الفصل السادس عشر....
جى الليل... وبشير ماله اثر... صاروا الرجال يدوروا عليه وكلهم خوف يكون آذى نفسه..
شوي عباس خطر على باله بدون شعور النخل القريب من بقالته واللي شاف فيه الرجال الملثم..
راح يركض وخاب ظنه لما وصل للنخله ومالقى بشير.. صار يمشي في النخل لحد ماوصل للبيت اللي كان متأجرنه نذير .. وكان عباس مايدري انه كان بيت نذير سابقا...ومن صارت جريمة القتل فيه والناس متشائمه منه ومو راضي احد يستأجره ولا يشتريه...
لقى بشير.. متسند على البيت... و منكس راسه بين ركبه..
انصرع وتقرب منه:
ــ بشير.. قوم يا يبه.. ويش فيك قاعد هنا.؟؟ هوستنا عليك وحنا ندورك..
بشير قام فجأه وبلا وعي مسك عباس بيزنطه وهو يصارخ فيه..
ــ هيثمووه يا .××××....... بذبحك.. والله ما اخليك... ما اخلييييك
عباس يحاول يفك نفسه من ايد بشير.. آخرتها صفعه صفعه .. تركه بشير بعدها وقام بلا وعي وصار يرفس في باب البيت لين انفتح و هجم داخله وهو ينادي..
ــ حليمه.. خييييه... حلييييمه...
دخل عباس وراه.. الوضع مره كان مخيف بالنسبه له.. ليل وظلمه و البيت مهجور من بعد الحادثه ولا احد راضي يتأجره ولا يشتريه..
وقف بشير بوسط الحوش مقابل غرفه من الغرف وصاريهلوس ويشاهق وكلامه يتقطع..احداث هذيك الليله صارت تتسارع في مخيلته شوي مسك راسه وصار يصارخ وقعد على ركبه و صار يصفع في راسه..
مسكه عباس وحاول يهديه خايف من اللي قاعد يسويه و يحس بالذنب لأنه سطره..
ولا شافه الا التفت له بسرعه ومسك كتوفه بالقوه وصار يقص عليه اللي صار بهذيك الليله و انه قتل نذير دفاع عن اخته اللي كان مدخل عليها هيثم..
عباس صار يمسح على وجه بشير وراسه وصدره يهدي فيه يسمي بالله ويصلي على محمد و آله:
ــ متأكد.. متأكد من اللي تقوله يا بشير؟
ــ ايه... ايه.. وبعدين هيثموه انحاش
ــ وانت و اختك ويش سويتوا بعدها؟
ــ اختي.. اختي.. خذت السكينه اللي قتلت بها.. ايه خذتها وحطتها في شنطه ودفناها في نخل..
عباس على طول تذكر هذيك الليله واللي شافه..:
ــ هيثم.. هيثم كان لابس دراعه خضرا و غتره صح؟
ــ ايه.. ايه..
ــ بس خلاص.. قوم الحين هدي تعال وياي وبتطلع اختك.. صدقني بتطلع..
بشير صار مثل الطفل يصيح ويضحك ويرتجف..:
ــ انا ابغاها تطلع بس خايف..
ــ لا تخاف.. امشي وياي الحين و ماعليك شر .. انا بوقف معاكم..
طلع عباس مع بشير ووصلوا للنخل اللي شاف عباس فيه هيثم وعلشان يتأكد من شكوكه..:
ــ تحت أي نخله دفنتوا الشنطه؟ تذكر ؟
بشير على طول توجه الى النخله اللي اكدت شكوك عباس.. مسك عباس بشير وضمه وصار يهدي فيه ويوعده انه بيساعدهم..
وطول الطريق عباس يتذكر الأحداث اللي شافها ويذكر كلام باسم على سالفة الشنطه اللي تورط فيها مع محمد حسن ، لما وقفوهم من طرف هيثم
في السجن...
سناء تصيح في حضن ام احمد اللي بعد ماباشر اخوها قضيتها ووكل ليها محامي شاطر اثبت انها قتلت دفاعا عن شرف بنتها.. و بنتها في مستشفى الأمراض العقليه بسبب الصدمه اللي لقتها... وقرر الحكم ليها انها تطلع من السجن في هذا اليوم بعد اتمام ثلاث سنوات و 9شهور على مايخلص اخوها و محاميه بقية الأجرائات مع اهل القتيل ..
ام احمد وهي تمسح على راس سناء:
ــ الله يفرج عنكِ يابنتي و ترجعين لحضن امك .. لا تبكين راح ازوركم ..
حليمه بأبتسامه:
ــ سناء.. المفروض نفرح لأم احمد ونبارك ليها مو تصيحي وتضايقيها ...
سناء :
ــ تعودت عليها و احبها واجد مثل امي بهالمكان كيف بتروح..
حليمه بأبتسامه تحاول تداري حزنها على فراق ام احمد:
ــ بس ولو الحب انش تتمني لغيرش السعاده و سعادتها مو بهالمكان...
ام احمد خنقتها العبره وقامت لحليمه على سريرها قعدت جنبها وحضنتها :
ــ الله يفرج عنك يا بنتي... ويريح قلبك ... ويجمعك مع حبايبك آمين يارب...
ومدت ايدها لسناء وحضنتها هي الثانيه.. شوي الا تشوف السجينات اللي وياها بالعنبر التفوا حواليها وفي وجوهم علامات الفرح لأجل فرجها وعلامات الحزن لجل فراقها..
... ماعدا حصه اللي ظلت على سريرها تحاول تلهي نفسها بلعبة بنتها اللي خذوها مؤخرا للملجأ...
ام احمد تهمس لوحده من السجينات كانت قريبه من حصه:
ــ حصه لسا ما انفكت ؟
ــ لا والله من خذوا بنتها ذاك اليوم كنا متوقعين انها راح تنبسط وترتاح خصوصا لأنها ماكانت تعاملها كويس لكن اللي صار العكس..
ابتسمت ام احمد :
ــ هذا الطبيعي .. انا اتطمنت الحين على حصه. ان لها قلب..
ومدت ايدها..:
ــ حصه يمه تعالي هنا معانا...
حصه تكابر وبقوه:
ــ هاااه... لا ... ما ابي..
ــ تعالي يمه ماتبين تودعيني خلاص بطلع من عندكم..
ــ افتكيتي و ارتحتي.. ليه تبيني اودعك؟؟
كلمة ليش اودعك.. طلعت بنبره مختلفه .. كانت نبره مخنوقه وتداري الألم كثر ما تقدر...
حسوا عليها الكل.. قامت ام احمد من سرير حليمه وتوجهت اليها وقفت قدامها في حين حصه كانت مايله بوجهها بأتجاه آخر ماتبغى تطالع فيها ...
ام احمد حطت ايدها على كتوف حصه وشدت عليهم:
ــ الله يعطف قلب اهلك عليكِ مثل ماعطف قلبك على بنتك .. و تطلعين من هنا ..
حصه بنبره مقهوره ومتحسره:
ــ ما ظني ..
ــ ليه لا .. لا تيأسين من رحمة ربك... شوفيني انا تحول حكمي من اعدام الى مؤبد و الله جاب لي اخويا يفكني من هالقيد و يطلع الحق... خل ايمانك بالله قوي ...
حصه بأنفعال صارت تصارخ:
ــ انتِ ما تدرين ماتدرييييييييين. عن هلي ماتدريييين..
ام احمد ضمت راسها لحضنها وهي واقفه وبهدوء صارت تواسيها:
ــ ادري والله ادري يابنتي....
حصه ضمت ام احمد وصارت تزيد قوة الضم مع صياحها وتردد:
ــ ماتدرين...
سناء وهي تصيح من الموقف تسأل حليمه اللي سندت راسها على حديدة السرير .. ذاك الراس اللي اعتاد يتسند بأنكسار ...:
ــ ماتدري بويش؟
حليمه والدمعه تنسل من عيونها:
ــ ماتدري ان السجن ارحم ليها من الطلعه .حصه بنت قبايل.. ماتدري ان السجن ليها حياه ميته والطلعه موت الى الأبد....
فهمت سناء... ان اهل حصه مثل خوالها .. حالفين لأن طلعت وشافوها بيذبحوها...انطوت ساعتها على نفسها و انشغلت بجروحها و همها عن جروح وهموم الآخرين...
نامي يا رحمه نامي................ أحلمي اسعد أحلامي
نامي نومة الهنية......... نومة الغزلان في البرية
صارت الأغنيه تتقطع الى ان خفتت و تبدل الدموع في محلها...
فاطمه وهي تهز رحمه في حضنها و تفكر باللي صار على هالعايله ... من بداية مأساه خالتها امينه المرحومه مع بنتها لما تطلقت من ابو حليمه الى وفاتها..
واللي تعهدت فاطمه مع حسين وقتها يتولوا امر رحمه الى ان يفرج الله عن حليمه ... في حين تعهد عباس ببشير و باسم ...
حسين يواسي فاطمه ويهديها...
ــ اذكري الله وصلي على نبيش.. هذا حكمه وقضاءه وكلنا ليها..
ــ انا لله وانا اليه لراجعون... واللهم صل على محمد وآله... مو بقادره استوعب اللي صار وكلما افكر بالأيام اللي عاشتها خالتي المرحومه يزيد همي .. وكلما يَيت ادور عن مكاني بينهم ما القى الا القليل.. مقصره اني في حقهم.. مقصره...
حسين بعد سكوت تنهد من القلب وهمس:
ــ تبغي تزوري حليمه بالسجن؟
فاطمه بعد ما حطت رحمه في المنام بجنب بشرى... التفتت متفاجأه وابتسامه خفيفه اعتلت دموعها:
ــ صج...!! بتخليني اروح لها؟
حسين يهز راسه بالأيجاب..
فاطمه رفعت ايدها للسما:
ــ ياعسى ربي مايحرمني منك ولا من طيبك وعطفك وحنانك...
ــ بس لا تقولي لأحد انش بتروحي خصوصا امش.. تعرفيها ما بترضى وبتسوي لش سالفه...
ــ زين متى بتوديني؟
ــ من بكره لو تحبي..
انسدحت فاطمه والنوم مجافيها لسببين... اولهم فرحانه لأنها بتشوف خويتها من بعد مامرت على فراقها سنه كامله .. والسبب الثاني والصعب .. الخوف والحزن والألم و تفكيرها كيف بيكون اللقاء في ذاك المكان وكيف بتعلمها عن امها و اللي صار!
قطع افكارها صوت بشرى اللي قعدت على المنام وانتبهت لرحمه جنبها نايمه وصارت تحوس في وجهها مستغربه وتحاول تقعدها..
قامت فاطمه وقتها وحملت بشرى وصارت تدور فيها تبغاها ترجع تنام... حواجبها معقوده و تحاول تخنق العبره.. وهي تتأمل وجه رحمه الملائكي واللي توها كملت الشهرين.. نايمه بهدوء و ماخذه من ملامح امها الكثير ..
في بيت فهيمه وناصر ..
فهيمه مو قادره تنام من كثر ما تقوم الحمام.. الوحام قاضي عليها وهي بشهرها الثالث.. ماعلمت امها ولا أي احد...
ناصر:
ــ لمتى يعني هذا حالش؟ ليش ماتبغي تقولي ليهم خلهم يساعدوش ويواسوش وانتين المعتبره هالشي هم.!
فهيمه بتعب:
ــ مالي خلق اقول لهم و فيهم اللي مكفيهم...
ــ يعني فجأه بتروحي ليهم وانتين بدبتش مثلا..
ــ اوووه لا تقهرني ..
ــ وين القهر بهالموضوع... هونيها وتهون.. ليش يا مرأه هالحنه .. الله بصير بعباده... ليش هالكئآبه اللي فيش ها؟؟ علميني بالله؟؟!
فهيمه بألم:
ــ خايفه.. خايفه ماكون قد الحمل والمسؤوليه.. انا فيصل و يالله قادره عليه والخوف الأعظم انه...
يقاطعها ناصر:
ــ خلاص.. لا تفاولي... ليش تيأسي من رحمه ربش.. وبعدين فيصل ان شالله ماعليه الا العافيه.. بس تقومي بالسلامه بنسافر معاه امريكا للعمليه... دام فيه حل ليش ما نجربه.. وربش كريم..
فهيمه تغطي وجهها تداري حزنها ودمعها وبصوت مخنوق:
ــ الله كريم... الله كريم...
وفي اليوم التالي .. فاطمه لابسه عباتها بتروح الى حليمه تزورها...
ــ بروح اشوف ام علي اذا صارت احسن تعاون امي على اليهال...وبقول ليهم اني بروح اعمل لي تحاليل بالمستشفى حاسه بشوية دوخه
حسين: ــ ان شالله .. عاد ام علي طولت حالتها شهر من بعد ما توفت ام بشير و زاد عليها سفر علي ..واللي ما وصل منه ولا مكتوب يطمنها للحين..
...>>
المفضلات