ــ هااااااا... انا لله وانا اليه راجعون
ولا يسمعوا الا صوت طيحه التفتوا لقوا مريم طايحه على باب الغرفه وجهها شابح وعيونها منذهله وبأرتباك وتردد وخوف:
ــ مين..؟ مين اللي ماتت؟؟
فاطمه التفتت لمريم ودموعها تسيل:
ــ امينه خالتي... ام بشير...
مريم صارت تحاول تقوم بعد ما استوعبت الخبر ماهي قادره... زحفت لبرى الحوش وظلت جالسه..
نزل علي وكان نازل بيروح يخلص آخر اموره خلاص هالأسبوع آخر اسبوع له قبل لا يسافر..
قعد جنب امه منصرع و مسك ايدها يبغى يقومها :
ــ اماه ويش فيش؟
مريم بذهول :
ــ مو قصدي.. ماكان قصدي..
ــ ويش اللي ماكان قصدش..؟
قطرات من دموع مريم طاحت على كف علي اللي انصرع من شاف هالحاله...
ــ اماه.. بسم الله عليش ... خوفتيني ويش اللي صاير..
شوي يسمع صوت مرت عمه داخل الغرفه تنوح:
ــ ويلي عليـﭻ ياخالتي... ويلي عليـﭻ.. رحتي وما فرحتي بشوفة بنتـﭻ.. رحتي ويتمتي عيالـﭻ من عقبـﭻ... آآآه ياخالتي...رحتي وحنا مقصرين بحقـﭻ...
علي استوعب الموضوع نسبيا:
ــ تعني.. ام بشير؟اماه.. مرت عمي تعني ام بشير؟
مريم تزيد دمعاتها وترتجف وهي بين ذراعين ولدها:
ــ ما قصدي..
علي متوتر :
ــ هدي اماه.. ويش اللي ماقصدش؟؟
ــ ماقصدي اطردها .. كل مني .. كل مني ماتت..
ــ اماه ويش تقولي .. هذا يومها واجلها .. قدرها اليوم تموت ..
وصل الخبر الى عباس... وسمعوا ولاد امينه ...
باسم صار يصارخ مو مستوعب الموضوع و عباس يحاول يهدي فيه.. في حين بشير واقف جامد ووجهه مايتفسر ..
حسن وحسين فتحوا بيتهم لفاتحتها... وبين ما فاطمه وامها ومريم اللي كانوا في عالم آخر مع النسوان الا بدخلة جاسم ولد عبدالحميد مطرشينه الرجال .. من شافته امه قامت تركض :
ــ ويش مجيبنك .ويش تبغى.؟؟. ماتشوف حريم هنا.. اطلع برى..
جاسم وهو يتمالك انفاسه:
ــ بشير... بشير وهم يدفنوا امه انحاش وما انتبهوا له وين راح.. فقاعدين ندور عليه....
ــ يوووووو انا لله.. ماحدا دخل هنا .. روحوا دوروا عليه عدل....
طلع جاسم.. في حين حسينه سمعت بالسالفه ..
ــ انا لله.. هو عاد كأني سمعت انه مريض بعد.. عسى ما يأذي روحه
ــ لا ان شالله ماعليه الا العافيه...الله يرحمش يا ام بشير ويحسن اليش.. ارتاحت من هالدنيا
ــ ايييه ارتاحت وقلبها ما تطمن قبل لا ترتاح .. الله يفرج عنش ياحليمه ويهديكم يابشير وباسم...
ــ الا فوين الحين هم عايشين..؟؟وويش مصير رحمه الحين ؟؟
ظلت حسينه تسولف مع كريمه الا بدخلة زينب عليهم...من اللي سمعته تركت الصغار مع بدور وبدر و جت بلا وعي مدهوش بالها..من شافتها فاطمه داخله عليهم قامت ليها وحضنتها وصاروا يصيحوا.. فاطمه بألم:
ــ ام بدر.. رحمه .. ابغاها عندي.. جيبيها لي ..
ــ هدي روحش ياخيه وخليها وياي فيش اللي مكفيش..
ــ قصرت اني بحق حليمه وحق امها.. جيبي لي رحمه كان يهون علي عذابي ..
ــ أي عذاب .. هونيها على روحش .. سويتي اللي تقدري عليه والله يشهد منتين مقصره...
الا يسمعوا مريم تنوح:
ــ كل مني.. كل مني اني اني اللي قصرت و طردتهااا .. اني..
وصارت تكفخ في خدودها والناس يحاولو يهدوها..
جى الليل... وبشير ماله اثر... صاروا الرجال يدوروا عليه وكلهم خوف يكون آذى نفسه..
شوي عباس خطر على باله بدون شعور النخل القريب من بقالته واللي شاف فيه الرجال الملثم..
راح يركض وخاب ظنه لما وصل للنخله ومالقى بشير.. صار يمشي في النخل لحد ماوصل للبيت اللي كان متأجرنه نذير .. وكان عباس مايدري انه كان بيت نذير سابقا...ومن صارت جريمة القتل فيه والناس متشائمه منه ومو راضي احد يستأجره ولا يشتريه...
لقى بشير.. متسند على البيت... و منكس راسه بين ركبه..
انصرع وتقرب منه:
ــ بشير.. قوم يا يبه.. ويش فيك قاعد هنا.؟؟ هوستنا عليك وحنا ندور..
بشير قام فجأه وبلا وعي مسك عباس بيزنطه وهو يصارخ فيه..
ــ هيثمووه يا ........ بذبحك.. والله ما اخليك... ما اخلييييك
الى الملتقى
المفضلات