تَابِع
ثلاثة أشهُر عَبَرتْ أمَامي عَبُور السَحَاب .. وَ حتى اليَوم متاحٌ لِي شَهرٌ أخير بِـ قُربكم يَـا علي ، وَ حتَّى الأمْس لَمْ تَجرُؤ قدَمي علَى وِطْء جنتنا الصغيرَة ؛ أدرتُ مقبَض البَاب مرتينْ وَ فِي الثالثة وَلجتُ إليْهَا ولُوجًا غريبًا يَشبهُ ولُوج اللصُوص ، أغْمضتُ عَيني وَ خلعْتُ حِذائي لِـ أغرقَ كُلِّي .. علي ؛ اشعُر بِـ ارتعَاشِ الدمْع فِي عَيني قبلَ فتحِهَا وَ حينَ فتحتُها وَجدتُ فَوق رأسي سَحابة حُلم لَم يَكتمل ؛ لا زَالتْ تُغني .. أتذكرُ آخِرَ أحلامي يَـا علي ؟ أنْ تُغادِر ضَبَاب المُستشفَى وَ تأتي معِي نَحتسِي تُفاحًا تحْتَ أشْجَارِ الجنَّة !. قصدتُ صنُدوق ذكريَاتي الأبْيض فورًا بَعْد أنْ انتَزعتُ قلبي مِنْ جَسدي وَ وضعتهُ جَانبًا ؛ كَيْ لا أزدَاد ضَعفًا كَمَا قبل فَـ سَقطَت ينَابيع دَمعي فقيرَةً مِنَ النَّوْح وَ النشيج ، أوَّل الذِّي التَقطتهُ عَيني وَ قبَضتْ علَيْه كَفي ؛ بروَاز صُورةٍ نمَتْ علَى عُشْبه أزْهَارَ جنتنا يَـا علي ؛ علي ! أربَعة أعوَامٍ كَفيلَة بِذوبَانِ أضلُعي شَوقًا أكثر ، عِشقًا أكبَر ، فرَاغًا أسْوَد ! أشتَاقكَ جدًا يَـا علي .. جدًا وَ أنتَ تعلَمُ كَمْ أكْرَه هذهِ الـ جدًا ! ؛ لِـ أنَّها لا تكَفيني ، لا تسعُ شَوقِي ، لا تُعبِّر عنْه ، لا تَحملُ جُزءً مِنه ، وَ أنِّي كُلما احتضنتُكَ إلَى صدْري آلمنِي ضِلعِي الأيْسَر وَ شَيئًا خَلْفه ارتَعش ؛ كَـ لَقيطٍ أجْهضتْ وَالدتهُ بِرفقتهِ أمُومتَها !. اعتكفتُ جنتنا محرَابًا وَ بكيتُ لِـ أجلِكَ يَـا علي كَثيرًا كَثيرًا ؛ لِـ أنَّ كُل الأشيَاء الـ تَسكُنني بِغيابكَ انحنتْ ذبُولًا ؛ كَـ أمَانيَّ وَ روحِي العَجُوز وَ طفلتنَا المسكينَة .
ارْزقُني نسيَانًا يَـا علي !





رد مع اقتباس
المفضلات