بسم الله الرحمن الرحيم


كيف تتحقق الوحدة بين المسلمين ؟
الوحدة الإسلامية مطمح كل مسلم ***



الوحدة الإسلامية مطمح كل مسلم يطلب وجه الله و رضوانه و يريد خير الأمة الإسلامية و صلاحها ،

و الفرُقة و الاختلاف و العدواة و البغضاء عمل شيطاني لا يؤدي إلا إلى
إهدار الطاقات الفردية و الاجتماعية بكل أشكالها ،
الأمر الذي لا يؤدي إلا إلى التنافر و التناحر ثم الفشل الذريع و الخسران المبين ،
و من يثير الفتن ـ خاصة في مثل هذه الظروف ـ من خلال إطلاق النعرات الطائفية و المذهبية
إنما يخدم مصالح أعداء الله و أعداء الأمة الاسلامية ، و يخدم مصلحة المستعمرين .. أصحاب المقولة المعروفة " فرِّق تَسُد " ،
و يمهد لهم طريق السيطرة على مقدرات المسلمين ،
و من يدعو إلى الفرقة و يكفِّر المسلمين فهو يخالف الله عز و جل
مخالفة صريحة و واضحة ، حيث أن الله تعالى دعا المسلمين في القرآن الكريم إلى التآلف و التآخي و الوحدة ،
و حذرهم من الفرقة و الاختلاف .
قال الله عز و جل : ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.
و قال عزَّ مِن قائل : ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ.
و قال جل جلاله : ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.
و قال سبحانه و تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.
ما هو السبيل الأمثل لوحدة المسلمين ؟




لكي نُقدم حلاً واقعياً معقولاً و قابلاً للتطبيق لا بد لنا من أن نستعرض كافة الحلول
والسُبل المتصورة لتحقيق الوحدة الاسلامية أولاً حتى نتمكن من اختيار الحل المعقول ، أوالحل الأفضل لمشكلة الأمة الاسلامية .
الحلول و السُبل المتصورة :
الحل الأول :
إجبار المسلمين بكل طوائفهم و مذاهبهم و فرقهم على اختيار مذهب واحد في العقيدة و الشريعة وترك ما هم عليه الآن من المذاهب المختلفة ،
و هذا الأمر هو ما طبَّقه عدد من الخلفاء والحكام
و القادة المتجبرين بقوة السيف ،
و أجبروا الناس على اتباع مذهب السلطان و الخليفة المدعوم
بمنطق القوة لا بقوة المنطق ،
و رغم النجاح النسبي الذي حققه هذا الأسلوب العنيف والقمعي في جعل مذهب السلطان مذهب الأكثرية من خلال إجبار الجموع الغفيرة على الدخول في مذهب السلطان ، إلا أنه يتنافى مع روح الدين الإسلامي
و جوهر الرسالة المحمدية الغراء ، و يخالف القيم الإسلامية ، خاصة
وأن العقيدة لا تحصل بالإكراه و الإجبار ، بل تحصل بالحرية و الاختيار .
ثم أنه و رغم كل ذلك فلقد أثبت التاريخ فشل هذا الحل ـ
إن صحَّ تسميته حلاً ـ ،
مضافاً إلى مخالفته الواضحة للقرآن الكريم ، حيث يقول الله تعالى :
﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
الحل الثاني :
و هو ما يُعبَّر عنه في العصر الحاضر بـ " إسلام بلا مذاهب " ،
أي نبذ المذاهب كلها إلى جانب والالتفاف حول الإسلام بعيداً عن المذاهب ،
و هو حل نظري أكثر من كونه حلاً عملياً ،
حيث أن الكلام هو عن الإسلام الواقعي الذي جاء به النبي
محمد ( صلى الله عليه و آله ) أين هو ،


و أي مذهبٍ من المذاهب يمثله ؟ و ما هي الفرقة الناجية ؟
و ذلك لأن كل طائفة و فرقة تعتقد بصحة مذهبها ،
و تعتقد بأن مذهبها يمثِّل الإسلام الصحيح الذي نزل به القرآن الكريم ..
و جاء به الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ،
فأي مذهب من المذاهب أُخذ به بقي الخلاف على حاله ،
و سوف لا يقبل به أصحاب المذاهب الأخرى .
الحل الثالث :




الانفتاح على المذاهب الإسلامية المختلفة و دراستها من مصادرها
المعتمدة لديها لمعرفة أفكارهم و حججهم من خلال اجتماع
أهل الحل و العقد من العلماء والمفكرين من جميع المذاهب
والفرق الإسلامية بروح عالية وعلى أسس موضوعية و منطقية
لمعالجة الأمر بمناقشة أصول الاختلاف من جذورها ،
و التحاكم إلى القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة ـ المتفق عليها لدى المسلمين جميعاً ـ والعقل بغية التوصل إلى المعتقد الصحيح
والحكم الشرعي المبرىء للذمة في كل صغيرة و كبيرة مما يحتاج إليه المسلمون في شؤون حياتهم الفردية و الاجتماعية ،
و من ثم إعلام الأمة الإسلامية بما سيتوصلون إليه حتى يتم قبوله
باعتباره معتقداً موحداً و ممحصاً و منقحاً لا غبار عليه ،
و هذا يتفق مع ما دعا إليه القرآن الكريم حيث قال :
﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ
لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ *
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ
وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ
و لقد بذل عدد من العلماء المخلصين و المصلحين جهوداً كبيرة
لتحقيق هذا الهدف السامي ، و من هؤلاء العلماء الأعلام
العلامة آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين ( رحمه الله )،
و العلامة القدير الشيخ سليم البشري المالكي شيخ الأزهر
و كانت نتيجة حواراتهم كتاب المراجعات المعروف،
والشيخ محمود شلتوت .


الحل الرابع :
تبادل الاحترام بين المذاهب الإسلامية كلها دون التعرض لرموزها
و معتقداتها والتعامل مع أتباع المذاهب جميعاً على أنهم
مسلمين موحدين تجوز مناكحتهم و تحل ذبائحهم و تصان
دماؤهم و أعراضهم و أموالهم ومساجدهم و مقدساتهم
من أن يتعرض لها ، ومنع الجهات التكفيرية من توزيع الاتهامات على المسلمين و إثارة الفتن بين الطوائف والمذاهب الإسلامية .
و من الصحيح أن يُعمل بهذا الحل حتى يأتي اليوم
الذي تساعد الظروف على العمل
بالحل الثالث إن شاء الله تعالى ....