النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مَحَطّات تَرْبَوِيَّة مِن قِصَّة نَبِي الْلَّه يُوَسُف عَلَيْه الْسَّلَام

العرض المتطور

  1. #1
    مشرفة منتدى الترحيب والتهاني الصورة الرمزية عفاف الهدى
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    شقتي
    المشاركات
    32,072
    شكراً
    1,252
    تم شكره 489 مرة في 412 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    83339

    056 مَحَطّات تَرْبَوِيَّة مِن قِصَّة نَبِي الْلَّه يُوَسُف عَلَيْه الْسَّلَام

    بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم

    مِن الْقَصَص الْقُرْآنِيَّة الَّتِي تَتَحَدَّث عَن جَوَانِب مُهِمَّة مِن حَيَاة أَنْبِيَاء
    الْلَّه تَعَالَى هِي قِصَّة نَبِي الْلَّه يُوَسُف(ع) وَمَا جَرَى عَلَيْه مِن أَحْوَال مُخْتَلِفَة عِبَر تِلْك الْقِصَّة الَّتِي ذَكَرَهَا الْلَّه تَعَالَى فِي سُوْرَة يُوَسُف كَامِلَة وَبِأُسْلُوب يَأْخُذ بِمَجَامِع الْقُلُوْب وَيَبْهَر الْنُّفُوْس.

    وَنَحْن لَا نُرِيْد ان نَتَحَّدَث عَن هَذِه الْقِصَّة مِن خِلَال الْسَّرْد الْتَّارِيْخِي لِمَرَاحِل هَذِه الْقِصَّة وَإِنَّمَا نُرِيْد ان نُسَلِّط الْضَّوْء عَلَى بَعْض الِالْتِفَاتَات الَّتِي رُبَّمَا لَا يَعْرِفُهَا الْكَثِيْرُوْن حَتَّى نَسْتَفِيْد مِنْهَا الْعِبْرَة وَالْمَوْعِظَة الْتَّرْبَوِيَّة الْحَقِيقِيَّة فَان الْلَّه تَعَالَى حِيْنَمَا يُذْكَر لَنَا قِصَّة نَبِي مَن الْأَنْبِيَاء وَيُسَجِّلَهَا فِي الْقِرَان الْعَزِيْز إِنَّمَا يُرِيْد مِن ذَلِك أَن نَنْتَفِع بِهَا فِي الْعِبْرَة وَالْمَوْعِظَة.
    وَهْنَا سَنُحَاوِل أَن نُرّكِز فِي حَدِيْثِنَا عَلَى جُمْلَة مِن الْأُمُور أَهَمِّهَا:
    أَوَّلَا: خُطُوْرَة الْحَسَد وَخُصُوْصا بَيْن الْإِخْوَة
    أَن


    يُوَسُف وَأَخُوْه بَنْيَامِين كَانَا مِن أُم وَاحِدَة و بَاقِي الْإِخْوَة مِن أَم أُخْرَى، وَاخْتِلَاف الْأُمَّهَات رُبَّمَا يَكُوْن دَاعِي لِلْحُسَّد فِي الْنُّفُوْس بَيْن الْإِخْوَة خُصُوْصا إِذَا كَان احَد الْإِخْوَة أَكْثَر مَحْبُوبِيّة لَدَى الْأَب سَوَاء كَان ذَلِك لِصِغَرِه وَضَعَّفَه، أَو لِطُهْرِه وَنَظَافَتِه، أَو لِذَكَائِه ونُبوغِه وَمِن هُنَا قَال تَعَالَى:

    ((لَقَد كَان فِي يُوَسُف وَإِخْوَتِه آَيَات لِّلْسَّائِلِيْن {يُوَسُف/7} إِذ قَالُوْا لَيُوْسُف وَأَخُوْه أَحَب إِلَى أَبِيْنَا مِنَّا وَنَحْن عُصْبَة إِن أَبَانَا لَفِي ضَلَال مُّبِيْن {يُوَسُف/8} ))
    الْقِصَّة تَبَيَّن فَدَاحَة الْحَسَد وَخُطُوْرَتِه وَاعْتِبَارُه دَافِعَا لَأَبْشَع الْجَرَائِم
    وَالْحَسَد كَمَا عَرَفُوْه هُو تَمَنِّي زَوَال الْنِّعْمَة عَن الْمَحْسُود وَإِن لَم يَصِر لِلْحَاسِد مِثْلَهَا وَمَن اتَّسَع حَالِات الْحَسَد حِيْن يَتَّمَنِّي زَوَال الْنِّعْمَة عَن الْغَيْر سَوَاء تَنْتَقِل أَلَيْه او لَا تَنْتَقِل إِلَيْه بُغْضَا لِذَلِك الْشَّخْص
    وَكَان حَال اخْوَة


    يُوَسُف مَعَه هُو بّاطْوَار مِنْهَا :

    1- الْعَدُوَاة وَالْبَغْضَاء وَالْحِقْد .

    2- حَب الرِّئَاسَة وَطَلَب الْجَاه لِنَفْسِه .
    3- ظُهُوْر الْفَضْل وَالْنِّعْمَة عَلَى الْمَحْسُود .
    ثَانِيا: الْتَّذَرُّع بِالْتَّوْبَة فِي ارْتِكَاب الْذُّنُوب
    وَمَن الْعِبَر فِي


    قِصَّة إِخْوَة يُوَسُف طَرِيْقَة إِغْفَالِهِم لِلْصَّوَاب بِشَأْن أَخِيْهِم يُوَسُف، حَيْث حَدِّثُوا أَنْفُسِهِم بِالْتَّوْبَة كَمُبَرَّر لِان يَرْتَكِبُوْا الْمَعْصِيَة عَلَى مَا يَبْدُو مِن قَوْلِه تَعَالَى: ((اقْتُلُوا يُوَسُف أَو اطْرَحُوْه أَرْضا يَخْل لَكُم وَجْه أَبِيْكُم وَتَكُوْنُوْا مِن بَعْدِه قَوْما صَالِحِيِن {يُوَسُف/9} ))

    نَعَم هَذَا كَان مُبَرِّرَا لِهَؤُلَاء اقْنِعُوا أَنْفُسَهُم بِه وَمَن خِلَالِه وَارْتَكَبُوْا الْمَعْصِيَة وَهَذَا مَا يَتَذَرَّع بِه كَثِيْر مَن الَّذِيْن يُذْنِبُون، وَهَذَا هُو الَّذِي تَذَرَّع بِه عُمَر بْن سَعْد فِي قَتْل الْحُسَيْن حَيْث قَال مُحَدَّثا نَفْسِه :
    فَإِن صَدَقُوْا فِيْمَا يَقُوْلُوْن إِنَّنِي
    أَتُوْب إِلَى الْرَّحْمَن مِن سَنَتَيْن
    وَلَكِن هَذَا مِن وَسَائِل الْشَّيْطَان وَالْنَّفْس الْإِمَارَة وَيُمْكِن أَن ندْحض قَوْلِهِم هَذَا بِبَسَاطَة وَبِعِدَّة أُمُوْر مِنْهَا:
    1: أَنَّه لَا ضَمَان لِبَقَائِهُم أَحْيَاء إِلَى أَن يُصْبِحُوْا قَوْمِا صَالِحِيِن، وَيَتُوْبُوْا عَمَّا يَفْعَلُوْن الْآِن بِيُوْسُف فَمَن الْمُتَوَقَّع عَدَم تَوْفِيْقُهُم لِلْتَّوْبَة إِطْلاقَا
    2: غَالِبُا مَا يَكُوْن تَرْك الْذَّنْب قَبْل وُقُوْعِه أَسْهَل مِن الْتَّوْبَة، فَإِن الْقَلْب حِيْن يَكُوْن نُوْرَانِي نَاصِع ذُو صَفَاء سَيَكْسِر صَفَاؤُه بِالْذَّنْب، فَعِنْدَهَا أَصْبَحَت الْتَّوْبَة أَصْعَب
    3: ان هَذَا مِن طُرُق الْشَّيْطَان فِي خِدَاع الْإِنْسَان بِوَعْدِه بِالْتَّوْبَة وَالْسَّيْطَرَة


    عَلَيْه شَيْئا فَشَيْئا وَهُو أَنْجَح طَرِيْق لِلْشَّيْطَان فِي الْغَلَبَة عَلَى الْفَرْد وَالْتَّمَكُّن مِنْه وَجَعَلَه فِي طَرِيْق الْعِصْيَان وَالِتَسَافِل.

    ثَالِثا: عِلْم يَعْقُوْب بِكَذِب إِخْوَة يُوَسُف
    أَن الْنَّبِي يَعْقُوْب (ع) كَان يَعْلَم أَن رُؤْيَا يُوَسُف سَتَتَحَقَّق حَقّا وَأَن الْلَّه سَيَجتبِيْه وَيُعَلِّمُه مِن تَأْوِيْل الْأَحَادِيْث، وَيُتِم نِعْمَتَه عَلَيْه وَعَلَى آَل فَهُو يَعْلَم ان يُوَسُف (ع) سَوْف لَن يَمُوْت قَبْل تَحَقُّق تَعْبِيْر الْرُّؤْيَا فَقَد قَال تَعَالَى:
    (( إِذ قَال يُوْسُف لِأَبِيْه يَا أَبَت إِنِّي رَأَيْت أَحَد عَشَر كَوْكَبا وَالْشَّمْس وَالْقَمَر رَأَيْتُهُم لِي سَاجِدِيْن {يُوَسُف/4} قَال يَا بُنَي لَا تَقْصُص رُؤْيَاك عَلَى إِخْوَتِك فَيَكِيْدُوْا لَك كَيْدا إِن الْشَّيْطَان لِلْإِنْسَان عَدُو مُّبِيْن {يُوَسُف/5} وَكَذَلِك يَجْتَبِيْك رَبُّك وَيُعَلِّمُك مِن تَأْوِيْل الْأَحَادِيْث وَيُتِم نِعْمَتَه عَلَيْك وَعَلَى آَل يَعْقُوْب كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْك مِن قَبْل إِبْرَاهِيْم وَإِسْحَق إِن رَبَّك عَلِيِّم حَكِيْم {يُوَسُف/6} ))
    وَالْقُرْان يُحَدِّثُنَا عَن كَلَامِهِم مَع يَعْقُوْب (ع) وَكَيْف أَن جَوَابه لَهُم كَان وَاضِحا فِي انّه يَعْلَم بِحَقِيْقَة الْأَمْر وَإِنَّهُم يَكْذِبُوْن


    عَلَيْه فَقَد قَال تَعَالَى: ((قَالُوَا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِق وَتَرَكْنَا يُوَسُف عِنْد مَتَاعِنَا فَأَكَلَه الْذِّئْب وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لِّنَا وَلَو كُنَّا صَادِقِين {يُوَسُف/17} وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيْصِه بِدَم كَذِب قَال بَل سَوَّلَت لَكُم أَنْفُسُكُم أَمْرا فَصَبْر جَمِيْل وَاللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُوْن {يُوَسُف/18} ))

    وَإِذَا لَاحَظَت مَعِي جَوَاب يَعْقُوْب هُنَا فَإِنَّنَا سَنَجِد عِدَّة أُمَوِر مِنْهَا قَوْلُه:﴿بَل سَوَّلَت لَكُم أَنْفُسُكُم أَمْرَا﴾ وَالتَسُوَيل مِن الْوَسْوَسَة أَي: لَيْس ان الْأَمْر عَلَى مَا تَقُوْلُوْن بَل وَسْوَسَت لَكُم أَنْفُسُكُم فِيْه أَمْرَا، ثُم أَخْبَرَهُم أَنَّه صَابِر عَلَى مَا حَصَل وَسَيَحْصُل وَذَلِك بِقَوْلِه تَعَالَى ﴿فَصَبْر جَمِيْل وَاللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُوْن ﴾
    وَلِسَان حَالِه يَقُوْل سَأَصْبِر عَلَى مَا أَصَابَنِي وَأْتَزَر تَوَكُّلِي عَلَى رَبِّي، فَكَأَنَّه يَقُوْل: إِنِّي أَعْلَم أَن لَكُم فِي الْأَمْر مَكْرَا وَأَن


    يُوَسُف لَم يَأْكُلْه الْذِّئْب، وَسَوْف أُوَاجِه الْأَمْر بِالْصَّبْر، وَأَوْكَل أَمْرِي إِلَى رَبِّي.

    و قَد رُوِي ان يَعْقُوْب كَشَف كَذَّبَهُم بِصُوْرَة وَاضِحَة حِيْن نَظَر لِّلْقَمِيْص الَّذِي ادَّعَوْا انَّه بَقِي مِن يُوَسُف بَعْد أَن أَكَلَه الْذِّئْب فَقَد وُجِد أَن قَمِيْص يُوَسُف كَان سَالِمْا لَيْس عَلَيْه أَثَر مِن آَثَار الْذِّئْب وَأَنْيَابُه وَقَد رُوِي عَن الصَّادِق(ع): (( لَمَّا أُوْتِي بِقَمِيْص يُوَسُف إِلَى يَعْقُوْب فَقَال لَهُم: الْلَّهُم لَقَد كَان ذِئْبَا رَقِيْقَا حِيْن لَم يَشُق الْقَمِيْص ))

  2. #2
    مشرفة منتدى الترحيب والتهاني الصورة الرمزية عفاف الهدى
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    شقتي
    المشاركات
    32,072
    شكراً
    1,252
    تم شكره 489 مرة في 412 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    83339

    رد: مَحَطّات تَرْبَوِيَّة مِن قِصَّة نَبِي الْلَّه يُوَسُف عَلَيْه الْسَّلَام

    رَابِعا: اثَار الْبَعْض الاشْكَالِيّة فِي قَوْلِه تَعَالَى ((وَلَقَد هَمَّت بِه وَهَم بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَان رَبِّه))
    هَل هُم


    يُوَسُف بِالْمَعْصِيَة مَع زُلَيْخَا ؟

    رُبَّمَا اتَّخَذ الْبَعْض هَذِه الْآَيَة وَسَيْلَة لِلْطَّعْن بِعِصْمَة


    يُوَسُف (ع) وَطَبْعا أَجَاب الْعُلَمَاء بِالْعَدِيْد مِن الْأَجْوِبَة وَمِنْهَا أَن مَعْنَى قَوْلِه ﴿وَلَقَد هَمَّت بِه وَهَم بِهَا﴾ لَيْس هُو الْهَم بِالْزِّنَا أَسَاسُا، وَإِنَّمَا هُو الْهَم بِضَرْبِهَا، فَامْرَأَة الْعَزِيْز لَمَّا رَأَت عِصْيَانِه لَهَا هَمَّت بِضَرْبِه، وَيُوْسُف أَيْضا هُم بِضَرْبِهَا دِفَاعَا عَن نَفْسِه وَلَكِنَّه رَأَى ان ضَرَبَه لَهَا غَيْر صَحِيْح لِأَنَّه لَو انْكَشَف الْأَمْر فُسَيُفَسر الْنَاس ذَلِك بِأَنَّه ضَرَبَهَا لِإِجْبَارِهَا عَلَى الْزِّنَا، وَإِمَّا لِأَن امْرَأَة الْعَزِيْز كَانَت صَاحِبَة حَق أَخْلَاقِي عَلَيْه لَحُسْن مَدَارَاتِهَا إِيَّاه أَيَّام صِغَرِه إِلَى حِيْن بُلُوْغِه، فَهَذَا الْضَّرْب لَا يُنَاسِب هَذَا الْحَق الْأَخْلَاقِي، فَرَأَى أَن أَفْضَل حَل هُو الْفِرَار ﴿ وَاسُتَبَقا الْبَاب وَقَدَّت قَمِيْصَه مِن دُبُر ﴾

    وَمِنْهَا: أَن مَعْنَى الْآَيَة: أَنّه لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَان رَبِّه لَهَم بِهَا، كَقَوْلِك: جِئْتُك لَوْلَا أَنَّك جِئْتَنِي. أَي عَدَم مَجِيْئِي لِأَنَّك جِئْتَنِي فَيَكُوْن الْمَعْنَى انَّه لَم يَهِم بِهَا لِأَنَّه رَأَى بُرْهَان رَبِّه

    وَمِن ذَلِك مَا رُوِي عَن الْإِمَام عَن عَلِي بْن الْحُسَيْن (ع) قَال: قَامَت امْرَأَة الْعَزِيْز إِلَى الْصَّنَم، فَأَلْقَت


    عَلَيْه ثَوْبَا، فَقَال لَهَا يُوَسُف: مَا هَذَا؟

    فَقَالَت: أَسْتَحِي مِن الْصَّنَم أَن يَرَانَا،
    فَقَال لَهَا يُوَسُف: أَتَسْتَحِيْن مِن لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَلَا يُفْقَه وَلَا يَأْكُل وَلَا يَشْرَب، وَلَا أَسْتَحِي أَنَا مِمَّن خَلَق الْإِنْسَان وَعَلَّمَه؟
    فَذَلِك قَوْلُه : ﴿لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَان رَبِّه﴾
    خَامِسَا: مَصِيْر زُلَيْخَا
    عَن الصَّادِق قَال: اسْتَأْذَنْت زُلَيْخَا عَلَى يُوَسُف، فَقِيْل لَهَا: يَا زُلَيْخَا، إِنَّا نَكْرَه أَن نُقَدِّم بِك


    عَلَيْه لِمَا كَان مِنْك إِلَيْه،

    قَالَت: إِنِّي لَا أَخَاف مِن يَخَاف الْلَّه، فَلَمَّا دَخَلَت عَلَيْه
    قَال لَهَا: يَا زُلَيْخَا مَالِي أَرَاك قَد تَغَيَّر لَوْنِك؟
    قَالَت: الْحَمْد لِلَّه الَّذِي جَعَل الْمُلُوْك بِمَعْصِيَتِهِم عَبِيْدَا، وَجَعَل الْعَبِيْد بِطَاعَتِهِم مُلُوْكَا،
    قَال لَهَا: يَا زُلَيْخَا مَا الَّذِي دَعَاك إِلَى مَا كَان مِنْك؟
    قَالَت: حَسَن وَجْهَك يَا يُوْسُف،
    فَقَال: كَيْف لَو رَأَيْت نَبِيّا يُقَال لَه مُحَمَّد يَكُوْن فِي آَخِر الْزَّمَان، أَحْسَن مِنِّي وَجْهَا، وَأَحْسَن مِنِّي خُلْقَا، وَأَسْمَح مِنِّي كَفّا؟
    قَالَت: صَدَقْت،
    قَال: وَكَيْف عَلِمْت أ نَّي صَدَقْت؟
    قَالَت: لِأَنَّك حِيْن ذَكَرْتُه وَقَع حُبِّه فِي قَلْبِي،
    فَأَوْحَى الْلَّه إِلَى يُوَسُف: أَنَّهَا قَد صَدَّقْت، وَأ نِّي قَد أَحْبَبْتُهَا لِحُبِّهَا مُحَمَّدا ، فَأَمَرَه الْلَّه ـ تَعَالَى ـ أَن يَتَزَوَّجَهَا))
    فَكَانَت نَتِيْجَتَهَا بَعْد مُرُوْرِهَا بِالِاخْتَبَارَات الْصَّعْبَة أَنَّهَا تَابَت لِلَّه تَعَالَى وَأَمِنَت بِه وَصَارَت مِن الْصَّالِحَات الْمُؤْمِنَات.
    سَادِسا:الْمُرَاسَلَة بَيْن يَعْقُوْب وَيُوْسُف
    رَوَى الْمَجْلِسِي فِي الْبِحَار عَن دَعَوَات الْرَّاوَنْدِي هَذِه الْقِصَّة: لَّمَّا كَان مِن أَمْر إِخْوَة


    يُوَسُف مَا كَان كَتَب يَعْقُوْب إِلَى يُوَسُف وَهُو لَا يَعْلَم أَنَّه يُوْسُف:

    بِسْم


    الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم

    مِن يَعْقُوْب بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيْم خَلِيْل


    الْلَّه إِلَى عَزِيْز آَل فِرْعَوْن.

    سَلَام عَلَيْك، فَإِنِّي أَحْمَد إِلَيْك الْلَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَا هُو. أَمَّا بَعْد: فَإِنَّا أَهْل بَيْت مُوَلَّعَة بِنَا أَسْبَاب الْبَلَاء، كَان جَدِّي إِبْرَاهِيْم الْقِي فِي الْنَّار فِي طَاعَة رَبِّه، فَجَعَلَهَا الْلَّه عَلَيْه بَرَدَا وَسَلَاما، وَأْمُر الْلَّه جَدِّي أَن يَذْبَح أَبِي، فَفَدَاه بِمَا فَدَاه بِه، وَكَان لِي ابْن، وَكَان مِن أَعَز الْنَّاس عَلَي فَفَقَدْتُه، فَأَذْهَب حُزْنِي عَلَيْه نُوَر بَصَرِي، وْكَان لَه أَخ مِن أُمِّه، فَكُنْت إِذَا ذُكِرَت الْمَفْقُوْد ضَمَمْت أَخَاه هَذَا إِلَى صَدْرِي، فَاذْهّب عَنِّي بَعْض وَجْدِي، وَهُو الْمَحْبُوْس عِنْدَك فِي الْسَّرِقَة، وَإِنِّي أُشْهِدُك أَنِّي لَم أَسْرِق وَلَم أَلِد سَارِقِا
    فَلَمَّا قَرَأ يُوْسُف كِتَابَه بَكَى، وَكَتَب إِلَيْه:
    بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
    (( اصْبِر كَمَا صَبَرُوْا، تَظْفَر كَمَا ظَفِرُوْا))
    فَلَمَّا انْتَهَى الْكِتَاب إِلَى يَعْقُوْب قَال: وَالْلَّه مَا هَذَا بِكَلَام الْمُلُوْك وَالْفَرَاعِنَة، بَل هُو كَلَام الْأَنْبِيَاء وَأَوْلَاد الْأَنْبِيَاء، فَحِيْنَئِذ قَال: ﴿يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوَسُف﴾



    سَابِعا:


    يُوَسُف يَتَوَسَّل الَى الْلَّه تَعَالَى بِمُحَمَّد وَأَهْل الْبَيْت

    فَقَد وَرَد عَن أَبِي عَبْد الْلَّه صَلَوَات الْلَّه عَلَيْه قَال : لَمّا أَلْقَى إِخْوَة يُوَسُف يُوَسُف فِي الْجُب نَزَّل عَلَيْه جَبْرَئِيْل ،
    فَقَال: يَا غُلَام مَن طَرِحْك فِي هَذَا الْجُب ؟
    فَقَال : إِخْوَتِي بِمَنْزِلَتِي مِن أَبِي حَسَدُوْنِي ،
    قَال : أَتُحِب أَن تَخْرُج مِن هَذَا الْجُب ؟
    قَال : ذَلِك إِلَى إِلَه إِبْرَاهِيْم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوْب ،
    قَال : فَإِن الْلَّه يَقُوْل لَك : قُل الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك بِأَن لَك الْحَمْد لَا إِلَه إِلَا أَنْت ، بَدِيْع الْسَّمَاوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام ، ان تُصَلِّي عَلَى مَحَمَّد وَآَل مُحَمَّد ، وَأَن تَجْعَل لِي مِن أَمْرِي فَرَجَا وَمَخْرَجا وَتَرْزُقَنِي مِن حَيْث أَحْتَسِب وَمِن حَيْث لَا أَحْتَسِب
    وَأَيْضا وَرَد عَن هِشَام بْن سَالِم ، قَال : قُلْت لِأَبِي عَبْدِالْلَّه صَلَوَات الْلَّه عَلَيْه : مَا بَلَغ مِن حُزْن يَعْقُوْب عَلَى يُوَسُف ؟
    قَال : حُزْن سَبْعِيْن ثَكْلَى ،
    قَال : وَلَمَّا كَان يُوْسُف صَلَوَات الْلَّه عَلَيْه فِي الْسِّجْن دَخَل عَلَيْه جَبْرَئِيْل عَلَيْه الْسَّلام ، فَقَال : إِن الَلّه تَعَالَى ابْتَلَاك وَابْتَلَى أَبَاك وَأَن الْلَّه يُنَجِّيَك مِن هَذَا الْسِّجْن ، فَاسْأَل الْلَّه بِحَق مُحَمَّد وَأَهْل بَيْتِه أَن يُخَلِّصَك مِّمَّا أَنْت فِيْه ،
    فَقَال يُوْسُف : الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك بِحَق مُحَمَّد وَأَهْل بَيْتِه إِلَا عُجِّلَت فَرْجِي وأَرَحْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيْه
    قَال جَبْرَئِيْل عَلَيْه الْسَّلام : فَابْشِر أَيُّهَا الْصِّدِّيق ، فَان الْلَّه تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَيْك بِالْبِشَارَة بِأَنَّه يُخْرِجُك مِن الْسِّجْن إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام ، وَيُمُلْكّك مِصْر وَأَهْلُهَا تَخْدِمُك أَشْرَافُهَا ، يَجْمَع إِلَيْك أَخْوَتِك وَأَبَاك ، فَابْشِر أَيُّهَا الْصِّدِّيق إِنَّك صَفِي الْلَّه وَابْن صَفِيِّه .



    إِنَّنَا نُؤَكِّد عَلَى جَمِيْع الْإِخْوَة الْمُؤْمِنِيْن ان يُطَالِعُوْا قِصَص الْأَنْبِيَاء بِتَدَبُّر وَتَحْلِيْل لِكَي تَتَحَقَّق الْفَائِدَة الْكَبِيْرَة مِن التَّعَرُّف عَلَى أَنْبِيَاء الْلَّه تَعَالَى .
    للكاتب ابو فاطمة العذاري

  3. #3
    عضو سوبر محترف الصورة الرمزية كميل الفضلي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    بلد الاولياء
    المشاركات
    3,148
    شكراً
    2
    تم شكره 17 مرة في 12 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    11852

    رد: مَحَطّات تَرْبَوِيَّة مِن قِصَّة نَبِي الْلَّه يُوَسُف عَلَيْه الْسَّلَام

    شكرا لكي للنقل الموفق تحياتي

  4. #4
    مشرفة منتدى الترحيب والتهاني الصورة الرمزية عفاف الهدى
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    شقتي
    المشاركات
    32,072
    شكراً
    1,252
    تم شكره 489 مرة في 412 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    83339

    رد: مَحَطّات تَرْبَوِيَّة مِن قِصَّة نَبِي الْلَّه يُوَسُف عَلَيْه الْسَّلَام

    وشكر لمروركم هنا اخينا الفاضل كميل

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •