تَابِع
استقبلتنَا صبَاح بِوجهٍ يَشِّع شَوق وَ عَين تقطِرُ لَهفة وَ قلب طفلَة ، رُؤيتي صبَاح يَومها أعَادتْ كُل شَيء فِيَّ لِـ طفُولته . قطَع حَديثهَا الذِّي قالتْ فيه أنَّها اغتَربَت صَغيرَة لِـ كِفاحِ وَالدها وَ اغتَربَت كَبيرَة لِـ طمُوحِ زَوجهَا ؛ بُكاء طِفلٍ صَغير هرَعتْ لِـ إحضَارِه .. وَ بعيني وَ عَين حُسْن استفهَام ، خَرجتْ إلينَا ضَاحكَة وَ طفلَةً صَغيرَة تتوسَّدُ صَدرها قائلَة : مُفاجَأتي لكُم " طفلَتي سَمَا " .. أجلَستهَا بِـ حُضني فَورًا وَ الصغيرَة ملاكٌ يَبتسِم بِوجهي ، لا ادري يَـا علي لِمَ حَضَر الدمعُ بِـ عَيني فابتسمتُ أوَاريه ، لا ادري يَـا علي لِمَ شُحِنَ صَدري بِـ شعُور الأمهَات ، لا ادري يَـا علي لِمَ صُورَة سَمَا تشبَهُ صُورَة طفلتنَا نَورَس الـ موشُوم بِهَا بيَاض عَيني . مَرَّ الوقت سريعًا هممنَا بِـ النهُوض لكن دَهشةً أخرَى ألجَمتْ فَرائصي وَ كَادتْ تفضَحني حين صَافح وجهِي وَجه جَلال زَوج صبَاح - كَان هُو يَـا علي مَنْ اصطَدمتْ بِوجهه زفرَاتي ! وَ هُو مَنْ قصَم ظَهر هَاتفي يَومًا ! وَ هُو مَنْ رتبَ أوْجاع غُربتي وجعًا وجعًا .. وَ هُو مَنْ كُنت استشفِي فِي غيابكَ بِـ رُؤيته ظنًا منِّي بِـ بَعثكَ مِنْ جَديد ! – ألقَى التحيَّة فَـ رَددنا السَلام ثُم استلمَتْ صبَاح الحَديث لِـ أجلِ التعريف بنَا وَ قدْ ذكَر بِـ دَورهِ حَادثة هَاتفي المَصعُوق تحت قدمه وَ تعَجب الجَميع لِـ الصُدف كَيف يَخلقهَا الله ؛ كُل هَذا وَ أنَا بَعيدًا عنهُم . لُذتُ إلَيك يَـا علي سَريعًا .. تغتَالني أضْواء الشارِع وَ ظلِّي يَبكي علَى الرَّصيف وَ الرَّصيفُ ينظرني شَفقة ؛ انَبشُ بِـ رمشي السَماء ، انهشُ جَسَد الأرض ، أعِدُّ أيَّامي القَصيرة معك ، أتمنَّاكَ هنَا يَـا علي ؛ مَعي .
دَخلتُ الشقَّة وَ حُسْن وَ الصمتُ ثالثنَا ؛ قصدتُ شُرفَة غُرفتي متسربلَة بِغطاءٍ صُوفي وَ بَعد مُضي سَاعَة وَافتني حُسْن ؛ اجتمعنَا علَى صَمت وَ غَرقنَا فِي صَمت وَ وحدَها شُرفات الحنين تَقلُّ قلُوبنَا ناحيتك . احتَضنتني بَعدَ طُول صَمت وَ بَكَتْ .. لَمْ تُفصِح لِي عَنْ سَببِ بُكَائها لكني أعلمُها جَيدًا كَما تعلمني ، سَببُ بُكائها هيئة جَلال الْـ تَشبَهُ هَيئتك ؛ هيئتهُ التِّي جَعلتْ حُسْن تضطَرِب خَوفًا علَى قلبي ، وَ جَعلتني اضطَرِب خَوفًا عليكَ بَيْن أضلُعي .
علي قلْ لِي :
أيَستحقُّ قلبي هذَا كُله ؟
المفضلات