أكدت الشريعة الغراء على تجسيد الأعمال في العوالم الأخرى فالقرآن الكريم زاخر بتلك الآيات من ثل " ووجدوا ما عملوا محضرا " وأضع بين يديكم الكريمة نقلا للروايات وبعض الاستشهاد العلمي الدال على ذلك
الاشكال الاول الذي يرد على مسالة تجسم الاعمال ـ كما يتضح من بعض كلمات المرحوم الطبرسي في مجمع البيان ـ هو ان العمل من جنس ((العرض )) لا((الجوهر)) فلا يحمل خواص المادة ولا هو مادة بنفسه لذا فهو ينعدم بعد حدوثه .
والاشـكـال الثاني : هو ان العمل يمحى ويزول بعد وجوده لذا فاننا لانجد اثارا من احاديثنا وافعالنا الـمـاضية الا ما حدثت تغييرا في بعض المواد الموجودة كتحول الحصى والخشب والجص الى بيت معين , وهذا ليس بتجسم وانما هو تحول ناشي من العمل (تامل ).
ولـكـن اذا اخذنا النكتتين ادناه بنظر الاعتبار فسوف تتضح الاجابة عن الشبهتين السالفتين وكذلك تتضح مسالة تجسم الاعمال :
النكتة الاولى : لقد اثبت اليوم بان المادة لاتفنى بل ان اعمالنا تظهر على شكل طاقات مختلفة .
فـان تـحدثنا فستنتقل اصواتنا على شكل امواج صوتية الى الفضا المحيطبنا وتصطدم بالاجسام التي تـعـترضها من جدران وابنية واجسام اخرى وتتحول الى طاقة اخرى , ومن الممكن ان يتغير شكل هذه الطاقة مرات عديدة ولكنها لن تفنى ,وما حركات ايدينا وارجلنا الا نوعا من الطاقة وهذه الطاقة (الميكانيكية ) لاتفنى ابداوانما تتحول الى طاقة حرارية او طاقة اخرى .
والـخـلاصـة : ليست المادة لاتفنى فقط بل وحتى طاقتها فهي ثابتة ولا تفنى ايضا ولكنها تتحول من شكل الى آخر.
الـنـكتة الثانية : وقد تم اثباتها بشكل قاطع من خلال بحوث العلماوتجاربهم وهي : ان هناك علاقة قـريـبـة بـين المادة والطاقة اي ان المادة والطاقة مظهران لحقيقة واحدة , فالمادة عبارة عن طاقة (متراكمة ) اما الطاقة فهي مادة غير متراكمة (منتشرة ) , لذا يمكن ان تتحول احداهما الى الاخرى تـحـت شروط معينة , فالطاقة الذرية هي تحول المادة الى طاقة , وبتعبير آخر ان الطاقة الذرية : هـي انـشـطـار نـواة الذرة وتحرير طاقتها الكامنة , ولقد اثبت العلما بان الطاقة الحرارية للشمس تـحـصل نتيجة الانفجارات الذرية فيها ولهذا السبب تفقد مقدارا كبيرا من وزنها كل اربع وعشرين ساعة ولو ان هذا النقصان ضئيل قياسا بوزن وحجم الشمس .
بـلا شـك وكـمـا ان الـمادة قابلة للتحول الى طاقة كذلك الطاقة فانها قابلة للتحول الى مادة اي اذا تراكمت الطاقة المنتشرة فانها تاخذ حالة الجسم المادي .
وعـلـى هـذا الاسـاس لايـوجد اي مانع من عدم فنا ومحو اعمالنا واقوالناالتي هي طاقات مختلفة وارجاعها مرة اخرى بامر اللّه على صورة جسم .
ومـن الـمسلم له ان كل عمل سيكون جسما بما يتناسب مع خواصه وصفاته , فالطاقات التي تبذل في سبيل الاصلاح وخدمة الناس والتقوى تظهر على شكل صورة جميلة تتناسب مع ذلك العمل .
اما الطاقات التي تستعمل في مجال الظلم والجور والقبائح والفسادفتتجسم على شكل صورة قبيحة مخيفة .
وعـلـى هـذا الاساس تعتبر حالة تجسم الاعمال احدى المعاجز العلمية للقرآن , وكما اتضح ان بقا الـطاقة وتحول المادة اليها وبالعكس لم تكن مطروحة آنذاك فان الايات والروايات تحدثت عن هذا الامـر بـشـكـل واضـح وبـنـا عـلـى ذلك لم تكن هناك مشكلة لا من حيث كون الاعمال من جنس ((العرض )) ولا من حيث فنائهاـ كما اشرنا ـ لاتفنى وان العرض والجوهر وجهان لحقيقة واحدة ويـتـضح هذا المعنى اكثر بالالتفات الى حركة الجوهر حيث ان القائلين بحركة الجوهر يستدلون بالحركات التي تقع في العرض ويرون ان العرض والجوهر لاينفكان عن بعضهماالبعض .
ومن المناسب ان نشير الى هذه النكتة في نهاية الموضوع .
ان الـعـالـم الفرنسي (لافوازيه ) استطاع بعد جهود حثيثة ان يكتشف اصل بقا المادة واثبت ان مواد العالم لاتفنى ابدا بل تتحول من شكل الى آخر.
ولـم يـمـر طـويلا الا واكتشف (پيركوري وزوجته ) ولاول مرة العلاقة بين الطاقة والمادة من خـلال تـجاربه على اجسام (راديواكتيف ) (وهي اجسام تتكون من ذرات غير ثابتة وتتحول بعض اجزاها تدريجيا الى طاقة ) وبهذا الاكتشاف تبدل قانون بقا المادة الى قانون بقا (المادة ـ الطاقة ).
وبـهـذا تزلزل اصل بقا المادة وحل محله اصل بقا مجموعة (المادة ـالطاقة ) واخذت عملية تحول المادة الى طاقة عن طريق انشطار الذرة بعداعلمياواسع النطاق .
ومـن خـلال هذا تبين بان هناك علاقة قريبة بين انشطار المادة والطاقة ويمكن ان تتحول احداهما الى الاخرى , وبعبارة اخرى ان المادة والطاقة شكلان لحقيقة واحدة .
ان هذا الاكتشاف العلمي الكبير احدث تحولا واسعا في مجال البحوث والتجارب العلمية التي اثبتت وحدة العالم اكثر فاكثر.
ان هذا المبدا في مسالة المعاد وبحث تجسم الاعمال ودفع الاشكالات التي كان الاقدمون يطرحونها حول هذه المسالة كان له اكبر الاثر في ازالة موانع اثبات تجسم الاعمال .
3.






رد مع اقتباس
المفضلات